المدروس المنحور صامويل باتي يمين الصورة والمحرض الإخواني عبدالرحيم الصفريوي (أرشيف)
المدروس المنحور صامويل باتي يمين الصورة والمحرض الإخواني عبدالرحيم الصفريوي (أرشيف)
الإثنين 19 أكتوبر 2020 / 14:37

بصمات الخطاب الإخواني وراء ذبح المدرس الفرنسي... الصفريوي نموذجاً

كثفت السلطات الفرنسية حملتها ضد المتطرفين على أراضيها بعد الهجوم الإرهابي على مدرس تاريخ على يد شاب شيشاني قرب باريس يوم الجمعة الماضي.

بعد العملية التي أثارت ضجة كبيرة في فرنسا، لم تتأخر التحقيقات القضائية في الربط بين الهجوم ووجوه إسلامية معروفة بتحريضها ودعوتها للإرهاب، أبرزها أبرزها الناشط من أصل مغربي عبد الحكيم الصفريوي، الذي تربطه تقارير مختلفة اليوم بجريمة ذبح المدرس صامويل باتي، بعد أن تأكد تحريضه لوالدة طالبة في مدرسة بوا دوولن في كونفلان، في بداية أكتوبر(تشرين الأول)، للمطالبة بإقالة الضحية، الذي عرض على طلابه من غير المسلمين في إطار حصة عن حرية التعبير، رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد.

تاريخ طويل
ولم يكن ظهور الصفريوي على الساحة مفاجئاً وهو الذي تميز بتاريخه الطويل في التحريض منذ أواخر 1980.

وفي السنوات القليلة الماضية، اشتهر الصفريوي، بحملاته وهجماته ضد إمام جامع درانسي في باريس، حسن الشلغومي، الإمام من أصل تونسي، المناهض للتشدد والتطرف، والمعروف بمواقفه الداعمة للسلامة والتعايش، الذي طالته تهديدات الصفريوي وأنصاره، وتطورت من تبادل تهم وتلاسن إلى قضايا منشورة أمام المحاكم بدعو التشجيع على الإرهاب، وتخصيص الداخلية الفرنسية حماية دائمة للشلغومي ضد أنصار الصفريوي.

واشتهر الصفريوي أيضاً بين أنصار "الإسلام الفرنسي" بما يعرف بـ "ائتلاف الشيخ ياسين" تيمناً بمؤسس حركة حماس الفلسطينية الراحل أحمد ياسين، إلى جانب تمجيده المستمر للإخوان المسلمين، والترويج لأنشطتهم وبرامجهم في فرنسا، سواءً عبر "أئمة فرنسا" أو المنظمة الأكبر التي يُهيمن عليها الإخوان في البلاد "مسلمو فرنسا" والتي كانت تعرف سابقاً بـ"اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا".

وبادرت السلطات الفرنسية باعتقال الصفريوي في إطار التحقيقات في الجريمة، ليس فقط لدوره في التحريض والتشجيع على العنف والدعوة إلى الإرهاب، والتخلص من المدرس، ولكن أيضاً بسبب سجله الحافل لدى الاستخبارات الفرنسية، خاصةً على رأس "ائتلاف الشيخ ياسين" التي تُعد من أخطر المجموعات المتطرفة في مساجد باريس السرية، غير النظامية، ومن أنشطها في مجال الدعوة إلى الأنشطة غير القانونية، والتحريض على الكراهية، مثل التحالف بين الصفريوي والممثل الفرنسي من أصل كامروني، ديودونيه، المحكوم في عشرات القضايا بتهم معاداة السامية، والدعوة إلى التباغض، والكراهية بين الأجناس.

ويأتي إيقاف الصفريوي أيضاً في إطار الحملة التي أطلقتها السلطات الفرنسية أخيراً ضد المتطرفين من كل المدارس الإسلامية، بما فيها الإخوان، الذين كانوا يتمتعون في السنوات السابقة بنوع من الحصانة من الملاحقة، بدعوى أنهم الأكثر اعتدالاً في الأوساط الإسلامية الفرنسية، ولكن الأحداث الكثيرة التي شهدتها فرنسا في الأعوام الماضية، رفعت الحجاب عن الدوائر والسلطات، التي كانت تتجاهل تورط الإخوان في المشاريع الإرهابية داخل وخارج فرنسا، مثل الصفريوي مثلاً الذي اشتهر منذ التسعينات بالعمل في قطاع النشر والطباعة لكل الكتب والمراجع التي شكلت أساس الفكر المتطرف الجديد، الذي عرفته فرنسا بدايةً من عام 2000، ومن أبرز إنجازات الصفريوي في تلك الفترة ترجمته لكتب الزعيم الأول للإخوان، يوسف القرضاوي مثلاً، في 2006.

وفي هذا السياق، مثلاً سارع حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب اليوم، الواجهة السياسية للإخوان في المغرب، إلى نفي أي صلة له بالمتطرف الفرنسي من أصل فرنسي، وقال بيان لفرع الحزب في فرنسا "للحقيقة وتنويرا للرأي العام ورداً على هذه الجريدة ،نؤكد أن المعني بالأمر ليس عضواً بفرع الحزب بفرنسا، ولا تربطه أي علاقة بحزب العدالة والتنمية" وذلك رداً على تقرير لمجلة الإكسبريس الفرنسية الأحد، أكدت فيه أن الصفريوي من المنتمين إلى فرع الحزب في فرنسا.

ومن جهتها نقلت كالة فرانس برس، عن المنسق الوطني للمخابرات ومكافحة الإرهاب في فرنسا لوران نونيز، أن الحركات الإسلامية "الأقلية، تحاول إقناع المسلمين بأن فرنسا دولة معادية للمسلمين. وتسعى إلى استغلالها"، والصفريوي، المعروف لدى المخابرات، يقع ضمن دائرة الاتهام، لأنه ضالع في أنشطة مماثلة. 

ولكن رغم بشاعة الجريمة، التي ذهب ضحيتها مدرس التاريخ الذي نحره الشاب الشيشاني قرب باريس، ربما تشكل هذه العملية منعرجاً جديداً في تعاطي السلطات الفرنسية مع الإسلامي السياسي، بمختلف واجهاته، خاصةً التيارين السلفي، والإخواني الذين أصبحا يُهيمنان على المشهد في فرنسا، عبر عشرات المنظمات والمؤسسات الدينية والتعليمية، والإعلامية، والتمويلية، انتهت إلى خلق مجتمع موازٍ، لا تنقصه سوى الدولة، لتعبر عنه، داخل الدولة الفرنسية، وهو ما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقبله عشرات السياسيين الآخرين الذين انتبهوا ولو متأخراً لخطورة تسرب الإخوان إلى النسيج الاجتماعي الفرنسي مثل رئيس الحكومة السابق مانويل فالس، الذي طالب رسمياً بحظر المنظمات الإخوانية، ونبه من خطورتها وسعيها لاختراق المجتمع الفرنسي، وتعبئة المسلمين في فرنسا، خلف مشروع التنظيم العالمي للإخوان.