الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والفلسطيني محمود عباس (أرشيف)
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والفلسطيني محمود عباس (أرشيف)
الجمعة 25 سبتمبر 2020 / 16:26

اتفاق إسطنبول بين فتح وحماس.. من تبادل التخوين إلى القُبل من أجل السلطة

عزا قيادي فلسطيني في حركة فتح، اتفاق إسطنبول بين حركتي فتح وحماس، إلى شعور الحركتين بأن المرحلة المقبلة ستكون لقيادة جديدة قادرة على مجاراة التطورات، خاصة في ملف السلام، وأنهما تسعيان لوقف صعود اسم محمد دحلان، زعيم التيار الإصلاحي في فتح، بديلاً مدعوماً عربياً ودولياً.

يأتي هذا في ظل توتر علاقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمصر والسعودية، بعد توجهه نحو تركيا وقطر وتحالفه مع حماس، للالتفاف على وضعه رئيساً بلا شرعية بعد تمديد رئاسته، دون انتخابات كما يقتضي القانون الفلسطيني.

عدو مشترك
وقال القيادي الفتحاوي في تصريح لصحيفة العرب اللندنية، إن "قيادة السلطة وبعض النافذين في اللجنة المركزية لحركة فتح باتوا يعتبرون أن العدو الرئيسي، هو محمد دحلان، والإمارات على وجه الخصوص، ولهذا فإن اتفاق إسطنبول هو مع التيار القطري التركي في حماس الذي يتركز اليوم في قيادة الضفة الغربية والخارج، ويسعى بدوره لعزل القيادي في حماس يحيى السنوار، صاحب التفاهمات مع دحلان في القاهرة 2018، الذي سمح للتيار الإصلاحي في فتح، بالحركة السياسية والتنظيمية في قطاع غزة".

وأضاف أن حماس الخارج والضفة الغربية، تستعد للإطاحة بالسنوار في الانتخابات الداخلية في مارس (آذار) المقبل، خاصة لأنه يقود حملة داخل الحركة لتطهيرها من الفاسدين والذين أثروا بسبب مواقعهم الوظيفية. ولم يستثن السنوار في حملته إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي يتهمه بإدارة شركات بأسماء أولاده في تركيا، وخالد مشعل الذي لم يسلّم ميزانية الحركة منذ خروجه من رئاسة المكتب السياسي إلى اليوم.

تدخلات
وترى بعض قيادات السلطة الفلسطينية وحركة فتح، في إصرار السنوار على إدراج اسم القيادي الأسير مروان البرغوثي على رأس قائمة تبادل الأسرى مع إسرائيل، تدخلاً في شؤون حركة فتح الداخلية، خاصة أن شعبية البرغوثي تطغى على شعبية القيادات الحالية.

وأعلنت حركتا فتح وحماس الخميس أنهما اتفقتا على انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون ستة أشهر، على أن تجرى الانتخابات التشريعية أولاً، ثم الرئاسية، ثم انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقال سامي أبوزهري المسؤول في حماس في تصريح من إسطنبول، أين التقى مسؤولون من الجانبين في اليومين الماضيين: "هناك اتفاق مبدئي بين الجانبين على إجراء انتخابات خلال فترة ستة شهور".

وأكد جبريل الرجوب، المسؤول في حركة فتح، الاتفاق، وقال إن عباس سيصدر مرسوماً بموعد التصويت.

الاحتماء بمظلة حماس
ويرى محللون أن الرئيس عباس لا يهدف فقط إلى تحييد دحلان ومنعه من خلافته على رأس السلطة، إنما يريد أيضاً الاحتماء بالاتفاق مع حماس من ضغوط أوروبية، تجبره على إجراء الانتخابات، إذ يهدد الاتحاد الأوروبي بقطع المساعدات على السلطة إذا لم تجر انتخابات تشريعية ورئاسية.

ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات على قاعدة النسبية وليس النظام المختلط الذي فازت به حركة حماس في 2006.

ولم ينظم الفلسطينيون أيّ انتخابات عامة منذ 2006، وبدأ الانقسام الداخلي بعدها بعام إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة.

