صورة تعبيرية (أرشيف)
صورة تعبيرية (أرشيف)
الإثنين 28 سبتمبر 2020 / 16:31

الإمارات: حرفية عالية في تعزيز الأمن الغذائي ومكافحة الهدر

تصدرت قضية مواجهة ظاهرة هدر الطعام في ظل جائحة كورونا قائمة أولويات العمل الحكومي في غالبية دول العالم، خاصة مع ما فرضته تداعيات هذا الوباء من تحديات في تأمين الإمدادات الغذائية وكبح جماح الارتفاعات المستمرة في معدلات الاستهلاك.

ويحتفي العالم غداً الثلاثاء باليوم الدولي للتوعية بـ"الفاقد والمهدر من الأغذية" الذي حددته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 29 سبتمبر (أيلول) من كل عام كمناسبة لتكثيف الجهود العالمية، واتخاذ كافة الإجراءات التي تسهم في خفض الفاقد من الأغذية طول سلسلة الإمداد الغذائي بدءاً من الحصاد وصولاً إلى الاستهلاك المنزلي.

وأظهرت دولة الإمارات خلال انتشار فيروس كورونا المستجد حرفية عالية في التعامل مع تحدي تأمين الإمدادات الغذائية لجميع سكانها، ونجحت في المحافظة على وفرة المواد الغذائية في منافذ البيع كافة من دون ارتفاع أسعارها، إلا أن هذا النجاح لم يمنع من طرح النقاش حول العديد من العادات الاستهلاكية في المجتمع، والدعوة إلى تبني سلوكيات أكثر حكمة تقوم على ترشيد الإنفاق والاستهلاك.

ولاقت الدعوة التي وجهها ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال شهر رمضان الماضي، بتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك والتخلي عن عادة الإسراف التي لا تتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي، صدى واسعاً وتجاوباً كبيراً من قبل المجتمع الإماراتي بكل فئاته، حيث أكد الشيخ محمد بن زايد أن الأمن الغذائي منظومة متكاملة لا تتعلق بإنتاج الغذاء فقط وإنما بثقافة التعامل معه أيضاً، مشدداً على ثقافة ترشيد الاستهلاك والتخلي عن عادة الإسراف التي لا تتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي.

وتجاوباً مع توجيهات ولي عهد أبوظبي، سارعت العديد من الجهات والمؤسسات الحكومية والفعاليات المجتمعية لإطلاق المبادرات التي تهدف إلى زيادة الوعي الاستهلاكي الغذائي للسكان، ومنها "الشراء بحسب الحاجة" و"اختيار منفذ الشراء" اللتان أعلنت عنهما وزارة الاقتصاد بهدف توسيع نطاق الترشيد في شراء المواد الغذائية، فيما واصلت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ "مشروع حفظ النعمة" الذي يستهدف علاج ظاهرة الإسراف في استهلاك المواد الغذائية، ولا سيما من خلال مبادرة "سفير حفظ النعمة" التي شملت الكثير من الجهات والمؤسسات.

وتبذل الامارات جهوداً كبيرة من أجل إيجاد حلول مبتكرة وفاعلة لتقليص كميات الطعام التي يتم هدرها، حيث يكلف الهدر الغذائي غير المسؤول، الدولة أكثر من 10 مليارات درهم سنوياً، فيما يهدر الفرد الواحد سنوياً 179 كيلو جراماً من الطعام، وفق أخر البيانات والإحصائيات الرسمية.

وتستهدف الإمارات تقليل هدر الطعام بنسبة 15 في المائة بحلول عام 2021، وفقاً للاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 والتي بنيت على خمسة توجهات استراتيجية، ومن ضمنها تحسين نمط الغذاء عند المجتمع ومشاركته في منظومة الأمن الغذائي، لأن لهم دور فاعل من خلال توجيههم إلى اتباع أنماط غذائية صحية، والحد من هدر الغذاء، وزيادة وعيهم بسلوكيات الشراء الصحيح.

وشهدت الإمارات خلال الفترة الماضية إطلاق العديد من البرامج والمبادرات التي تستهدف خفض معدلات هدر المواد الغذائية من خلال نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك بين جميع أفراد المجتمع.

ويعد بنك الإمارات للطعام الذي تأسس في 2017 أحد أبرز الجهات التي تتعامل بشكل احترافي مع فائض الطعام الطازج والمعلب بإشراف الجهات المعنية المختصة، إلى جانب القيام بتوزيعه داخل وخارجها بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية.

ويقدر حجم الأغذية، التي وزعها البنك منذ تأسيسه، بنحو 21 ألف طن، استفاد منها فئات العمال والأسر المتعففة والجمعيات الخيرية، فيما وقع البنك نحو 13 اتفاقية مع الجمعيات الخيرية وبنوك الطعام خارج الإمارات وهناك توجه لتوقيع المزيد من هذه الاتفاقيات خلال الفترة المقبلة.

ويحمل البنك، ثلاثة أبعاد، محلياً وإقليمياً ودولياً، فهو مؤسسة غير ربحية، تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم في دبي، وهو الأول من نوعه في الإمارات، ويعتبر منظومة متكاملة تعزز روح التعاون في المجتمع، وتساهم في تقليل هدر الطعام وتحقيق الأمن الغذائي، في إطار عمل يوظف الجهود لإرساء مفاهيم العطاء ببعد إنساني.

من جهتها،تواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ "مشروع حفظ النعمة" الذي بدأ منذ عام 2004، لعلاج ظاهرة الإسراف في استهلاك المواد الغذائية، حيث يستقبل المشروع تبرعات الأطعمة الجاهزة والوجبات، التي لم تمتد إليها الأيدي، ويتبع معايير ومواصفات عالية الجودة في السلامة والصحة الغذائية، والحفاظ على الأطعمة الفائضة وطرق إعادة تعبئتها، ومن ثم توزيعها على المستفيدين من الأسر المعوزة وعمال الشركات بسيارات جهزت خصيصاً لذلك.

وتطبق الهيئة من خلال مشروع حفظ النعمة، إجراءات متعددة لتحقيق الاستفادة القصوى من كميات الطعام المهدرة، تقوم على إعادة تدوير متبقيات الطعام لتذهب إلى الأسر المتعففة، وأن يستفاد من الأغذية غير الصالحة للاستخدام في صناعة أسمدة للنباتات وطعام للحيوانات.

بدورها، كشفت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، أنها انتهت من إعداد المسودة الأولية للدليل الإرشادي بشأن تقليل هدر الغذاء - قطاع خدمات الطعام.

وذكرت أنه تم تطوير هذا الدليل لتوفير التوجيه ومساعدة قطاع خدمات الطعام للمساهمة في تعزيز الأمن الغذائي، وحماية البيئة من خلال تقليل مخلفات الطعام، بما يتوافق مع تشريعات هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، فيما يخص السلامة الغذائية وأفضل الممارسات الدولية في مجال التقليل من هدر الغذاء.

ويتبع هيكل هذا الدليل الاستراتيجيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" بشأن الحد من الفاقد والمهدر في الغذاء، والتي تتلخص في أن تكون الأولوية للخيار الأكثر ملاءمة للبيئة.

يذكر أن تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، تشير إلى أن ما يقرب من ثلث الأغذية في العالم تتعرض للهدر سنوياً، وهو ما يعادل نحو 1.3 مليار طن من الطعام، بكلفة تصل إلى نحو تريليون دولار، في المقابل بلغ عدد الجياع في العالم نحو 521 مليون شخص في 2018.