مقاتلون موالون لأنقرة ينهبون مبنى بعد تدميره في عفرين (أرشيف)
مقاتلون موالون لأنقرة ينهبون مبنى بعد تدميره في عفرين (أرشيف)
السبت 1 أغسطس 2020 / 19:44

"الحمزات" و"العمشات"..ميليشيات تركيا لتدمير وتهجير عفرين

تعيش عفرين السورية أياماً سوداء بسبب استمرار موجات الانفلات الأمني وعدم الاستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان منذ فرض تركيا وعبر الفصائل الموالية لها السيطرة على المدينة قبل أكثر من عامين، وسط صمت من القوى الإقليمية والمجتمع الدولي.

وقال المرصد السوري في تقرير له اليوم السبت، إن عفرين تعيش في ظروف صعبة ويعاني ساكنوها من عمليات سلب لممتلكاتهم وإفقار لجيوبهم، وأكدت المصادر، أنه في 24 يوليو (تموز)  الماضي، أقدم مسلحون من "فرقة الحمزات" الموالية لتركيا، على سرقة عدد من منازل المواطنين في قرية "قدا" التابعة لناحية راجو في ريف مدينة عفرين شمال غرب حلب، في إطار تضييق الخناق على من تبقى من أهالي المنطقة لإجبارهم على الخروج منها.

وبحسب معلومات المصادر، فإن فصيل "سليمان شاه" المعروف بـ"العمشات"، أجبر سكان قرية ياخور (كاخرة) التابعة لناحية معبطلي في ريف عفرين في 24 يونيو (حزيران) الماضي، على الخروج من منازلهم ووضعهم في مخيمات عشوائية واقعة عند الأطراف الشمالية للقرية. واستقدم مسلحي "العمشات" عناصر من عدة كتائب تابعة للفصيل، واتخذوا منازل المدنيين مقرات لهم، إضافة إلى قيام عناصر أمنية تابعة لـ"جيش الشرقية" الموالِ لتركيا، بتهديد نحو 50 عائلة نازحة من مناطق العمليات العسكرية خلال الفترة الأخيرة ضمن محافظتي إدلب وحلب، وإجبارهم على إخلاء المنازل التي يقطنوها في مدينة جنديرس بريف عفرين شمال غرب حلب خلال مهلة محددة، وفي حال رفض الأهالي يتم طردهم بقوة السلاح، ما يهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي في المدينة لصالح النفوذ التركي ومقاتليه.

فقر وبطالة
ونتيجة عمليات السلب والجبايات التي تفرضها الفصائل الموالية، تزايدت معدلات الفقر بين المواطنين في عفرين، حيث يرزح 47% من المواطنين السوريين تحت خط الفقر، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت 70%.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث كشف المرصد السوري في 21 يوليو (تموز) الماضي، عن تعمد الفصائل استغلال المرافق العامة لجباية الأموال، حيث أنشأ فصيلي السلطان مراد ولواء الشمال أبنية ومحال تجارية في محيط الملعب بمدينة عفرين وأجروها لصالحهم، فيما واصلت تلك الفصائل أعمال الحفر والإنشاءات لاستغلال تلك المرافق العامة الحيوية وتأميمها في المنطقة والانتفاع بعائدها لصالح النفوذ التركي وفصائله.

تدمير المواقع الدينية والأثرية
تواصل الفصائل الموالية لتركيا أعمال التنقيب عن الآثار وحفر وتخريب المزارات الدينية بحثاً عن تحف أثرية في عفرين، ففي 15 أبريل (نيسان) الماضي، قالت مصادر، إن مسلحين من فصيل السلطان سليمان شاه "العمشات" بدأوا بعمليات الحفر في تل "أرندة الأثري" الواقع في ناحية "الشيخ حديد" في ريف عفرين الغربي.

ويذكر أن التل يتعرض بشكل شبه يومي لعمليات حفر بمعدات ثقيلة بحثاً عن الآثار من قبل عناصر فصيل السلطان سليمان شاه، الأمر الذي أدى لتضرر التل بشكل كبير وإحداث دمار هائل به نتيجة عمليات البحث العشوائية المتواصلة.

