الأربعاء 5 أغسطس 2020 / 19:44

صور الـ"بوريكورا" اليابانية جدّة السيلفي.. لا تزال صامدة

تعدل تلميذتان ثانويتان ترتديان زيهما المدرسي تسريحة شعرهما أمام المرآة الطويلة في الطبقة السفلى من متجر كبير في حي شيبويا الراقي في طوكيو، فيما راحت مجموعة من الطالبات يضعن اللمسات الأخيرة على تبرّجهن، في انتظار دورهن لالتقاط "بوريكورا".

و"بوريكورا" هذه، صورة تُلتَقَط داخل نوع من أكشاك التصوير، وهو نوع من التصوير عرف بداياته قبل 25 عاماً وشكّل ظاهرة مجتمعية في نهاية التسعينات من القرن الفائت، وإلى اليوم لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في الأرخبيل رغم منافسة الهواتف الذكية وصور السيلفي الذاتية التي تلتقط بها، وفي الواقع، يصحّ القول إن صور "بوريكورا" هي بمثابة "جدّة" صور السيلفي.

وبخلاف صور الأكشاك العادية التي تكون لشخص واحد، تتيح صور "بوريكورا" التقاط صور لمجموعة من الأشخاص، وتنقيحها، وتجميلها ببعض الإضافات التزيينية، وحتى الكتابة عليها بقلم خاص.

وتقول نونوكا يامادا، وهي تلميذة ثانوية في السابعة عشرة "بالنسبة إلينا، هذه الصور تشكّل عنصراً لا غنىً عنه في ثقافتنا وحياتنا اليومية".

وتضيف "كل بنات صفي يأخذن صوراً من هذا النوع، فهي تجعلنا نبدو "كاوايي" (أي ظريفات)، وأن نغيّر وجوهنا".

وفي رأي يوكا كوبو، وهي باحثة مستقلة تنكبّ منذ سنوات على درس الظاهرة، أن إقبال الشباب اليابانيين على "بوريكورا" يشكّل إرثاً نابعاً من التقاليد اليابانية المتعلقة بالصورة، ففي الصورة اليابانية عموماً، "تكمن المفارقة في أن الوجه الذي يُظهِره الشخص والذي يعكس طابعه الفردي الخاص، ليس وجهه الفعلي، بل الوجه الذي يصنعه".

ففي فن "بيجين-غا" (رسوم الأشخاص الوسيمين)، وهو أحد أقدم تيارات فن الصورة الياباني القديم، "لا تظهر الوجوه الحقيقية لهؤلاء الأشخاص الجميلين، بل يُطلى الوجه بالأبيض، ويشوّه، إلى درجة أن التعرف عليه لا يعود ممكناً".

ووصل سوق "بوريكورا" إلى ذروته في العام 1997، إذ بلغت إيراداته 101 مليار ين (نحو 689 مليون يورو في حينه)، وفق ما أفادت الجمعية اليابانية لصناعة الترفيه.

ومع أنها لم تعد منتشرة في كل مكان كما في الماضي، بقي لهذه الأكشاك جمهورها، ولكنها تكيّفت مع موجات الموضة التي تستلهم بدورها التقدم التكنولوجي.

وتسعى "بوريكورا" في السنوات الأخيرة إلى إثبات تكاملها مع الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، وأن تتميز في الوقت نفسه عن صور السيلفي الذاتية من خلال إبراز الطابع الجماعي لهذه الصور.

وباتت أجهزة "بوريكورا" تتيح إمكان تحميل الصور ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي. وتلاحظ كوبو أن "الفتيات يتصورن أيضاً بهواتفهن الذكية خلال جلسة تصوير بوريكورا وينشرن مقطع الفيديو الذي صورنه على شبكة انستغرام، لكي يتشاركن مع الآخرين التجربة برمتها".

وترى الباحثة أن أحد أسباب النجاح المستمر لـ"بوريكورا" أنها "كانت دائماً وسيلة تواصل".

وتشير إلى أن "شبكات التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة" في التسعينات من القرن الفائت، "لكنّ الفتيات كنّ يقطّعن الصور الست عشرة التي كانت تحملها الورقة التي تخرج من الآلة، فيلصقن قسماً من الصور على دفتر خاص، ويـأخذن بقية الصور معهن أينما ذهبن، فكنا يطلعن صديقاتهن عليها أو يتبادلنها معهنّ"، تماماً كما يحصل اليوم لدى نشر الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي.