وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس دندياس (أرشيف)
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس دندياس (أرشيف)
الجمعة 7 أغسطس 2020 / 14:10

ترسيم الحدود بين مصر واليونان يُحطم آمال تركيا في السيطرة على ثروات المتوسط

وقعت مصر واليونان أمس الخميس، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية تعزيزاً للتعاون والعلاقات الودية بينهما، ولقطع الطريق أمام تركيا التي تسعى إلى مد نفوذها عبر شرق المتوسط

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اليوناني نيكوس دندياس، إن "الاتفاق يتيح لمصر واليونان المضي قدماً في تعظيم الاستفادة من الثروات المتاحة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما، خاصة احتياطات النفط والغاز الواعدة، ويفتح آفاقاً جديدة لمزيد من التعاون الإقليمي في مجال الطاقة في ظل عضوية البلدين في منتدى غاز شرق المتوسط".

استقرار المنطقة
وأضاف شكري "كانت علاقات الصداقة بين مصر واليونان عاملاً رئيسياً في الحفاظ على أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط، ومجابهة التهديدات والمخاطر الناجمة عن السياسات غير المسؤولة، الداعمة للتطرف والإرهاب ونشر الإفكار الراديكالية، والخروج عن قواعد القانون الدولي وأسس الشرعية الدولية".

من جانبه، قال وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، إن "مصر واليونان تعيشان يوماً تاريخياً بتوقيع اتفاق ترسيم المنطقة الإقتصادية الخالصة بين البلدين في إطار القانون الدولي وقانون البحار"، مؤكداً أن "الاتفاقية تحترم علاقات الجوار وتساهم في استقرار المنطقة، وأن الاتفاق نتاج مباحثات طويلة بين البلدين"، مشيراً إلى أن "الاتفاق قانوني على عكس أي شيء مخالف وغير شرعي مثل ما وقعته تركيا مع طرابلس، وهي اتفاقية ليس لها وجود ومكانها سلة القمامة".

كبح جماح تركيا
واعتبر مراقبون أن من شأن هذه الخطوة إغلاق المنافذ في تركيا وأطماعها في البحر المتوسط، ذك أنه وبموجب الاتفاق، ستتصدى مصر واليونان للتحركات التركية غير في مياه البحر المتوسط، وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة في التعاون الثنائي والإقليمي للاستفادة من ثروات شرق المتوسط من جانب ومواجهة الإرهاب من جانب آخر.

ويُذكر أن مصر واليونان، أبرمتا اتفاقاً مشابهاً في وقت سابق مع قبرص، التي تعاني سواحلها من استعمار تركي عبر عمليات تنقيب الغار التي تنتهك القوانين الدولية.

انتهاكات أنقرة
وبهذا الاتفاق الجديد، تصبح المنطقة الاقتصادية بين الدول الثلاث خالصة لها، ما يحرم أنقرة من مزايا حاولت الحصول عليها بتوقيع اتفاقية تفاهم بحري مع حكومة الوفاق بطرابلس الليبية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي اعتبرت غير شرعية وتنتهك القوانين والأعراف الدولية.

ورطة تركية
جاء رد تركيا العاضب على اتفاقية القاهرة وأثينا دليلاً على مخاوفها من خسارة النفوذ الوهمي والثروة الموعودة، في المتوسط، وقالت وزارة الخارجية التركية فور إبرام الاتفاق إنه" لاغي وباطل، وينتهك أيضاً الحقوق البحرية الليبية".

ورد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية على حسابه الرسمي بتويتر قائلاً: "بالنسبة لما صدر من الخارجية التركية عن الاتفاق الذي تم توقيعه اليوم لتعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين مصر واليونان.. فإنه لمن المستغَرب أن تصدر مثل تلك التصريحات والادعاءات عن طرف لم يطلع أصلاً على الاتفاق وتفاصيله".

تحجيم تركيا
وبحسب مراقبين، فإن من المرجح أن يرمي اتفاق القاهرة وأثينا البحري بظلاله على تحركات تركيا في المتوسط، ويضع على عاتقها عبئاً كبيراً، ويحجم محاولاتها لمد نفوذها البحري إلى مناطق بعيدة عن مياهها الإقليمية المعروفة.

وكانت تركيا تعول على حليف أوروبي، لشق وحدة صف الدول الأوروبية الرافضة لسياستها المتوسطية، بالتقرب من مالطا، الدولة العضو، والتي كانت لها سابقاً مشاريع مماثلة، في مياه المتوسط.

ويبدو أن تركيا، أحيت آمال مالطا وسعيها للحصول على حصة من الثروات النفطية في المتوسط، على حساب حقوق ليبيا.

وكشفت تقارير إعلامية ليبية، أن التقارب الأخير بين مالطا وحكومة السراج، سببه الدعم التركي، والوعود بتمكينها من امتيازات جديدة، بعد مراجعة حكومة السراج لمواقف ليبيا السابقة وقبولها بالنظر في التخلي عن ملكية الجرف القاري الليبي بالكامل لصالح مالطا، مع يعني تمكين مالطا من حقوق جديدة للتنقيب عن النفط في المنطقة، رغم قرار محكمة العدل الدولية في 1981، بالحكم لليبيا بحقها في كامل الجرف القاري، على حساب مالطا وإيطاليا، وذلك بعد أزمة دبلوماسية كادت تتطور إلى أزمة عسكرية بعد أن هدد العقيد القذافي، بالعمل العسكري ضد أي قطع مالطية أو إيطالية تنقب عن النفط في المنطقة.

وفي هذا السياق، تأتي الاتفاقية المصرية اليونانية، لتقوض المحاولة التركية، التي كانت تحاول نسف الإجماع الأوروبي بالاعتماد على حليف من داخل الاتحاد الأوروبي، بترسيم الحدود بين مالطا وحكومة طرابلس، ثم الاعتراف بين تركيا، ومالطا، وحكومة طرابلس بالاتفاقات بينها على الحدود البحرية، وفرض الأمر الواقع على الجميع.

ولكن الاتفاقية بين مصر واليونان حطمت آمال أنقرة، ووضعت حداً لتصرفاتها الهمجية في منطقة المتوسط، وبحسب الخبراء فإن الاتفاق بعثر الكثير من أوراق تركيا خاصةً أن اليونان لن تقبل الاتفاق التركي الليبي، ومعه الاتفاق المتوقع بين طرابلس ومالطا، وهي التي وقعت اتفاقاً قبل أسابيع مع إيطاليا، أي أن اتفاق بين مالطا وحكومة طرابلس، بمباركة تركيا، لن يحظ بقبول روما مطلقاً، التي كادت تشن حرباً ضد مالطا، بسبب الجرف القاري الليبي،  لتخسر بذلك تركيا كل الجهود التي بذلتها في الفترة الأخيرة، لمحاولة التوصل إلى اتفاق مع دولة أوروبية، تُضفي الشرعية على اتفاقها مع حكومة الوفاق.