صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الخميس 17 سبتمبر 2020 / 11:47

صحف عربية: "الاتفاق الإبراهيمي" مأزق استراتيجي جديد لإيران

دشنت معاهدة واتفاقية السلام، اللتين وقعتهما دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين مع إسرائيل في واشنطن قبل يومين، مرحلة جديدة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الخميس، أشارت مصادر إلى أن الاتفاقية ستساهم في فك عقدة القضية الفلسطينية وحلحلة المواقف الإسرائيلية، فيما رأت أنها ستشكل مأزقاً استراتيجياً كبيراً لطهران.

خطوة مهمة
قالت الكاتبة الصحافية أمل عبدالله الهدابي في مقال لها بصحيفة البيان الإماراتية، إن "معاهدة واتفاقية السلام، تدشن مرحلة جديدة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، شعارها (تحقيق السلام والاستقرار من خلال التعاون البناء والحوار المباشر)"، مشيرة إلى أن القطيعة وغياب التواصل خلال العقود الماضية، لم ولن تحقق أي سلام منشود، ولن توقف استنزاف موارد دول المنطقة في صراعات عبثية لا طائل من ورائها".

وأضافت أن "النبرة التفاؤلية التي تنظر إلى المعاهدة والاتفاقية وإلى كل التحركات الرامية إلى تحقيق السلام العربي - الإسرائيلي عامة، باعتبارها خطوات مهمة وحاسمة في طريق تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، وفتح المجال واسعاً أمام الاستفادة من الفرص الكبيرة التي يتيحها السلام والتعاون المثمر بين الدول المعنية لتحقيق التنمية والازدهار لكافة شعوب المنطقة، بالتوازي مع خلق آفاق جديدة أمام جهود تسوية القضية الفلسطينية بعيداً عن التشبث بالأساليب العقيمة التي لم تجدِ نفعاً في السابق، ولم تعد تناسب التطورات والأوضاع تشهدها المنطقة والعالم".

وأوضحت "يخطئ من يظن أن هذا التطور يشكل تحولاً في مواقف الإمارات وتوجهاتها، فالإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تؤمن بأهمية الحوار والتعاون مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق السلام والتنمية للجميع".

وتابعت أن "معاهدة السلام مع إسرائيل لن تكون بطبيعة الحال على حساب القضية الفلسطينية، كما يحاول الترويج قصار النظر والمستفيدون من هذه القضية، بل على العكس ستفتح هذه المعاهدات الباب أمام فرص جديدة لتسوية هذه القضية وتحقيق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني؛ فمن خلال التواصل المباشر وبناء علاقات التعاون والمصالح المشتركة، ستكون هناك أرضية للحوار وإزالة جدران الشك والتوجس والخوف التي تعوق التوصل إلى سلام حقيقي بين الطرفين".

ولفتت إلى أن هذه المعاهدات تثبت أمام العالم أن العرب طالبو سلام حقيقي، وليس لديهم أي مشكلة في التعاون مع إسرائيل، وهو ما يضع الأخيرة في موقف المدافع ويضعف حججها في مواجهة المجتمع الدولي، ويضغط عليها لإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

مأزق لإيران
وذكرت صحيفة العرب اللندنية، أن آراء المحللين السياسيين تتوافق مع حالة التشاؤم التي يبديها النظام الإيراني بشأن اتفاقيات السلام المبرمة حتى الآن بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، كونها تشكل مأزقاً استراتيجياً كبيراً لطهران، التي لطالما سوقت لنفسها طيلة عقود أنها حامية الشرق الأوسط من توسيع الكيان العبري على حساب قضايا تمس الأمن القومي لدول المنطقة.

وأشارت إلى أن المسألة ستجعل الإيرانيين يعيدون حساباتهم، قبل الإقدام على أي خطوة قد تجعلهم في مرمى نيران الولايات المتحدة، الحليف الأول لدول المنطقة.

وأوضحت أن مفتاح مخاوف طهران العميقة بشأن التقارب الإماراتي والبحريني مع إسرائيل، يكمن في إمكانية ترسيخ موطئ قدم إسرائيلي في الجوار المباشر للحدود الإيرانية.

ووفقاً للصحيفة، اعتبر الباحثان الإيرانيان ميسم بهرافيش وحميد رضا عزيزي، أن قلق طهران حول التغيرات الحالية في المنطقة سيتواصل وستحاول أن تجد تعليلات وتبريرات من أجل الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، غير أنها ستواجه تحديات لم تواجهها من قبل.

وقال عزيزي، الذي كان أستاذاً مساعداً للدراسات الإقليمية في جامعة شهيد بهشتي الإيراني، إن "اتفاق السلام ينص من بين أمور أخرى على تعاون أمني منهجي وتبادل المعلومات بين الشريكين ضد خصمهما المشترك، وهذا يهدد بخرق المنطقة العازلة الطبيعية لإيران مع إسرائيل".

ورجح بهرافيش، المحلل السياسي بشركة استشارات المخاطر الجيوسياسية الخليجية التحليلية ومقرها الولايات المتحدة، أن يجعل التحالف العربي الإسرائيلي الجديد إيران أكثر عرضة لحملات الضغط والعمليات الأمنية والاستخباراتية من قبل خصومها.

وأشار إلى أن التحالف العربي الإسرائيلي الناشئ، ينذر بالسوء تجاه السعي الإيراني الناجح لفرض العمق الاستراتيجي عبر الشرق الأوسط، ولم يستبعد أن يؤدي التقارب الدبلوماسي بين الإمارات وإسرائيل إلى تفاقم تصور طهران الحالي لـ"الحصار الاستراتيجي"، ما قد يدفعها إلى التصرف بشكل أكثر عدوانية مع قدر أقل من ضبط النفس في جوارها.

