الرئيسان الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيسان الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الأربعاء 22 يوليو 2020 / 14:46

إيران وتركيا.. يداً بيد لقمع المعارضة

24 - إعداد: ريتا دبابنة

يجد الإيرانيون الهاربون من بطش النظام الملالي إلى البلد المجاور تركيا، أنفسهم في حلقة مفرغة تعود بهم إلى طهران اين ينتهي بهم المطاف قتلى إما بالاغتيال، أو الإعدام، أو إلى السجن مدى الحياة.

وكشفت صحيفة "تايمز" البريطانية، موجة اعتقالات وترحيل طالت المعارضين الإيرانيين في طهران، أثارت مخاوف وفزع المعارضين.


مخاوف متزايدة
تقول الكاتبة والصحافية المتخصصة في الشأن التركي هانا لوسيندا سميث، والتي أعدت التقرير، إن قرار أنقرة في الأسبوع الماضي، باعتقال وترحيل سعيد تمجيدي ومحمد رجبي، إلى إيران، وهما صديقان في مطلع العشرينات، شاركا في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحكم عليهما بالإعدام، أثار ضجة وهلع وخوف الجالية الإيرانية في تركيا.


وعلمت "تايمز" أن "ما لا يقل عن سبعة معارضين إيرانيين رحلوا من تركيا منذ 2017، في انتهاك للقانون الدولي الذي يحظر إعادة الهاربين إلى بلدان يواجهون فيها الاضطهاد أو التعذيب، مشيرة إلى أن جميعهم الآن في قبضة النظام الإيراني.

اعتقالات تعسفية
وتلفت سميث إلى أن "خمسة آخرين محتجزين في تركيا في انتظار الترحيل، بينهم عبد الله بوزور زاده، وهو ناشط من الأقلية البلوشية الإيرانية ولجأ إلى تركيا في مايو (أيار) الماضي، بعد اعتقاله وتعذيبه من قبل النظام الإيراني بسبب دوره في الاحتجاجات، وحكم عليه غيابياً بالسجن 11 عاماً، والذي اعتقل في الشهر الماضي في أنقرة". ورغم الإفراج عنه، إلا أن قرار الترحيل لا يزال قائماً.


وقال بوزورز زاده للصحيفة: "وجهت المخابرات التركية اتهامات ملفقة ضدي، مدعية أني أهدد الأمن القومي التركي، رغم أن جميع أنشطتي عن حقوق الشعب البلوشي، وانتقاد ديكتاتورية إيران الإسلامية".

وأضاف "إذا رحلتني إلى إيران، فسأواجه عقوبة السجن والتعذيب ثم الإعدام. لم أعد أشعر بالأمان في تركيا لأني تعرضت للتهديد المتكرر بالترحيل أو الاغتيال".

تشديد العلاقات
ويتزامن الترحيل من تركيا مع تنامي العلاقات بين البلدين. ومنذ يناير (كانون الثاني) 2017، تتعاون تركيا، وإيران، وروسيا في إطار "عملية أستانة" المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة. وعلى مدار الأشهر الستة عشرة الماضية، تعاونت طهران وأنقرة في العمليات الأمنية ضد الجماعات المسلحة الكردية على طول حدودهما المشتركة.


وكان تمجيدي ورجابي من بين 33 إيرانياً نُقلوا من مركز احتجاز في أنطاليا إلى معبر جوربولاك - بازركان الحدودي مع إيران، بعد اجتماع بين الرئيسين الإيراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوغان في قمة الدول الإسلامية في ماليزيا في 19 ديسمبر (كانون الاول) 2019، وحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إيرنا يومها، "اتفق الزعيمان على زيادة تعاونهما في سوريا، وتوسيع التعاون عبر نطاق واسع من القطاعات، بما في ذلك الطاقة، والنقل، والصناعة، والتجارة، والمصارف".

ترحيل إجباري
واعتقل المرحلان بمجرد دخولهما الأراضي الإيرانية ونقلا إلى سجن في طهران، ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، تعرضوا "للركل والتعليق رأساً على عقب، والضرب بشكل متكرر"، قبل إجبارهم على الادلاء باعترافات بثها التلفزيون الحكومي.


وفي فبراير (شباط) الماضي، حُكم على تمجيدي ورجبي بالإعدام مع صديقهما أمير حسين مرادي، بعد إدانتهم بارتكاب أعمال شغب وسطو، وإرسال فيديو عن أنشطتهم إلى وسائل الإعلام الأجنبية.

وأيدت محكمة الاستئناف الحكم، لكن بعد احتجاج دولي بما في ذلك تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أُعلن الأحد قبول طلبهم لإعادة المحاكمة في المحكمة العليا.

عمليات اغتيال
وكانت تركيا تعد طيلة عقود وجهة مفضلة للإيرانيين في المنفى، رغم أنها لم تكن يوماً ملاذاً آمناً حقيقياً، وحسب سميث، كانت هناك اغتيالات للمعارضين الإيرانيين على الأراضي التركية منذ التسعينات، بينها اغتيالات في وضح النهار في شوارع إسطنبول في الأعوام الثلاثة الماضية.  

وعلى سبيل المثال، قتل مسعود مولوي فاردنجاني، ضابط المخابرات الإيراني السابق، بالرصاص في وسط إسطنبول في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

وتتهم الصحافة الموالية للحكومة التركية، عملاء القنصلية الإيرانية في المدينة باغتيال فاردنجاني، ومساعدة القاتل على الهروب إلى إيران بعد ذلك.


وعلى النقيض، فإن عملية اغتيال سعيد كريميان، قطب الترفيه التلفزيوني الذي قتل برصاصة خارج مكتبه في إسطنبول في أبريل (نيسان) 2017، لاقت تكتماً صحافياً، وعلى الرغم من أن الشرطة التركية فتحت تحقيقاً في الحادثة إلا أن أسرته قالت إنها لم تسمع شيئاً بعد حول القضية.

تركيا.. سيئة السمعة
من جهة أخرى، يؤكد منفيون، أن تركيا أصبحت سيئة السمعة بشكل متزايد، وباتت تعتبر دولة غير آمنة لمعارضي النظام الإيراني.

وقال صادق صادق سابا، رئيس تحرير محطة "إيران إنترناشيونال"، القناة الإخبارية المعارضة في  لندن: "لم نسمع الكثير عن ترحيل من تركيا، قبل عامين. الآن يتحدث الجميع عن ذلك. أدركت إيران أنه بعد المظاهرات الأخيرة، توجه الكثير من الشبان إلى تركيا بحثاً عن الأمان. والنظام يريد إبادة هذا الاحتمال".

ومع ذلك، حسب سميث، ارتفع عدد الإيرانيين في تركيا في السنوات الأخيرة، بفضل حرية التنقل دون تأشيرة بين البلدين، فالنساء اللواتي خلعن حجابهن في طهران،، وبطل الباركور الذي نشر صورة على السطح مع صديقته على إنستغرام، والمقاتل الذي رفض الدعاية للنظام، وغيرهم من الإيرانيين، بحثوا عن ملجأ في تركيا.


لجوء
بالإضافة إلى الذين يدخلون بجوازات سفرهم ويحصلون على تصاريح إقامة، يعبر عدد متزايد الحدود مع المهربين. وبين 2018 و2019، زاد عدد الإيرانيين الذين عبروا الحدود إلى تركيا بشكل غير قانوني بأكثر من الضعف، إلى 8753.

ويظل معظمهم في تركيا، ويتقدمون بطلب للحصول على الحماية من الأمم المتحدة. ويوجد اليوم 3558 طالب لجوء إيراني فيها، حسب التقرير. ويحاول عدد منهم السفر إلى أوروبا عن طريق التهريب عبر بحر إيجه.