وفي سياق متصل، شهد مزار "شيخ حميد" في قرية قسطل جندو التابعة لناحية شران في ريف عفرين أعمال حفر وتخريب. ويعتبر ذلك المزار مكاناً مقدساً للكرد الإيزيديين، كما يرتاده مسلمو المنطقة، ويعد من المعالم التاريخية لمنطقة عفرين، واتهم الأهالي عناصر الفصائل بالقيام بأعمال الحفر التخريبية بتسهيل من المخابرات التركية.

تغيير ملامح البيئة
لا تزال الفصائل الموالية لتركيا ترتكب الانتهاكات في حق البيئة الطبيعية وتساعد عليها في مناطق عفرين، حيث يواصل المواطنون المهجرون من المحافظات السورية قطع الغابات الحرجية والأشجار في قرية روطانلي التابعة لناحية معبطلي، بعد أخذ موافقة من فصيل سمرقند الموالي لتركيا. وفي منتصف آذار (مارس) الماضي، علم المرصد أن عناصر من الفصائل الموالية لتركيا قطعت عدداً كبيراً من الأشجار من حي المحمودية في مركز مدينة عفرين، تزامناً مع استمرار عناصر الفصائل بقطع الأشجار في مناطق متفرقة من الريف.

انفلات أمني
اتخذ الانفلات الأمني في عفرين أشكالاً عديدة ما بين اشتباكات بين الفصائل المتناحرة وانفجارات المفخخات. وفي يوليو (تموز) الماضي، رصد المرصد اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة بين مجموعات تابعة لفصيل "جيش الشرقية" وسط الأحياء السكنية لمدينة عفرين دون أسباب واضحة، أسفرت عن مقتل مواطنة سورية وإصابة طفلها بجروح خطيرة، بالإضافة لوقوع جرحى آخرين من المدنيين.

وعلم المرصد أن هذه العناصر المتقاتلة تستخدم قذائف صاروخية في صراعاتها، واستخدمت دراجة نارية مفخخة في مدينة عفرين في يونيو (حزيران) الماضي، ما تسبب في مقتل شخصين وإصابة 9 بجروح. وفي 20 يونيو (حزيران)، وقع انفجار سيارة ملغمة وسط أحياء المدينة السكنية، ما أسفر عن إصابة 6 بينهم طفل وخسائر مادية كبيرة.

تنكيل
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عدة وقائع تكشف انتهاك حقوق المدنيين عموماً، والمرأة والطفل على وجه الخصوص. وفي هذا الإطار، اعتقل فصيل الحمزات الموال لتركيا في أبريل (نيسان) الماضي، عدداً من النساء المسنات من أهالي قرية "داركير" التابعة لناحية معبطلي في ريف عفرين وأخلي سبيلهن بعد دفعهن غرامات مالية بعد ثلاثة أيام من اختطافهن.

وفي السياق ذاته، علم المرصد السوري أنه جرى اغتصاب فتاة عفرينية بقرية "كوتنلي" في ريف عفرين في 2 يونيو (حزيران) من قبل عناصر فصيل "السلطان مراد" الموالية لتركيا، ثم هددوا العائلة بتصفيتها إذا لم يتم التكتم على الأمر. وأكدت مصادر موثوقة، في نهاية مايو (أيار) الماضي، وجود عشرات النساء العاريات في معتقلات فرقة الحمزة.

وعن حوادث قتل الأطفال، كشف المرصد السوري في 9 يوليو (تموز)، طريقة جديدة لقتل الأطفال إلى جانب قتلهم في الانفجارات والاجتياحات وعمليات الاقتتال بين الفصائل، وهي "الرمي من علو شاهق"، فقد توفي طفل من مهجري ريف دمشق بعد إلقاءه من قبل مجهولين من الطابق السادس، وقبل ذلك توفي أيضاً طفل بالطريقة ذاتها، كما أصيب 3 آخرين لنفس الأسباب. ووفقاً لأحد الأطفال الذين أصيبوا، فإن "سيدة هي من تقوم بدفعهم من علو شاهق ليسقطوا أرضاً".

أدت سياسات القوات التركية والفصائل الموالية لها في عفرين، إلى كوارث بيئية وإنسانية، وسط تغافل من المجتمع الدولي الذي صم آذانه وغض بصره عن عمليات التنكيل بالمواطنين واغتصاب حقوقهم وحرياتهم، ما يدفع بالمرصد السوري لحقوق الإنسان إلى تجديد مطالباته المستمرة لوضع حد للتوغل التركي في الأراضي السورية، ووقف الانتهاكات التي تمارسها أنقرة في حق المواطنين السوريين.