مهندسون من فريق مسبار الأمل في مركز محمد بن راشد للفضاء (أرشيف)
مهندسون من فريق مسبار الأمل في مركز محمد بن راشد للفضاء (أرشيف)
الجمعة 10 يوليو 2020 / 13:23

الإمارات وأمريكا والصين تطلق صيفاً زاخراً بالمهمات إلى المريخ

لسكان الأرض على موعد مهم جديد هذا الصيف مع المريخ، مع انطلاق ثلاث مهام استكشاف نحو الكوكب الأحمر، أفق البشرية الجديد، أملاً في رصد مؤشرات حياة سابقة على سطحه، وتحضيراً لإرسال مهمات مأهولة مستقبلاً.

ولا توفر الدورة الفلكية إمكانية إطلاق وحيدة إلا كل 26 شهراً حين تكون المسافة بين المريخ والأرض أقصر من العادة، ما يجعل الرحلة أسهل. وتكون المسافة عندها 55 مليون كيلومتراً تقطع في غضون ستة أشهر.

مسبار الأمل
وتقف وراء هذه المهمات ثلاث دول. فتفتح دولة الإمارات الشوط في 15 يوليو (تموز) الجاري، بإرسال أول مسبار عربي لاستكشاف الكواكب يحمل اسم "أمل" لدراسة غلاف المريخ الجوي.

ويأتي بعدها دور الصين التي سترسل أول رحلة إلى الكوكب الأحمر مع مهمة "تيانوين" أسئلة إلى السماء، التي تضم مركبة وروبوتاً صغيراً يعمل عن بعد بين 20 و25 يوليو(تموز) الجاري.

أما أكثر هذه المهمات طموحاً فهي الأمريكية "مارس 2020" التي تنطلق في 30 يوليو (تموز) الجاري، ويحط في إطارها المسبار "برسفيرنس" على سطح الكوكب الأحمر في بداية برنامج غير مسبوق بضخامته لأخذ عينات ونقلها إلى الأرض.

وتشكل هذه المهمة محطة أساسية في البحث عن آثار للحياة على هذا الكوكب.

وكان من المقرر إرسال مهمة رابعة روسية-أوروبية، باسم "إيكزومارس" مع مسبار حفار. لكن المهمة أرجئت إلى 2022 بسبب جائحة كورونا.

منجم علمي
هذا الإقبال على الكوكب الأحمر ليس جديداً. فالمريخ، أقرب كوكب للأرض، يشكل منجماً علمياً حقيقياً، واستقبل منذ الستينات في مداره، أو على سطحه عشرات المسبارات الآلية الأمريكية بغالبيتها، فشِل الكثير منها.

لكن منذ مطلع الألفية الراهنة واكتشاف آثار قديمة للمياه السائلة على سطح الكوكب، زادت جاذبية المريخ الذي أصبح أولوية في مهمات استكشاف الفضاء.

وأوضح ميشال فيزو الخبير في علم الأحياء الفلكي في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث الفضائية، وكالة الفضاء الفرنسية أن المريخ "هو الكوكب الوحيد الذي تسنت لنا فرصة رصد شكل من أشكال الحياة السابقة على سطحه، وكلما زادت معرفتنا به، كلما زادت الوعود المرتبطة به. نشعر أن شيئاً مثيراً يتحضر ويجب أن نكون مشاركين فيه".

وصممت وكالة الفضاء الفرنسية أحد الأجهزة الرئيسية في مسبار "برسفيرنس" لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا".

وتحاول أطراف كثيرة منها الإمارات، والولايات المتحدة، وأوروبا، والهند، والصين، أن تسجل نقاطاً في هذا المسعى كما هي الحال بالنسبة للقمر، لتفرض نفسها قوةً علميةً وفضائيةً كبرى.

وتلتحق اليابان بهذا السباق في 2024 مع إرسال مسبار لاستكشاف "فوبوس" أحد أقمار المريخ.

مغامرة استكشافية
ويرتسم وراء ذلك حلم أكبر يتمثل "في المساهمة في مغامرة الاستكشاف البشري للمريخ الذي يشكل الحدود القصوى والذي قد يتوجه إليه الإنسان بعد 20 أو 30 أو 40 عاماً" على ما يقول ميشال فيزو.

ولكن الولايات المتحدة تدرس جدياً إمكانية إرسال رحلة مأهولة إلى المريخ، وهي الوحيدة التي باشرت دراسات مفصلة حول جدوى مغامرة مماثلة، غير أن دولاً أخرى قد تنضم إليها في هذا المسعى، إذ تدرس الإمارات إمكانية إقامة "مدينة علوم" تحاكي ظروف العيش على المريخ لإقامة مستعمرة بشرية فيه بحلول 2117.

"أرض ثانية"
والمريخ راهناً عبارة عن صحراء جليدية شاسعة فقدت ببطء غلافها الجوي الكثيف بعد تغير مناخي واسع النطاق قبل حوالى 3.5 مليارات عاماً، وهو لم يعد تالياً بمنأى عن الإشعاعات الكونية. ويعني ذلك باختصار أنه غير "قابل للسكن"، ولا يمكن تحويله إلى "أرض ثانية".

وقال خورخي فاغو المسؤول العلمي في مهمة "إيكزومارس" بوكالة الفضاء الأوروبية "قبل أربعة مليارات عام كانت الظروف القائمة على سطح المريخ قريبة من تلك التي كانت سائدة على الأرض، عندما ظهرت الحياة فيها".

لكن، لِمَاذا استمرت الحياة على الأرض وانتفت مبدئياً من المريخ، هذا إذا توفرت في الأساس؟ سؤال تحاول الروبوتات والمسبارات المختلفة التي تجوب سطح الكوكب الأحمر الرد عليه، مثل الروبوت الأمريكي "كوريوسيتي".

عمليات معقدة
ويأتي الروبوت "برسفيرنس" لاستكمال استكشافات الروبوت الشهير بالهبوط في منطقة غير مستكشفة سابقاً هي فوهة جيزيرو الغنية بالصخور الرسوبية، مع تضاريس على شكل دلتا قد تكون مصب نهر كان ينتهي في بحيرة. وهو موقع مثالي قد يكون احتفظ بآثار حياة ماضية، ومنها المياه السائلة، والكربون خاصةً.

وسيأخذ "مارس 2020" حوالى أربعين عينة سيعود بثلاثين منها تقريباً إلى الأرض، في إطار مهمة معقدة للغاية على مراحل عدة مع إعادة انطلاق غير مسبوقة.

وستسمح هذه المهمة بتحليل العينات بالاستعانة بأجهزة عالية الفعالية على الأرض. لكن ذلك لن يحصل قبل..عشرة أعوام.