تغيير قواعد اللعبة
وبدورها، قالت صحيفة عكاظ السعودية، "لا يختلف اثنان على أن إبرام الإمارات والبحرين اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هو قرار سيادي يخص الدولتين، اللتين وضعتا في اعتبارهما حتماً موقفهما من القضية الفلسطينية وضرورة حلها بما يحقق مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة، ووقف خطة ضم أراضي الضفة الغربية، وأن الاتفاقين يحافظان على حل الدولتين، وأنهما تظلان داعمتين قويتين للشعب الفلسطيني".

وأوضحت أن اتفاق السلام سيساهم في فك عقدة القضية وحلحلة المواقف الإسرائيلية رويداً رويداً، مشيرة إلى أن طرف النشاز المتآمر والمتاجر بالقضية الفلسطينية يرى أن ما حصل هو قتل للقضية ووأد للصراع العربي الإسرائيلي، وهؤلاء هم الذين باعوا القضية بثمن بخس، وعلى رأسهم تركيا وإيران، اللتان تسعيان لتدعيم دورهما الإقليمي والإسلامي على حساب القضية الفلسطينية.

وأضافت الصحيفة "من المؤكد أن النظام الإيراني الذي ظل يتآمر على القضية الفلسطينية ويتشدق بالشعارات يشعر اليوم بالرعب وقرب زوال نفوذه الإقليمي، وإعطاء دفعة كبيرة لاستراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لممارسة أقصى ضغط على إيران، التي هندست وجود ميليشيات طائفية وأصبحت تهدد الدول العربية من خلال نشر الفكر الطائفي في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن".

ولفتت إلى أن نظام الملالي يستخدم قضية فلسطين كإحدى أدوات قوته الناعمة في المنطقة، التي يسعى من خلالها إلى الظهور بصفته زعيم العالم الإسلامي تحت لافتة ما يعرف بمحور المقاومة، واستطاع أيضاً من خلالها في ما مضى كسب شعبية زائفة في الدول الإسلامية.

وذكرت أن "المشروع الإبراهيمي" سيعمل على تغيير قواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع كون تركيا العدو الأكثر خطورة على الدول العربية لدعمها ما يُعرف بـ"الإسلام السياسي"، وهو ما تجسده جماعة الإخوان الإرهابية في عدة دول عربية، خصوصاً تونس وليبيا.

اختبار السقوط
ومن جهته، قال الكاتب الصحافي سليمان جودة في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط "لا ينطبق شيء على الحديث الصادر من تركيا إلى مصر كل فترة، إلا المثل الشعبي المصري الذي يقول: (أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب)".

وأضاف أنه "في مرة سابقة كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد قال إن بلاده طلبت فتح حوار مع القاهرة، وإن الحوار بين الطرفين بدأ أو كاد يبدأ حول قضايا كثيرة مشتركة، وإنه تعطل في المرحلة الأولى من مراحله، وإن السبب كان اعتراض طرف عربي عليه".

وأوضح "لم يكن هذا في مجمله صحيحاً، فضلاً عن أن يصح في تفاصيله، فمثل هذا الحوار إذا كان قد تعطل بالفعل بافتراض وجود نية له طبعاً، فليس لأن مصر لا تريده، ولا لأن طرفاً عربياً لم يشأ الوزير أوغلو أن يسميه قد اعترض عليه، ولكن لأن الطرف الذي أطلقه أو تحدث عنه وعن رغبته فيه إنما هو طرف غير جاد".

وأشار قائلاً "لا بد أن أي مقارنة من هذا النوع، سوف تعيدنا إلى معنى المثل الشعبي المصري المشار إليه، لأنه يعبر عن مخزون من الخبرة والتجربة على مر السنين، ولأننا سوف لا نجد بديلاً عن ترديده ونحن نطالع كلام المستشار، كما رددناه من قبل مع كلام متحدث الرئاسة ومع كلام الوزير جاويش، وكما سنردده بالتأكيد في المرات القادمة مع كل حديث مشابه، ما لم يكن بينه وبين الأفعال على الأرض اتساق".

ولفت الكاتب إلى أن مستوى العلاقات بين الأفراد، وكذلك مستوى العلاقات بين الدول، لا يكفي أن تقول للآخرين إنك إنسان جيد، وإنما لا بد إذا أردت أن يصدقك الآخرون أن تكون جيداً بالفعل، وأن يقوم دليل على ذلك مما تتصرف به وتتحرك على أساسه، وإلا، فإن الآخرين لن يتوقفوا عن تصديقك وفقط، وإنما رصيدك من الثقة عندهم سوف يتبدد بالتدريج.

وأضاف أن السلوك التركي لم يختلف في ذلك عن السلوك الإيراني تجاه المنطقة في العموم، ثم تجاه الخليج والسعودية في القلب من الخليج على وجه الخصوص، وتابع "ليس من معنى لهذا التناقض الصارخ بين القول والفعل لدى العاصمتين، سوى أن ما يقولان به إنما يخرج عنهما من دون قناعة بمضمونه، وأنه بالكثير يقال لمجرد الاستهلاك المحلي في الإقليم، وأن القناعة به لا بد أن تنتج أفعالاً أخرى غير التي نراها أمامنا".

واختتم الكاتب مقاله بالقول "على أنقرة أن تغير في السلوك بدلاً من التزيين في الكلام، إذا كانت راغبة بالفعل في بدء مسار مختلف مع القاهرة، وكذلك على طهران أن تفعل بالضبط، إذا كانت تعني ما تقوله أحياناً عن رغبة في الجلوس مع الرياض على طاولة واحدة، لأن الكلام جرى اختباره في الحالتين، فلم يصمد وكان يسقط في كل اختبار".