الخميس 1 أكتوبر 2020 / 12:28

ذا تايمز: على الناتو لجم أردوغان في القوقاز قبل الحريق الكبير

24-زياد الأشقر

رأت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية أن حلف شمال الأطلسي يجب أن يتدخل لمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من إذكاء النزاع المزمن في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، محذرة من أن التلكؤ في لجمه سيشجعه على المضي في أفعاله الحارقة.

اندلع القتال مجدداً الأحد الماضي، ويمكن أن يتصاعد. وحذرت الصحيفة من أن النزاع أكثر خطورة من نزاع حدودي تقليدي، لأنه يمكن أن يتسع ليشمل دولاً مجاورة

وأقرت الصحيفة في افتتاحية لها إنه من النادر التوصل إلى حلول للنزاعات بين الدول على الأراضي، وغالباً ما تكون لها تداعيات كبيرة. ولا شك في أن النزاع بين أرمينيا وأذربيجان في جنوب القوقاز بما يتعلق بمنطقة ناغورنو-قره باغ هو من هذا النوع من النزاعات. والتوتر قائم بينهما منذ أكثر من 30 عاماً مع صدامات عسكرية متقطعة، من دون أن يلوح في الأفق اتفاق سلام بين الجانبين.

أخطر من نزاع حدودي
واندلع القتال مجدداً الأحد الماضي، ويمكن أن يتصاعد. وحذرت الصحيفة من أن النزاع أكثر خطورة من نزاع حدودي تقليدي، لأنه يمكن أن يتسع ليشمل دولاً مجاورة، وخصوصاً مع تأجيج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حليف أذربيجان، النزاع. ولذلك، على الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي أن تفهم أردوغان أن سلوكه الزئبقي هو بمثابة تهديد للسلام.

والنزاع على ناغورنو قرة باغ ليس جديداً، فأرمينيا التي تقطنها غالبية مسيحية وأذربيجان التي تقطنها غالبية مسلمة، كانتا من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. وعندما انهارت الشيوعية منذ جيل تقريباً أعلنتا الاستقلال. وبات الإقليم الذي تقطنه غالبية أرمينية يتبع قانوناً لأذربيجان، النقطة الساخنة. وبعد ثلاثة أعوام من انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلن هذا الإقليم الاستقلال. وهذا ما ترتب عليه حرباً بين أرمينيا وأذربيجان، أسفرت عن مقتل 30 ألف شخص، وأزمة لاجئين.

ومذذاك، أمكن التوصل إلى اتفاق لوقف النار توسطت فيه روسيا عام 1994 وبقي صامداً، وإن تكن التوترات بقيت كامنة على نحو ملحوظ مع اندلاع اشتباكات من وقت إلى آخر.

وبرزت مؤشرات لاندلاع القتال عام 2016 بين القوات الأذرية وتلك التابعة لناغورنو-قره باغ المدعوم من أرمينيا. ولقي 200 شخص على الأقل مصرعهم. ومجدداً توسطت روسيا في هدنة، لكن النار بقيت متقدة تحت الرماد. والأحد، تجدد القتال وسقط عشرات القتلى وأعلنت أرمينيا وأذربيجان الأحكام العرفية.

نزاع مجمّد

وكان ينظر إلى النزاع على أنه نزاع مجمد، وذلك لسبب رئيسي يتمثل في أن كلا البلدين لم يضغط من أجل انهائه.

وكانت الحكومتان الأذرية والأرمينية تستخدمان منطقة قره باغ من أجل إثارة الحماسة الوطنية لتعزيز شعبيتهما. ومع ذلك، ليست المسألة نزاعاً محلياً صافياً. فروسيا تقيم حلفاً مع أرمينيا فيما تركيا متحالفة مع أذربيجان، وإيران تملك حدوداً مع البلدين. ومن شأن نشوب نزاع أوسع، أن يتسبب بأزمة انسانية وصدمة اقتصادية، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المنطقة باتت أكثر أهمية مما كانت عليه قبل 30 عاماً لأنها صارت معبراً لأنابيب النفط والغاز التي تغذي أسواق العالم.

جهود السلام
ولفتت الصحيفة البريطانية إن عدم تدخل الولايات المتحدة لم يخدم جهود السلام. فالانسحاب الظاهري لأميركا قد عزز جرأة أذربيجان كي تشن هجوماً عسكرياً، وشجع أردوغان على التمادي في تعبئته الوطنية. إن ذلك يمثل تهديداً للمنطقة، ويتعين على الناتو أن يضطلع بدور حاسم في كبح جماح تركيا الدولة العضو في الحلف. ولا يوجد حل سهل يوفق بين إصرار أرمينيا على أن ينال إقليم قره باغ حق تقرير المصير، وإصرار أذربيجان على وحدة أراضيها.

وكل ما يمكن فعله هو الاتفاق على وقف النار تحت رقابة جيدة.

وخلصت الصحيفة إلى التحذير من أنه إذا تقاعس الغرب عن التدخل، فإن أردوغان سيمضي في صلفه وأفعاله الحارقة. ولمصلحة السلام والاستقرار في وقت الأزمات الدولية، يتعين كبح جماح مثل هذه الأفعال.