آثار الدمار في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيف)
آثار الدمار في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيف)
الجمعة 14 أغسطس 2020 / 20:06

زحمة دبلوماسية في لبنان بعد انفجار بيروت

شهدت بيروت اليوم الجمعة زحمة دبلوماسيين وصلوا إلى العاصمة المنكوبة للإشراف على تسليم مساعدات واجراء محادثات حول المستقبل السياسي في البلد المأزوم بعد 10 أيام من انفجار المرفأ المروع.

وفيما يستمر البحث عن مفقودين تحت أنقاض مرفأ بيروت، تسلّم القاضي فادي صوان اليوم مهامه محققاً عدلياً في القضية للاشراف على تحقيقات يشارك فيها محققون أجانب.

وفي بلد صغير لطالما شكل ساحة نفوذ لقوى اقليمية ودولية، حفلت مواعيد المسؤولين بلقاءات مكوكية مع وجود كل من مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل، ووزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، ووزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، التي تعد بلادها في طليعة الداعين الى الإسراع بتشكيل حكومة جديدة.

وعقب الانفجار الذي حول بيروت إلى مدينة منكوبة، وأودى بأكثر من 170 شخصاً وأصاب أكثر من 6500 بجروح، وأضرر أحياء واسعة في العاصمة وشريد نحو 300 ألف من سكانها، قدم حسان دياب استقالة حكومته الإثنين.

وتجري القوى السياسية اتصالات لتسمية رئيس جديد، بينما لم يحدد الرئيس ميشال عون بعد موعداً للاستشارات النيابية الملزمة.

وقال عون اليوم إن المشاورات التي يجريها، قبل تحديد موعد "هدفها تحضير الأجواء السياسية الملائمة لتكون الحكومة الجديدة منتجة ومتجانسة ونتيجة توافق بين مختلف القيادات اللبنانية".

ودعت بارلي بعد لقائها عون إلى الإسراع بتشكيل "حكومة تتولى مهامها لفترة محددة لإجراء إصلاحات عميقة بشكل فعال"، بعد أسبوع من دعوة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى "ميثاق سياسي جديد".

وجاءت دعوة بارلي غداة تأكيد هيل من شارع الجميزة المتضرر الخميس استعداد بلاده "لدعم حكومة لبنانية تعكس إرادة الشعب وتستجيب لها وتلتزم وتعمل بصدق على تغيير حقيقي".

ولم يدل هيل عقب لقائه رؤساء الجمهورية والبرلمان وحكومة تصريف الأعمال ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بأي تصريحات.

ومن جهته، اعتبر ظريف أن "استغلال وجع الشعب ومعاناته لاعتبارات سياسية غير إنساني".

وقال، رداً على سؤال عن موقف بلاده من الدعوة لتشكيل حكومة "محايدة"، إن "الشعب والحكومة اللبنانية يجب أن يقررا ذلك، ولا يجب على الآخرين أن يشترطوا قبل تقديم المساعدات أي تغيير في لبنان خلال حالة الطوارئ هذه".

وتُعد طهران أبرز داعمي ميليشيات حزب الله الإرهابي، اللاعب الرئيسي على الساحة السياسية، والذي نقلت وسائل إعلام محلية رفضه تشكيل حكومة "محايدة".

ويبدي محللون وناشطون خشيتهم من أن تجد القوى السياسية التقليدية في الدعم الدولي الذي يحظى به لبنان منذ الانفجار فرصة لـ"إعادة تعويم" نفسها، بعد تقارير إعلامية عن مسعى لإعادة تسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة، في خطوة يُتوقع أن تثير غضب الشارع الذي سبق له أن أسقط حكومة برئاسته في خريف 2019.

وفي مرفأ بيروت، أين ترسو حاملة المروحيات الفرنسية "تونيير"، التي أقلت مجموعة هندسية من القوات البرية، ومفرزة غواصين من البحرية، ومساعدات غذائية، تواصل فرق التحقيق والبحث عن المفقودين عملها.

وأبلغت عائلات جديدة بالعثور على أشلاء أقربائها، بينها عائلة حتّي التي أعلمت بمطابقة فحوص الحمض النووي لأشلاء عثر عليها لشربل ونجيب حتي، اللذين كانا في عداد 10 عناصر من فوج الإطفاء هرعوا إلى المرفأ قبل الانفجار.

وكتبت أنطونيلا حتي، شقيقة نجيب وابنة عم شربل على صفحتها على فيس بوك "ما من كلمات تصف النار في داخلنا، هل تتخيلون أننا بتنا نهنئ بعضنا البعض لأننا وجدنا أشلائكما؟".

وقالت مايان ناصيف، قريبة الشابين، بتأثر شديد لفرانس برس عبر الهاتف، إن "العائلة لن تقيم مراسم الدفن، والعزاء قبل العثور على شربل كرم"، وهو أحد عناصر الفوج الذين لا يزالون في عداد المفقودين.

وأعلن الخميس العثور على عنصر آخر من فوج الاطفاء، ليرتفع عدد الذين تم قتلوا إلى 7 من أصل 10 تلقوا بلاغاً باندلاع نيران في العنبر رقم 12، دون أن يعلموا ما ينتظرهم داخله من كميات هائلة من نيترات الأمونيوم، تحقق السلطات في أسباب تخزينها دون إجراءات وقاية منذ أكثر من 6 أعوام، قبل انفجارها.

وتقدمت عائلات المئات من الضحايا عبر محامية بطلب إلى جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن مطالبة بـ "تحقيق مستقل"، مبدية "عدم الثقة بالمنظومة الأمنية والسياسية القابضة على لبنان".

ويُتوقع أن يعطي تعيين القاضي فادي صوان على رأس المجلس العدلي، دفعاً للتحقيقات التي تجريها السلطات، بعدما رفض لبنان الأسبوع الماضي، تحقيقاً دولياً في الانفجار.

ويشارك محققون فرنسيون في جمع الأدلة. وأعلنت واشنطن الخميس أن فريقاً من مكتب التحقيقات الفدرالي اف بي آي سينضم الى المحققين المحليين والدوليين قريباَ.

وطالب خبراء أمميّون في مجال حقوق الإنسان الخميس بتحقيق مستقلّ وسريع في الانفجار، معربين عن قلقهم من ثقافة "الإفلات من العقاب" السائدة في لبنان.

ويبدأ صوان الإثنين استجواب 25 شخصاً، بينهم 19 موقوفاً، ادعى عليهم الجمعة النائب العام التمييزي غسان عويدات، بينهم مدير مرفأ بيروت حسن قريطم، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، والمدير السابق للجمارك شفيق مرعي.

وينظر المجلس العدلي في الجرائم الكبرى التي تتعرّض لأمن الدولة وتهدد السلم الأهلي. وتُعدّ أحكامه نهائية، وغير قابلة للاستئناف.