الإثنين 19 أكتوبر 2020 / 11:59

الأحلام الصدامية لأردوغان وضعت تركيا على فوهة بركان

وجه الكاتب السياسي في موقع "يورايجن تايمز" أندرو ليونارد انتقادات عنيفة لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كاتباً أن طموحات أنقرة في عهده، أصبحت صدامية ومتهورة.

على تركيا التراجع عن سياساتها الاستقطابية وموافقها المتعجرفة التي تضعها في موقع منبوذ بشكل متزايد

وحسب الكاتب أدى الإصرار على تحدي الحدود الإقليمية، والتنصل من القوانين والأعراف الدولية، ونزعتها الأحادية غير المقيدة، والارتباط باللاعبين غير الحكوميين، إلى تهميش أنقرة من جيرانها وإلى عزلة دولية غير مسبوقة، وتعرضها لإدانات من حلفائها السابقين، وتركتها هذه المبادرات غير الحكيمة مع قلة من الشركاء الاستراتيجيين وعدد متزايد من الخصوم الجيوسياسيين.

شحن المتطرفين إلى أذربيجان
جذب النزاع الأرمني الأذري على إقليم ناغورنو قره باخ تركيا، فدعمت باكو التي تستفيد من الطائرات التركية دون طيار. وشحنت أنقرة مرتزقة سوريين إلى أذربيجان لقلب موازين القوى رغم أنها تنفي ذلك. ومن المرجح أن هذا التصعيد أزعج روسيا التي لا تشكل قوة وساطة إقليمية وحسب بل ترتبط مع أرمينيا بميثاق أمني أيضاً.

وفي 10 من الشهر الجاري، توسطت روسيا بين طرفي النزاع للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار دام أقل من 24 ساعة. وبعد فترة قصيرة، أصدرت تركيا بياناً دعت فيه أرمينيا إلى الانسحاب بشكل كلي من الإقليم المتنازع عليه، شرطاً مسبقاً للمحادثات.

ورأى ليونارد أن هذا الموقف يعقد الوساطة الروسية لا لأنه يدعم انفصالاً جذرياً عن وضع قائم طوال ثلاثين سنة فقط بل لأنه يظهر أيضاً سياسة تركيا المتصلبة من النزاع.

واشنطن تنضم إلى الإدانة
كانت تركيا في صدام مع اليونان، وقبرص، وإسرائيل، ومصر حول احتياطات الغاز في شرق المتوسط، بسبب رفض تركيا الاعتراف باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وتدهورت العلاقات التركية اليونانية بالتحديد بسبب رفض أنقرة هذه الاتفاقية. في 15 سبتمبر (أيلول)، الماضي هدد أردوغان اليونان قائلاً: "إما أن يفهموا لغة السياسة والديبلوماسية، وإما في الميدان مع تجارب مؤلمة".

وفي 12 من الشهر الجاري، صعّدت تركيا التوتر أكثر بإرسال سفينة إلى جنوب جزيرة كاستيلوريزو لإجراء مسح زلزالي. وأدانت اليونان، وفرنسا، وبروكسل الخطوةن وانضمت إليها الولايات المتحدة التي أصدرت بياناً في اليوم التالي جاء فيه "لن يحل الإكراه والتهديدات والترهيب والنشاط العسكري التوترات في شرق المتوسط. نحث تركيا على إنهاء هذا الاستفزاز المقصود والبدء فوراً في محادثات استكشافية مع اليونان".

فشلت في تعلم الدرس
أصبحت تركيا راسخة القدمين في الحربين السورية والليبية، أين تعارض روسيا المتفوقة عليها عسكرياً. ففي ليبيا، تريد أنقرة استخراج موارد الطاقة بموافقة حكومة الوفاق المحاصرة، مقابل دعم ديبلوماسي وعسكري.

ورغم نجاحها الأولي في دعم حكومة الوفاق، لن تستطيع تركيا التنافس لفترة طويلة ضد مجموعة من القوى الدولية والإقليمية الداعمة للجيش الوطني الليبي.

وهذا درس فشلت في تعلمه بسوريا، إذ بعد حوالي 10 أعوام من تورطها هناك، أخفقت في تأمين منطقة عازلة بعرض 30 كيلومتراً على حدودها. ورغم نجاحها في دفع الأكراد بعيداً من الحدود الشمالية لسوريا، إلا أنه لا يزال عليها التعامل مع ملايين اللاجئين السوريين الذين يستنزفون اقتصادها بشكل دائم.

على تركيا أن تقرر
في أغسطس (آب) الماضي، شغلت تركيا إحدى منظومات أس-400 الروسية لتعقب مقاتلة يونانية من طراز أف-16.

لم تُغضب بذلك اليونان وحسب بل عدداً من أعضاء حلف شمال الأطلسي أيضاً. ومنعت واشنطن أنقرة من شراء مقاتلات أف-35 الحديثة، ودرست ودول أخرى في الناتو سبل معاقبة تركيا بسبب تقويضها لأمن الحلف العسكري.

في نهاية المطاف، على تركيا أن تقرر مكمن ولائها، لأن عضويتها في حلف شمال الأطلسي قد تكون على المحك، وفقاً للكاتب.

قصر النظر التركي 

يشير ليونارد إلى أن حملات أنقرة الإقليمية لم تثمر مكاسب جيوسياسية جوهرية، لأن لا شهية لديها لاستثمار مواردها الخاصة لتحقيق أهدافها الكبيرة. وعوض ذلك، كلفت تركيا المرتزقة والمتطرفين الأجانب بتأمين مصالحها الخارجية.

ولكن هذه الحلول الموضعية وقصيرة النظر تؤكد فشل أنقرة في تقييم تعقيدات الحروب الأهلية، وبراميل البارود الإقليمية الجيوسياسية التي وقعت في فخها.

صبر المجتمع الدولي ينفد

من المرجح أن تكون الخطابات الحربية الاستفزازية التي يلقيها القادة الأتراك محاولة لتشتيت الأنظار عن الاقتصاد المتعثر، وتآكل المؤسسات الديموقراطية.

ولكن صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد على هذه التكتيكات. وعلى تركيا التراجع عن سياساتها الاستقطابية وموافقها المتعجرفة التي تضعها في موقع المنبوذ بشكل متزايد.

وأكد ليونارد أنه كلما أسرعت أنقرة في إدراك تعذر مواصلة هذه السياسة الخارجية، كلما تمكنت بطريقة أسرع من التخلي عن مغامراتها غير الحكيمة وإصلاح علاقاتها الإقليمية والدولية.