أردوغان متوسطاً العلم التركي والاتحاد الأوروبي (أرشيف / أ ف ب)
أردوغان متوسطاً العلم التركي والاتحاد الأوروبي (أرشيف / أ ف ب)
الأحد 27 سبتمبر 2020 / 11:18

تركيا والمواجهة الأوروبية

أيمن سمير - البيان

دوائر المواجهة والصراع بين تركيا والدول الأوروبية لا تتوقف عند قبرص واليونان وفرنسا، بل باتت أنقرة عنواناً لكل "الأزمات الأوروبية" في السنوات العشر الأخيرة من دعم للمنظمات الإرهابية، وإرسال المهاجرين غير الشرعيين إلى محاولة إفشال خطط أوروبا في دمج المهاجرين الجدد.

لكن "التنمر التركي" على قبرص واليونان، والعدوانية الواضحة ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، و"الاستعلاء السياسي" في الحديث عن النمسا وألمانيا وهولندا جعل الاتحاد الأوروبي، ومن خلفه حلف الشمال الأطلسي الـ(ناتو) يشعران أن تركيا باتت عبئاً سياسياً واقتصادياً وأمنياً على الجميع، وهو ما يقتضي وقفة واحدة ضد "الانتهازية التركية"، التي تزداد يوماً بعد يوم، فما هي خيارات الأوروبيين في المواجهة مع تركيا؟

القاسم المشترك للسياسة التركية في أي ملف أو أزمة هو أنها تعزف دائماً على "المتناقضات"، وهذا واضح للغاية في الابتعاد والاقتراب من موسكو وواشنطن، وذلك بالضغط على الولايات المتحدة من خلال التقارب مع روسيا، والعكس بالعكس، وفي أوروبا صنعت أنقرة سياسة تقوم على "تعظيم الخلاف" بين ما يسمى بمعسكر "الحمائم" في الاتحاد الأوروبي، بقيادة ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا في مواجهة فريق "الصقور"، الذي تقوده فرنسا واليونان وقبرص، لكن بعد ما جرى في شرق المتوسط، خلال الشهور الثلاثة الأخيرة تأكد "فريق الحمائم" أنه كان على خطأ عندما لم يتخذ إجراءات عقابية صارمة بحق أنقرة.

ولهذا بدأ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في مهاجمة السياسة التركية والتصريحات الاستفزازية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما دعم النواب الألمان في البرلمان الأوروبي حزمة قوية من العقوبات ضد تركيا، وهي إشارة تؤكد أن ألمانيا قد توافق على هذه الحزمة في أي اجتماعات رسمية مقبلة، المؤكد أيضاً أن الدول التي كانت قريبة من أنقرة مثل إيطاليا بدأت تعبر عن رفضها للسياسات التركية، التي تحمّل روما مسؤولية تسليم 22 جزيرة في بحر إيجة لليونان عام 1947، على الرغم من أن الجميع يعلم أن وضع إيطاليا في هذا الوقت ما كان يسمح لها برفض ما يقرره الحلفاء.

المنقذ الوحيد
لكن أكثر ما يدفع الأوروبيين للوحدة في وجه الأطماع التركية أن غاز شرق المتوسط هو "المنقذ الوحيد" لأوروبا في السنوات المقبلة في ظل تزايد مساحات الصراع الأوروبية - الروسية من بيلاروسيا إلى قضية أليكسي نافالني، فغاز شرق المتوسط، الذي ينقله خط "إيست ميد" إلى جزيرة كريت اليونانية، ومنها لإيطاليا، وبعد ذلك يتصل بشبكة الغاز الأوروبية هو الوحيد القادر على الحفاظ على معدلات نمو أوروبية كبيرة في عصر ما بعد "كورونا"، وهو ما يؤكد أن أوروبا لن تقبل بعصا تركيا، التي تعطل دولاب غاز شرق المتوسط.