وترأس عباس في مطلع الشهر الجاري اجتماعاً هو الأول منذ سنوات للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بعد إعلان دولة الإمارات والبحرين اتفاقين لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.

لا أفق
لكن العديد من المراقبين يرون أن أفق المصالحة لا يزال مسدوداً، خاصة أن الحسابات تتعلق بالحكم وليس بمواجهة المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية بعد التحولات في الإقليم والعالم في العقدين الماضيين، حسب الصحيفة.

وقال الكاتب الفلسطيني محمد مشارقة، مدير مركز التقدم العربي للسياسات في لندن، إن "طرفي الانقسام يعيشان أزمة ثقة مع الشارع الفلسطيني بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها الغالبية العظمى من المواطنين، وموضوع رواتب الموظفين التي انخفضت إلى النصف للشهر السادس على التوالي".

ولم يستبعد مشارقة في تصريح للصحيفة، أن تعود فتح وحماس إلى صيغة طُرحت في حوارات 2015 وهي دخول الانتخابات بقائمة موحدة، للحفاظ على موقعيهما في السلطة، مقللاً من الحديث عن احتمال تمهيد تفاهمات إسطنبول لإنهاء الانقسام.

وعزا مشارقة ذلك إلى "وجود برنامجين مختلفين، أحدهما مرتبط عقائدياً بمشروع الخلافة الإسلامية ومركزه تركيا، ما يعني إدارة الظهر لمصر وبقية الدول العربية، وثانيهما برنامج حركة فتح التي تقود منظمة التحرير المتحالفة تقليدياً مع ما يعرف بدول الاعتدال العربي".

إشارات خاطئة
وأضاف أن حركة فتح، وأساساً الرئيس عباس، باختيارها تركيا وسيطاً، تقلب تحالفاتها وتعطي إشارات خاطئة للقاهرة، والرياض، وهو موقف يشكل خروجاً عن الثوابت السياسية التي درجت عليها منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الابتعاد عن المحاور والاستقطابات العربية، وأن فلسطين فوق الخلافات العربية.

وقال الكاتب عدلي صادق، إن الفلسطينيين ينظرون بعين الريبة إلى نوايا الطرفين، بحكم تجربتهم الطويلة معهما، وأصبحت هناك قناعة لدى النخب الاجتماعية، بأن هناك فارقاً كبيراً لدى فتح وحماس بين مفهوم المصالحة ومفهوم إنهاء الانقسام.

وأضاف صادق الذي سبق له أن شغل مواقع دبلوماسية فلسطينية "الطرفان متصالحان أصلاً، ويتبادلان المجاملات في الأفراح، والأحزان، لكنهما ظلا حريصيْن على إبقاء الإنقسام، ولا يريدان إنهاءه، لأن كلاً منهما لا يريد التخلي في منطقته عن شيء من سلطته لصالح نظام وطني، قوي ورصين وقادر على مواجهة التحديات".

واعتبر أن ما رشح من رؤى الطرفين لتطبيق المصالحة غير مشجع، خاصةً عندما يقال إن فتح وحماس ستخوضان الانتخابات بقائمة واحدة. فهذه كبيرة إلا على الذي يريد التحايل على المسائل.

بعض الواقعية..
وقال: "المطلوب فلسطينياً في هذه الساعات، بعض التواضع مع بعض الواقعية، وليس الانتقال الفجائي من التخوين، والشيطنة، والفتاوى الرديئة، إلى الحب حتى الالتصاق. فلم يمر وقت طويل على اتهام الفتحاويين في غزة، بالانحراف والخيانة، لمجرد أنهم تفاهموا مع حماس على مصالحة تبدأ مجتمعية وإغاثية. وكان الذين يتهمون هم أنفسهم وفد فتح، إلى محادثات تركيا، والمعترضون بشدة هم أصدقاؤهم وفد الطرف الثاني الموصول بإخوان الخارج".

وشدد صادق على أنه "عندما تخوض الحركتان الانتخابات في قائمة واحدة، سيكون المعنى أن منهجية كل منهما تتطابق مع منهجية الأخرى، وهذا ليس ولم ولن يكون صحيحاً. أما ادعاؤه، فمن شأنه أن يشطب موضوعياً مفهوم المنافسة الديمقراطية".