يمنيون يقفون على ركام بيوت دمرتها السيول في صنعاء (أ ف ب)
يمنيون يقفون على ركام بيوت دمرتها السيول في صنعاء (أ ف ب)
الخميس 13 أغسطس 2020 / 13:41

تراث اليمن التاريخي "يسقط ويذوب" بفعل السيول

في صنعاء التي "تسقط وتذوب" على حد قول مسؤولة يمنية، تهدد سيول من المياه الموحلة الحي الأثري المأهول منذ أكثر من 2500 سنة والمدرج على لائحة المواقع الأثرية العالمية، وكذلك سكانه الذين يعانون من حرب مدمرة مستمرة منذ سنوات.

وصنعاء القديمة التي تشتهر ببيوتها المتعددة الطبقات ومنازل الآجر القديمة، ليست الموقع الوحيد الذي تهدده الأمطار إذ حذرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) من أن "الظروف المناخية تهدد بقاء التراث الثقافي الفريد لليمن".

ويحاول علي الورد الذي يقيم في أحد بيوت صنعاء القديمة إزالة المياه. يقول الرجل اليمني المسن "منذ الفجر نحاول صيانة الأسقف بالطين وإزالة المياه منها، لكن كل الذي قمنا به بلا جدوى". ويتابع بأسى "ننام ونحن خائفون، والله نحن بين الحياة والموت".

وتسبّبت الأمطار والسيول التي ضربت اليمن في الأسابيع الأخيرة بوفاة 172 شخصاً على الأقل في أنحاء البلاد بينهم أطفال ونساء وإصابة المئات، بحسب مصادر رسمية ومسؤولين محليين.

وأدت الأمطار الغزيرة منذ منتصف يوليو (تموز) الماضي أيضاً إلى تدمير العديد من المباني والمنشآت وألحقت أضراراً بمواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظّمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وخاصة في صنعاء القديمة وشبام وزبيد.

في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أعلنت "وزارة الصحة" في الحكومة غير المعترف بها دولياً التابعة للمتمردين أن "106 منازل ومنشآت خاصة وعامة تضررت كلياً، و156 (أخرى) تضررت جزئياً" حتى السابع من أغسطس (آب).

ودمّرت بعض المباني في صنعاء القديمة كلياً أو جزئياً نتيجة استمرار هطول الأمطار الغزيرة.

يقول محمد الخميسي الذي يقطن في المدينة القديمة، شاكياً إن "بيوتنا شعبية (قديمة) من الطين. نرجو من المنظمات المجتمعية أن تجد لنا حلاً".

أما المسؤولة في الهيئة اليمنية للمحافظة على المدن التاريخية دعاء الواسعي، فترى أن "حجم الضرر الذي تعرضت له صنعاء هو نتاج الإهمال وعدم الصيانة منذ زمن".

تهديد للتراث
وبحسب الواسعي، فإنّه على الرغم من أن "الميزانية محدودة ونحن في حرب ولدينا مشاكل كثيرة تواجهنا ولكن هذه هويتنا. ومثلما ندافع عن بلادنا، لا بد أن ندافع عن هويتنا التاريخية".

ودعت إلى المزيد من "التنسيق" وإلى "دعم المبادرات الشبابية والمجتمع المدني" من أجل الحفاظ على التراث.

وتعتبر الأمم المتحدة أن الوضع في اليمن يشكل أسوأ أزمة إنسانية إذ يحتاج أكثر من 80% من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية.

مانهاتن الصحراء
على بعد نحو 500 كيلومتر من صنعاء، في محافظة حضرموت، لم تسلم مدينة شبام التي يصفها خبراء الآثار بـ"مانهاتن الصحراء"، نسبة إلى مبانيها البرجية الشاهقة القديمة، من الأحوال الجوية السيئة.

وقال مسؤول محلي، إن أربعة منازل على الأقل دمرت بشكل كلي و15 أخرى دمرت جزئياً.

ويحاول العمال رأب التصدعات على عجل.

ويقول مدير عام مديرية شبام عبد الوهاب عبد الله بن علي جابر، "بسبب هذه الأمطار والسيول، تعرضت المدينة لشبه كارثة حقيقية لم تشهدها المدينة في أوقات سابقة".

ويضيف أن شبام "كان لها النصيب الأكبر في عمليات المتابعة والحصر، لأنها مدينة تاريخية ومدينة ذات معلم إنساني وتاريخي".

من جهتها، أعربت اليونسكو في بيان الثلاثاء، عن "أسفها الشديد للخسائر في الأرواح والممتلكات في عدد من المراكز التاريخية في اليمن، بما في ذلك مواقع التراث العالمي في زبيد وشبام وصنعاء، وخاصة في الأيام الأخيرة في أعقاب الظروف الجوية القاسية التي اكتسحت البلاد".

وقالت المنظمة إن الأضرار الناجمة عن الأمطار تعرض "حياة سكان هذه المراكز التاريخية للخطر، تاركةً البعض دون مأوى ملائم، مع تفاقم الوضع المتردي بالفعل بالنسبة للعديد من الآخرين".

وتابعت "تهدد الظروف المناخية بقاء التراث الثقافي الفريد لليمن".