(أرشيف)
(أرشيف)
السبت 11 يوليو 2020 / 22:38

بعد انفجار نطنز.. هل تتفاقم الأزمة بين طهران وواشنطن؟

24 - إعداد: ريتا دبابنة

بعد أن أصبح المركز الإيراني لأجهزة الطرد المركزي النووية، يقع تحت أنقاض متفحمة إثر انفجار غامض، يبدو أن الصراع المستمر منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة وطهران، يتصاعد إلى مرحلة خطرة يُحتمل أن تتفاقم خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

في هذا السياق، كتب ثلاثة من أهم الصحافيين المختصين بالإرهاب الدولي والأمن القومي، ديفيد سانغر، وإريك شميت، ورونين بيرغمان، تقريراً نشر بصحيفة  نيويورك تايمز، يتحدث عن تداعيات الانفجار الذي استهدف منشأة نووية في مدينة نطنز، وخلف أضراراً كبيرة للنشاط النووي الإيراني.

ضرر كبير
تظهر صور الأقمار الصناعية الجديدة على المنشأة المنكوبة أضراراً أكبر بكثير مما كان واضحاً الأسبوع الماضي، وقت الانفجار. وقال مسؤولان في المخابرات، إن إيران قد تستغرق ما يصل إلى عامين لإعادة برنامجها النووي إلى ما كان عليه قبل الانفجار. وتقدر دراسة عامة موثوقة، أن أجهزة الطرد المركزي الإيرانية ستحتاج عاماً أو أكثر حتى تتعافى قدراتها.

وضرب انفجار كبير آخر البلاد في وقت مبكر من صباح الجمعة، يبدو أنه كان متجهاً نحو قاعدة صاروخية، وإذا ثبت أنه كان هجوماً مقصوداً، فسيدرك الإيرانيون أنه حتى مرافقهم النووية والصاروخية الأكثر حساسية وحراسة قد تم اختراقها.


انتقام
وعلى الرغم من أن إيران لم تفصح عن معلومات حول الانفجارات، إلا أن المسؤولين الغربيين يتوقعون نوعاً من الانتقام من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.

قارن مسؤولون مطلعون، بحسب التقرير، بين الانفجار في نطنز وبين الهجوم الإلكتروني Stuxnet الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية قبل عقد من الزمن، والذي تم التخطيط له لأكثر من عام. ولفت هؤلاء اإلى أن النظرية الأساسية هي أنه تم زرع عبوة ناسفة في منشأة تخضع لحراسة مشددة، ربما بالقرب من خط غاز. لكن بعض الخبراء طرحوا أيضاً احتمال استخدام هجوم إلكتروني لتشغيل إمدادات الغاز.

ضربات سرية
من جهة أخرى، كشف مسؤولون آخرون أن هناك استراتيجية أمريكية إسرائيلية مشتركة آخذة في التطور، تتضمن سلسلة من ضربات سرية تهدف إلى الإطاحة بأبرز جنرالات الحرس الثوري وإبطال المنشآت النووية الإيرانية.

وفقاً لتقرير "نيويورك تايمز"، فإن أقرب ما توصلت إليه الإدارة الأمريكية لوصف استراتيجيتها تجاه طهران، جاءت في تعليقات الشهر الماضي من المبعوث الخاص لإيران بريان هوك، قائلاً: "رأينا تاريخياً أن الضعف يقابله المزيد من العدوان الإيراني".

انتهاك العقوبات
ويرى التقرير أنه قد تكون الخطوة التالية مواجهة أمريكية إيرانية حول أربع ناقلات، والتي هي الآن في طريقها إلى فنزويلا، حيث تعهدت الولايات المتحدة بعدم السماح لها بنقل حمولتها من النفط الإيراني، بسبب انتهاكها للعقوبات.

ويحذر المحللون من أن النهج الناشئ محفوف بالمخاطر، وهو نهج قد يعمل على المدى الطويل على دفع البرنامج النووي الإيراني إلى مزيد من السرية، وبالتالي يجعل من الصعب اكتشافه.

رد ضعيف
لكن على المدى القصي، يراهن المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون على أن إيران ستحد من ردها، كما فعلت بعد أن قتلت طائرة دون طيار أمريكية في يناير (كانون الثاني) قائد الحرس الثوري السابق قاسم سليماني، وهو أحد أهم القادة الإيرانيين.

