أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والسفير الإيراني المغادر محمد علي سبحاني  (أرشيف)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والسفير الإيراني المغادر محمد علي سبحاني (أرشيف)
الأربعاء 23 سبتمبر 2020 / 16:21

قطر تعود إلى التعنت وتلعب ورقة محور الشر التركي الإيراني

عاد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أمس الثلاثاء للمناورة مرة أخرى، في استئناف لجهود الدوحة محاولة الالتفاف على الوساطة الكويتية من جهة، وعلى مطالب الرباعي المناهض للإرهاب من جهة ثانية، مطالباً خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنهاء المقاطعة شرطاً للمصالحة.

وبالعودة إلى شرط أمير قطر، وتكراره أكثر من مرة في كلمته، مؤشر على عودة قطر إلى تعنتها، ورفضها الالتزام باحترام أي بند من بنود المصالحة التي وضعتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب منذ 2017، الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين، لإنهاء المقاطعة وعودة العلاقات إلى طبيعتها، وأبرزها وقف الدوحة تمويل ودعم المنظمات الإرهابية، أساس المشكلة القطرية في الواقع. 

وجاء تراجع أمير قطر وتعنته المتجدد بعد جهود بذلتها جهات عدة لحل الأزمة الخليجية التي بدأت في يونيو (حزيران) 2017، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي دعاوزير خارجيتها مايك بومبيو في الايام القليلة الماضية، إلى حل الأزمة الخليجية، قائلاً، إن إدارة الرئيس ترامب حريصة على حل هذا النزاع وإعادة فتح الحدود الجوية والبرية مع قطر.

كما قاد مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر جهوداً أخرى لإنهاء الأزمة الخليجية، وزار الدوحة في مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري، والتقى أميرها الذي أكد في وفق ما ذكرت مصادر استخباراتية في الشرق الأوسط: "لقد تغيرت الأمور ولا يمكننا الاستمرار في فعل الأشياء بالطريقة القديمة".

ورجح موقع "ديبكا" الاستخباراتي الإسرائيلي يومها، اعتماداً على تلك المصادر أن سياسة أمير قطر قد تغير مسارها استباقاً لفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بولاية ثانية في الولايات المتحدة الأمريكية، بالحد من علاقاته بالجماعات المتطرفة والمعادية للولايات المتحدة.

لم تترجم وعود أمير قطر التي قطعها للولايات المتحدة وغيرها من الوسطاء وأبرزهم الموفدون الكويتيون إلى قطر، لإنهاء الأزمة إلى واقع ملموس، وبقيت الأزمة تراوح مكانها بسبب تعنت الشيخ تميم ومحاولته إلقاء اللوم دائماً على الدول الأربع.

مفاجأة الاتفاق الإبراهيمي
ويبدو أن التطورات الأخيرة، بعد اتفاقيتي السلام بين الإمارات والبحرين من جهة إسرائيل من جهة ثانية، التي شكلت مفاجأة مدوية في الدوحة أكثر من غيرها من العواصم الخليجية والعربية، بحكم العلاقة القديمة بين الدوحة وتل أبيب، دفعت الشيخ تميم، إلى المراهنة أكثر على حليفي الشر القديمين أكثر من السابق.

فإلى جانب تطابق الموقف القطري التام، مع سلطان أنقرة، وملا طهران، تميز رد الفعل القطري على المصالحة التاريخية، والاتفاق الإبراهيمي، بتصعيد متدرج مدفوع من الإخوان، ومن تركيا بدرجة أولى، مستهدفاً دول المنطقة الثلاث، الإمارات، والسعودية، ومصر بدرجة أولى، في محاولة للجم التيار الجارف الجديد الذي ظهر في المنطقة، بالعودة إلى مربع الدفاع عن القضية الفلسطينية، والحقوق التارييخية، ما يرشح الأزمة القطرية مع دول الجوار، إلى انتكاسة خطيرة منتظرة.

وفي هذا السياق لم يفت المراقبين ملاحظة الاحتفاء المبالغ فيه من قطر، بإيران في الأيام القليلة الماضية، وفي رسالة غير مباشرة إلى دول المنطقة، وواشنطن، مروراً بتل أبيب، استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، يوم الإثنين، السفير الإيراني في الدوحة محمد علي سبحاني ومنحه "وسام الوجبة"، مع انتهاء فترة عمله في قطر.

وسام من ذهب
وأفادت وكالة الأنباء القطرية الرسمية بأن الشيخ تميم "منح السفير الإيراني وسام الوجبة، تقديراً لدوره في المساهمة في تعزيز العلاقات الثنائية، متمنياً له التوفيق فيما سيعهد إليه من مهام في المستقبل".

والوسام مستوحى، تصميماً وشكلاً، من رأس الرمح القطري منصوباً على خلفية بشكل هندسي معماري. وعلى جانبيه حبتان من اللؤلؤ، وتتوسطه دائرة مكتوب فيها بخط الثلث: الوجبة، وهو من الذهب الأصفر والأبيض (عيار 18 قيراطاً) ومرصّع بـ184 حجراً من الألماس والياقوت تمثل ألوان العلم القطري.

وإذا كانت هناك رسالة تريد قطر توجيهها للعواصم الخليجية الأخرى، ودول المنطقة، بهذا الاحتفاء فهي دون شك، أنها ماضية في لعبة شد الحبل، في محاولة لتقوية شوكة محور أنقرة طهران في المنطقة على حساب محور الاعتدال، والعقلانية، في انتظار ترتيب أوراق الدوحة بعد صدمة الاتفاق الإبراهيمي، وخط ملامح تحرك جديد، بالاصطفاف النهائي وراء محور الشر، أو مراجعة الموقف بعد انتخابات 3 نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، في انتظار فرصة أخرى أفضل، للعودة إلى سابق العهد والسلوك، واستئناف علاقة الود مع إيران، وتركيا، ومن ورائهما الميليشيات الموالية لهما في عواصم المنطقة، من حزب الله، إلى الحوثيين، ومن الإخوان، إلى داعش والقاعدة.

موقف ثابت
وفي الوقت الذي تواصل فيه قطر المطالبة بالاستجابة لشروطها، أكد الرباعي العربي موقفه الثابت، ويقول المحلل السياسي السعودي الدكتور أحمد الشهري في هذا الإطار، إنه "لا تنازل عن الشروط التي تضمن أمن المنطقة، مثل الامتناع عن دعم الإرهاب وإرسال الأموال للمنظمات والمليشيات الإرهابية، ولجم الإعلام الذي يحرض على الكراهية وزعزعة الأمن في الوطن العربي، والتخلي عن إيواء الهاربين والفارين من العدالة".

وأضاف في حديثه لسبوتنيك يوم الأحد الماضي، أن "المطلوبين على ذمة قضايا في أوطانهم مثل تنظيم الإخوان وغيرهم من الأمور التي لا يمكن إغفالها".

ويرى الشهري، أن حل الأزمة "يستوجب التزام الدوحة بمطالب الرباعي العربي المعلنة، والتي اختصرت في 6 مبادئ في اجتماع القاهرة"، وفي الأثناء فإنه لا مجال لتمكين قطر من أي فرصة للاستمرار في لعبتها الخطيرة.