متظاهر يحمل العلم اللبناني  في بيروت (لوريان لوجور)
متظاهر يحمل العلم اللبناني في بيروت (لوريان لوجور)
الأربعاء 12 أغسطس 2020 / 22:49

30 مليار دولار على الأقل لإنقاذ لبنان من الانهيار

قد يكون لبنان على وشك تلقي مساعدات عاجلة بـ 298 مليون دولار بعد انفجار مرفأ بيروت، لكن ما يحتاجه لإعادة بناء اقتصاده المتداعي، والذي تشير تقديرات البعض إلى أنه قد يزيد على 30 مليار دولار، لن يأتي دون إصلاح.

وقد تعرقل استقالة حكومة لبنان مثل هذا التغيير، في حين من المرجح أن تخضع خطة إنقاذ مالي وُضعت في أبريل (نيسان) للمراجعة، بل وقد تتخلى عنها الإدارة الجديدة، حسب ما قاله مصدران ماليان مطلعان على الخطة.

وأضاف أحد المصدرين أن خطة الإنقاذ، والتي كان دعمها متعثراً أصلاً قبل الانفجار الدامي في الأسبوع الماضي، تتضمن توقعات لم تعد واقعية بالمقاييس المالية، مثل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وسعر الصرف في السوق الموازية.

وسيقوض ذلك على الأرجح محادثات مع الدائنين لإعادة هيكلة دين لبنان السيادي الخارجي.

وبدأ لبنان في مايو (أيار) محادثات على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي بعد تعثره في سداد ديونه بالعملة الأجنبية. لكنها جُمدت بسبب غياب تقدم على صعيد الإصلاحات وخلافات على حجم الخسائر المالية.

وفي حين تستمر حكومة رئيس الوزراء حسان دياب في تسيير أعمال بعد استقالتها، من المنتظر أن يتسارع تناقص احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي الضئيلة بالفعل بسبب الإنفاق على إعادة بناء مرفأ بيروت، وبنى تحتية أخرى.

وسيكون وضع خطة اقتصادية ذات مصداقية، الاختبار الحقيقي لمن ستؤول له قيادة لبنان الذي يواجه انحداراً في صافي تدفقات رؤوس الأموال في ظل تهافت متزايد على العملة الصعبة.

وقال كارلوس عبادي، مستشار جمعية مصارف لبنان، لرويترز: "المقياس الأمثل لقدرة الحكومة سيكون الخطة الاقتصادية التي تضعها".

وتشير تقديرات جاربيس إيراديان من معهد التمويل الدولي، إلى أنه بعد انفجار 4 أغسطس (آب) زادت احتياجات لبنان من التمويل الخارجي للأعوام الأربعة المقبلة، إلى أكثر من 30 مليار دولار من 24 ملياراً.

وقال عبادي: "للتغلب على حق النقض الذي تملكه الولايات المتحدة في صندوق النقد، سيكون على الحكومة المقبلة إيجاد خطة تركز على وضع الاقتصاد على مسار للنمو في المستقبل، دون إمكانية تحويل المليارات لأغراض إجرامية".

وجدد الصندوق تأكيد دعمه للبنان يوم الأحد قبل أن تستقيل الحكومة، لكنه أكد أيضاً الحاجة للإصلاحات، النقطة التي ركز عليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأسبوع الماضي.

ومع اقتراب عدد اللبنانيين الذين يعيشون في فقر من نصف عدد السكان، تتنوع هذه الإصلاحات من بناء شبكات أمان اجتماعي لحماية الأكثر ضعفاً، إلى ضمان مشاركة النخبة الثرية في عبء الخسائر المالية الناجمة عن إعادة رسملة البنوك.

ودعا ماكرون إلى تدقيق حسابات البنك المركزي والنظام المصرفي، وهو التعليق الذي أثار قلق بعض المصرفيين الذين يخشون أن تستخدم الحكومة البيانات لإعفاء "العائلة والأصدقاء".

وقال عضو البرلمان الفرنسي لويك كيرفران، رئيس لجنة الصداقة اللبنانية الفرنسية، لرويترز إن مثل هذا التدقيق سيهدف إلى كشف ممارسات "غير قويمة" قد تكون أدت إلى الخسائر.

سيف دموقليس
وأكد المانحون الأجانب أنهم لن يقدموا باستثناء المساعدات الإنسانية، أي أموال للبنان دون إصلاحات.

وتعهد الرئيس ميشال عون اليوم الأربعاء بألا تعطل استقالة الحكومة التدقيق في حسابات البنك المركزي.

وبعض الدول يساورها القلق بشكل خاص من تأثير إيران عبر حزب الله، صاحب النفوذ والذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وساعد حزب الله في تشكيل حكومة دياب.

وقال الخبير الاقتصادي توفيق غاسبارد، إنه ما دام حزب الله يسيطر على مفاصل السلطة، فإن التعافي الاقتصادي لن تقوم له قائمة، إذ أن الجماعة لن توافق على إصلاحات مثل فرض ضوابط حدودية وجمركية.

وأضاف غاسبارد الذي عمل مستشاراً لصندوق النقد ووزارة المالية اللبنانية: "هذا سيف دموقليس فوق رؤوس الجميع، إذ لم يعالَج هذا الوضع، فلا يمكنني توقع كيف يمكن أن نحصل على حل مستدام".

وقال إيراديان من معهد التمويل إنه في غضون ذلك، وفي ظل محدودية دعم التمويل الخارجي وزيادة التضخم، وتهاوي سعر صرف الليرة في السوق الموازية إلى 9290 للدولار الأمريكي بحلول 2021 وفق أسوأ التصورات، سيواصل لبنان السقوط.

وأخطر مصرف لبنان المركزي البنوك المحلية بتقديم قروض بفائدة صفرية بالدولار الأمريكي للمتضررين من الانفجار للقيام بإصلاحات، وهو ما يقول المحللون إنه سيأتي من الاحتياطيات الرسمية.

وقال نافذ صاووك من أوكسفورد إيكونوميكس، إن الاحتياطيات قد تقل 6 أو 7 مليارات دولار بنهاية 2020 من نحو 18 مليار دولار.

وتابع "سيستنفد لبنان الاحتياطيات القابلة للاستخدام".