شعار جمعية الإغاثة الإسلامية العالمية (أرشيف)
شعار جمعية الإغاثة الإسلامية العالمية (أرشيف)
الإثنين 24 أغسطس 2020 / 12:34

تمجيد الإرهاب .. يسقط الواجهات الخيرية الإخوانية

تواجه جمعية الإغاثة الإسلامية العالمية أكبر أزمة في تاريخها تهدّد مصيرها وتعصف بمكانتها كأكبر جمعية خيرية في بريطانيا.

ورنزو فيدينو: "مشكلة منظمة الإغاثة الإسلامية لا تقتصر على فرد مارق"

ولم تكد الجمعية التي يعتقد أنّها واجهة غير معلنة لجماعة الإخوان المسلمين في الغرب، تتجاوز عاصفة تسبب بها تورّط أحد قياداتها في تصريحات مجرّمة قانونا تتضمّن تمجيدا للإرهاب، حتى قامت في وجهها عاصفة أشدّ فجّرت أهم هياكلها التنظيمية، إذ أطاحت بمجلس أمنائها، بحسب ما ذكرت صحيفة "العرب" اللندنية.

استقالات جماعية
ونقلت صحيفة التايمز البريطانية في وقت سابق نبأ الاستقالة الجماعية لمجلس أمناء الهيئة، بعد أن كشفت الصحيفة ذاتها أن أحد أعضاء المجلس استخدم تعابير معادية للسامية ومجّد الإرهاب.

وكان حشمت خليفة، أحد أبرز قيادات منظمة الإغاثة الإسلامية، قد اضطر للاستقالة بسبب تصريحات معادية للسامية كانت موثّقة في منشورات له على مواقع التواصل الاجتماعي وصف فيها اليهود بالقردة والخنازير فيما أثنى على حركة حماس الفلسطينية التي يصنّف الاتحاد الأوروبي والمملكة المتّحدة، جناحَها العسكري كتائب عزالدين القسّام، كمنظمة إرهابية بأنّها “أطهر حركة مقاومة في التاريخ الحديث”.

لكن استقالة القيادي بالجمعية لم تكن سوى بداية الأزمة بالنسبة لها، حيث قالت الصحيفة ذاتها إنّها استبدلت وصيّا مشينا، في إشارة إلى خليفة، برجل وصف الإرهابيين بأنهم أبطال، في إشارة إلى المعتز طيارة الذي تضمنت منشورات له على وسائل التواصل الاجتماعي تمجيدا للهجمات على إسرائيل، وأظهرت الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في ملابس تحمل علامة نجمة داوود.

وهذه المرة الثانية خلال شهر تواجه فيها منظمة الإغاثة الإسلامية تدقيقا بسبب التعليقات المحرضة لأحد القائمين عليها. وقد كشف عن المنشورات، وهي باللغة العربية، الأكاديمي البارز المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية لورنزو فيدينو.

وأقرت المؤسسة الخيرية، ومقرها برمنغهام، بأن منشورات فيس بوك لمديرها كانت "غير مناسبة وغير مقبولة"، معلنة عزم مجلس أمنائها التنحي تمهيداً لانتخاب مجلس إدارة جديد تماماً.

وفي الشهر الماضي، استقال حشمت خليفة من رئاسة المنظمة بعدما كشفت التايمز عن منشوراته المعادية للسامية.

وأجبر خليفة أيضاً على التنحي عن منصبه مديراً لصندوق هبات دولي بمحفظة 7 ملايين جنيه إسترليني (نحو تسعة ملايين دولار أميركي) تسيطر عليها المؤسسة الخيرية. وشغل المنصب عوضاً عنه المعتز طيارة، وهو أيضاً رئيس لفرع المنظمة في ألمانيا.

تمجيد الإرهاب
وفي منشورات له، وصف طيارة قادة الإخوان المسلمين وحماس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"العظماء" الذين لبّوا "الدعوة الربانية المباركة"، في إشارة إلى دعوة جماعة الإخوان المسلمين.

وفي منشور آخر وضع رسماً كرتونياً يظهر أوباما وهو يرتدي ربطة عنق عليها نجمة داوود ويجلس في حضنه 3 شخصيات بحجم أصغر، هم المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي والرئيس السوري بشار الأسد وزعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي. وثلاثتهم يهتفون "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل" و"الموت الموت". وقصد طيارة من الصورة الإشارة إلى سيطرة اليهود على الحكم في أمريكا واتهام الزعماء الشيعة بالنفاق.

وكتبت المنشورات بين عامي 2014 و2015. واكتشفتها أولاً الباحثة الألمانية سيغريد هيرمان مارشال، التي نشرتها في مدونة عام 2017.

واعترفت منظمة الإغاثة الإسلامية الألمانية بأنها كانت على علم بمنشورات طيارة منذ العام نفسه، لافتة إلى أنها سمحت له بالاستمرار رئيساً لها بعدما اعتذر وحذف المنشورات وأغلق حسابه على فيسبوك.

وكثيراً ما واجهت المنظمة اتهامات بأن لديها صلات بتنظيمات إرهابية، لكنها كانت تنفي ذلك بشدة، بما في ذلك العام الماضي عندما قالت الحكومة الألمانية إن الجمعية الخيرية لها روابط وطيدة مع جماعة الإخوان المسلمين.

وعندما كُشف عن منشورات خليفة في يوليو الماضي قالت المنظمة إنها "خشيت التعليقات البغيضة"، مؤكدة على التمسك "بأعلى معايير الحياد". وتعهدت في الوقت نفسه "بمراجعة وفحص منشورات الأمناء وكبار المديرين التنفيذيين على وسائل التواصل الاجتماعي لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى".

والسبت الماضي، صرحت المنظمة بأن منشورات طيارة هي الأخرى تتعارض مع قيمها وأنه سيتنحى عن منصبه ولن يلعب أي دور آخر في إدارتها.

قضاء وتحقيقات
كذلك صرحت مفوضية المؤسسات الخيرية في بريطانيا، وهي التي بدأت التحقيق مع إدارة المنظمة، الشهر الماضي، بعد الكشف عن منشورات خليفة بأنها “طلبت اجتماعا عاجلا مع المجلس الجديد” لمناقشة أحدث المزاعم.

وقال طيارة لـ"التايمز" إنه يشعر "بالخجل الشديد" من منشوراته، موضحاً أنه عندما نشرها كان ضائقاً بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن التعليقات، التي ادعى أنه نسخها من مشاركات الآخرين، كانت "مخزية وغير مقبولة".

أما فرع المنظمة الإغاثية في ألمانيا، فنبه إلى أنه "صُدم من المحتوى المعادي للغرب والمناهض لإسرائيل في المنشورات التي تمجّد العنف والإرهاب".

ورأى فيدينو وهو مدير برنامج تحليل التطرف في جامعة جورج واشنطن أن منشورات خليفة وطيارة تكشف عن "مشكلة على أعلى مستويات منظمة الإغاثة الإسلامية لا تقتصر على فرد مارق واحد". وأضاف "مثل هذا السلوك يجب أن يرفع الرايات الحُمر لكل حكومة وطنية ومنظمة مجتمع مدني تموّل الإغاثة الإسلامية وتتعاون معها".