وفيما عبر بعض المسؤولين الأمريكيين عن مخاوفهم من أن مقتل الجنرال سليماني سيقود إيران إلى شن حرب ضد الولايات المتحدة، طمأنتهم ضابطة استخبارات الأمريكية جينا هاسبيل، قائلة إن الإيرانيين سيتبعون نهج الهجمات الصاروخية المحدودة ضد أهداف أمريكية في العراق، والتي اتضح أنها صحيحة حتى الآن. ومن هنا، رجح التقرير بأنه قد يكون رد إيران المحدود حافزاً لمزيد من العمليات ضدها.

ضغوط
ويقول بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين ومحللي الأمن الدولي، إن إيران قد تعتقد أن الرئيس ترامب سيخسر انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، وأن منافسه الديمقراطي المفترض جو بايدن سيرغب في إحياء شكل ما من أشكال التسوية التي توصلت إليها إدارة أوباما مع طهران قبل خمس سنوات.

وبحسب التقرير، رأى الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي كريم سادجادبور، أن إيران ربما تفكر الآن في ما إذا كان من المفترض أن تعمل على التسوية مع إدارة ترامب التي قد يتبقى لها بضعة أشهر فحسب؟".


لكن على المدى القصير، أشار إلى أن الهجوم الجديد وضع إيران تحت "ضغوط داخلية وخارجية شديدة"، مع استمرار الضغط على صادراتها النفطية وجهودها لإحياء البرنامج النووي، انتقاماً لقرار ترامب في مايو (أيار) 2018، وتخليه عن اتفاق 2015.

انشقاقات داخل النظام
وقال: "جغرافياً، إيران أكبر في الحجم من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعة. لكنها لم تتمكن قط من متابعة برنامج نووي سري دون حمايته من التخريب. فهل هناك انشقاق أو خونة داخل النظام؟".

ويلفت التقرير إلى أنه عندما داهم الموساد مستودعاً في طهران في يناير (كانون الثاني) 2018، وكشف عن عشرات الآلاف من وثائق حول تخطيط الأسلحة النووية التي يعود تاريخها إلى نحو عقدين، كان من الواضح أنه حصل على ذلك بمساعدة من الداخل.

وربما كان مقتل سليماني، العقل المدبر لأعمال إيران في العراق والهجمات على الأمريكيين، التي استندت أيضاً إلى معلومات استخبارية، معظمها قدمها عملاء، أكثر تحركات ترامب العسكرية عدوانية كرئيس.

انتكاسة كبيرة
وقع انفجار نطنز داخل مركز تجميع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، حيث كانت البلاد تبني أجهزتها الأكثر تقدماً، والمصممة لإنتاج وقود نووي أكبر بكثير، وأسرع بكثير، من الآلات القديمة المستخدمة.


وخلصت دراسة أجراها معهد العلوم والأمن الدولي نشرت يوم الأربعاء، إلى أنه على الرغم من أن الانفجار "لا يقضي على قدرة إيران على نشر أجهزة طرد مركزي متطورة"، إلا أنه شكل "انتكاسة كبيرة" ستكلف إيران سنوات من التطور.

مواجهة
يشير التقرير إلى أن ترامب لا يمكن التنبؤ بأفعاله، وكثيراً ما هدد إيران، والقادة الإيرانيين الذين تفاوضوا على الاتفاق النووي لعام 2015 مع الرئيس باراك أوباما. في البيت الأبيض، لا يزال كبار مستشاري ترامب للأمن القومي يفكرون في وقت وكيفية مواجهة إيران.

كان القادة العسكريون، بمن فيهم وزير الدفاع مارك إسبر والجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة ، قلقين من التصعيد العسكري الحاد، محذرين من أنه قد يزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

واستشهد مسؤولو البنتاغون بقلق، بنقطتين محتملتين على الأقل يمكن أن يجروا القوات الأمريكية إلى صدام عسكري مع إيران أو وكلاء مدعومين من إيران في منطقة الخليج الفارسي.

صدام عسكري
في العراق، يقول التقرير "هناك نقطة وميض أخرى محتملة، حيث يعتقد أن الميليشيات المدعومة من إيران مسؤولة عن سلسلة متزايدة من الهجمات الصاروخية على السفارة الأمريكية في بغداد وعلى القوات الأمريكية وقوات التحالف بالقرب من مطار بغداد الدولي".

وبعد وفاة الجنرال سليماني، تبادلت طهران وواشنطن ضربات متواضعة في مارس (آذار). ولكن بعد ذلك، بدا أن التوترات خفت حتى أوائل يونيو (حزيران).

وقال قائد القيادة المركزية للجيش الجنرال كينيث ماكينزي، الشهر الماضي: "نشهد بداية تصاعد في الهجمات الصاروخية غير المبررة على القواعد العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية في العراق".