الخميس 1 أكتوبر 2020 / 12:53

لماذا تُرسل تركيا مرتزقة سوريين إلى الحرب في ناغورنو قره باخ؟

مرة أخرى، يتحوّل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان في جنوب القوقاز إلى صراع دولي، حيث اندفعت كل من روسيا وتركيا إلى دعم أحد طرفي النزاع، بعدما اندلعت جولة جديدة من النزاع في 27 سبتمبر(أيلول) الماضي.

إدانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "احتلال" أرمينيا لناغورني كاراباخ واعتباره "أكبر تهديد للسلام في المنطقة"، يجعل من وجود المرتزقة السوريين امراً واقعاً

واتهمت أرمينيا الجيش التركي بنشر مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب أذربيجان. الأمر الذي نفته الدولتان (تركيا وأذربيجان). وعلى الرغم من أن الاتهامات بأن تركيا أرسلت سوريين للقتال في منطقة القوقاز مقلقة، لكنها قابلة للتصديق.

واعتبر الكاتب آدم لامون، في مقال في مجلة "الناشيونال إنترست" أن "تركيا لطالما اعتمدت على الجماعات التي تعمل بالوكالة لتحقيق الاستقرار على حدودها الجنوبية مع سوريا، وكذلك في صدّ هجمات النظام السوري وتطلّعات وحدات حماية الشعب الكردية السورية بالحكم الذاتي والاستقلال. وعلى الرغم من النفي الأذري بأن السوريين يُقاتلون نيابة عن جنودها، بل واتهامها أرمينيا بالاستعانة بمرتزقة وإرهاببين من الخارج في قتالها، إلا أن وسائل الإعلام تضجّ بالأدلة المعاكسة".

شركة أمنية تركية

واستشهد الكاتب بما كشفته صحيفة "الغارديان" البريطانية عن تجنيد "شركة أمنية تركية خاصّة" لعدد من السوريين من شمال غرب مدينة عفرين، للعمل كحرس حدود آذريين، وهو ادعاء شكّك فيه بعض المراقبين لأن الجيش الآذري يتمتّع بالقدرات العسكرية اللازمة عدة وعديداً. وكذلك بما نقلته وكالة "رويترز" عن الأسف الذي أبداه مقاتلان سوريان من عفرين، كان من المقرّر مشاركتهما في القتال في أذربيجان عبر مسؤول من "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، لشعورهما بأنهما مجبران على المغادرة لأن "الحياة صعبة للغاية وفقيرة" في سوريا، خصوصاً بعدما وُعدا براتب شهري بقيمة 1500 دولار.

وأوضح الكاتب أن منطقة الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية سبق وشهدتا عملية تجنيد لشباب في سن القتال، وإرسالهم إلى الحرب في مناطق الصراع الخارجية. وفي هذا الإطار، أشار إلى مناشدات روسيا للرجال "الوطنيين" الذين يعيشون داخل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، للقتال إلى جانبها خلال حربها على أوكرانيا، بل واستأجرت صربيين للقتال نيابة عنها في دونباس.

إيران
كما شرح أن ايران اتبعت استراتيجية "القتال حتى مقتل آخر أفغاني" خلال الحرب السورية، حيث قدّمت طهران مزيجاً من الحوافز المالية والسياسية، مثل الرواتب أو تصاريح الإقامة أو الجنسية، للاجئين الأفغان والعمال غير المُسجّلين الذين كانوا يخشون الترحيل. ثم جنّد "الحرس الثوري الإيراني" هؤلاء الأفغان ضمن فرقة "فاطميون"، كما تكرّر هذا الأمر في باكستان من خلال تجنيد "المتطوعين" الشيعة، "الزينبيين"، قبل إرسال المجموعتين للقتال لصالح النظام السوري.

وأشار لامون إلى أن تركيا، التي تحافظ على تقارب عرقي ولغوي مع "أشقائها" في أذربيجان، تعهّدت بتقديم دعمها الثابت لباكو، بما في ذلك توفير طائرات من دون طيار وأسلحة وخبرات فنية، بعد التدريبات العسكرية المشتركة في أغسطس(آب).

واعتبر أن إدانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "احتلال" أرمينيا لناغورني كاراباخ واعتباره "أكبر تهديد للسلام في المنطقة"، يجعل من وجود المرتزقة السوريين أمراً واقعاً.

ورجّح أنه على الرغم من أن تركيا تُريد انتصار أذربيجان، فإن أنقرة ستمضي بسياسة ضبط النفس، لأن "التجاوز قد يؤدي إلى تصعيد حاد من قبل الجيش الروسي".

ومثلما أرسلت روسيا ذات مرة "رجالًا يافعين" إلى شرق أوكرانيا، رجّح الكاتب أن تركيا تأمل بأن يتيح لها إرسال السوريين للقتال في ناغورنو قرة باخ قدراً معقولاً من الإنكار في مقابل استمرار إظهار دعمها لباكو، بحيث يستفيد الأذريون من المُقاتلين السوريين المُتمرّسين في القتال بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب السورية.

منافسة روسية-تركية
ودعا الكاتب إلى عدم التغاضي عن احتمال تحوّل الصراع الأرمني-الأذري حول ناغورنو قره باخ إلى فرصة أخرى للمنافسة الروسية والتركية وجنوحها نحو العنف، مشيراً إلى أن البلدين يقفان على طرفي نقيض في كل من الحرب السورية والليبية، ولم تستطع الدعوات لوقف إطلاق النار، إنهاء القتال في مناطق الصراع الثلاث.

وترتبط روسيا وأذربيجان ترتبطان بعلاقات وثيقة، لكنّها ضئيلة مقارنة بعلاقات موسكو مع يريفان، إذ نشأ التحالف الروسي-الأرمني من تراث ديني مشترك، وإرث عسكري سوفياتي مشترك، وتكامل اقتصادي في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الروسي، وتضامن في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا (CSTO)، وهي اتفاقية دفاعية سداسية الأطراف تحت مسمّى "الناتو الأوراسي". حتى أن روسيا تُدير قاعدة عسكرية في مدينة غيومري شمال غرب أرمينيا.

وختم قائلاً إنه "لحسن الحظ، تقول روسيا إنها على اتصال دائم بجميع الأطراف التركية والأرمينية والأذرية"، لكنّ في المقابل، "من سوء الحظ أن القتال سيستمر في الوقت الحالي، ولن يؤدي وقف إطلاق النار إلى سلام دائم".