الأربعاء 21 أكتوبر 2020 / 12:36

مع ترامب أو مع بايدن...إيران ستكون مفاوضاً صعباً

24 - زياد الأشقر

عن التوجهات المحتملة للأزمة بين الولايات المتحدة وإيران بعد الانتخابات الأمريكية، كتب الباحث محمد آية الله تبار في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أن الرئيس دونالد ترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، كان يأمل دفع إيران لتوقيع اتفاق في مصلحة الولايات المتحدة.

النخبة في البلاد تصطف اليوم خلف التحول الحاسم لإيران نحو الشرق، عقب 30 عاماً من الخلافات حول وجهة السياسة الخارجية

ولتحقيق هذه الغاية، انتهجت الولايات المتحدة سياسة "الضغط الأقصى" من العقوبات التي أدت إلى انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 7% بين 2019 و2020، وتراجع العملة إلى مستويات قياسية.

وفرضت واشنطن أخيراً مزيداً من العقوبات على النظام المصرفي الإيراني.

ومع ذلك، رفضت طهران التفاوض على اتفاق، واعتبرت الرضوخ للمطالب الأمريكية استسلاماً كاملاً.

وعوض ذلك، استأنفت إيران بعض أنشطتها النووية التي علقتها في وقت سابق، وواصلت، وربما وسعت برنامجها الصاروخي، وزادت نفوذها الإقليمي.

جولة جديدة من الديبلوماسية
ورغم هذا التصعيد الخطير من الجانبين، فإن كثيرين يتوقعون جولة جديدة من الديبلوماسية المكوكية بين طهران وواشنطن عقب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في الشهر المقبل.

وسبق للمرشح الديموقراطي جو بايدن القول إنه إذا فاز، فإنه سيعود إلى الاتفاق النووي، الذي فاوض عليه الرئيس السابق باراك أوباما، عندما كان بايدن نائباً له. وفي الوقت نفسه، أعرب ترامب عن ثقته في قدرته على توقيع اتفاق جديد مع إيران في غضون أسابيع إذا أُعيد انتخابه.

وأشار الكاتب إلى أنه على رغم الخلافات، فإن المؤيدين والمعارضين للاتفاق النووي يعتقدون أن معاودة فرض العقوبات في العامين الماضيين، وفرت للولايات المتحدة رافعة حاسمة يمكن استخدامها ضد إيران.

ومع ذلك، يختلف الجانبان على استخدام الولايات المتحدة هذه الرافعة للحصول على اتفاق أفضل في إطار الاتفاق السابق، أو لزيادة الضغط حتى التوصل إلى تنازلات أكبر من إيران، بما في ذلك وضع حد لبرنامج تخصيب الأورانيوم.

وتفضل إدارة بايدن تخفيف العقوبات مقابل المزيد من القيود على النشاطات النووية لإيران أكثر مما جاء في الاتفاق السابق. أما إدارة ترامب الثانية، فقد تعرض بعض الحوافز وتزيد الضغط على إيران لتقديم تنازلات تتجاوز تلك الواردة في اتفاق 2015.

ويفترض الجانبان أن إيران في موقف يائس للدخول في مفاوضات جديدة لتخفيف العقوبات  الأمريكية وإنقاذ اقتصادها.

خلط الحسابات
ويضيف الباحث أن الانطباع السائد عن إيران لدى مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، تفوته مع ذلك، نقطة حاسمة. فمنذ أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، طرأ على المشهد السياسي الإيراني تغيير عضوي أعاد خلط الحسابات في هذا البلد، مشيراً إلى أن لدى إيران مصادر جديدة للقوة، محلياً ودولياً، وهي تنظر إلى الولايات المتحدة بنظرة مختلفة عما تتخيله واشنطن.

ومن النادر في تاريخ إيران أن عملت سياستها الخارجية بمثل الانسجام الراهن. وأدى قتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني والعقوبات الأمريكية التي وصفها الرئيس الإيراني حسن روحاني بـ "حرب اقتصادية"، إلى تعاون استثنائي بين الفصائل السياسية في البلاد مع اتخاذ "الحرس الثوري" موقع إدارة الدفة.

انسجام واضح
ولفت الكاتب إلى أن انسجام الفصائل الإيرانية واضح في التصرفات الأخيرة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، وهو الذي يُعد رفض الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) إعادة فرض عقوبات على إيران بمثابة انتصار ديبلوماسي شخصي له.

ويعمل وزير الخارجية نفسه، الذي فاوض على اتفاق 2015، والذي اعتبره الكثير من الإيرانيين البوابة نحو علاقات أفضل مع الولايات المتحدة، على تعزيز علاقات إيران بروسيا، ووضع اللمسات النهائية على اتفاق استراتيجي مع الصين لمدة 25 عاماً.

ومن خلال استقدام إيران، روسيا والصين إلى الشرق الأوسط لإحداث توازن مع الولايات المتحدة، فإن ظهران تسعى إلى إيجاد منطقة متحررة من الدولار، بالتعاون مع بعض جيرانها إلى جانب روسيا والصين.

الاستدارة نحو الشرق

ورأى الكاتب أن النخبة في البلاد تصطف اليوم خلف التحول الحاسم لإيران نحو الشرق، عقب 30 عاماً من الخلافات حول وجهة السياسة الخارجية، علماً أن المعارضة المحلية لمثل هذا التوجه كانت سلبية إلى حد ما، وهذا دليل آخر على التغيير في الوضع الداخلي لإيران.

ولاحظ الكاتب أن إيران تتطلع بشكل متزايد إلى روسيا والصين اللتين تظهران عداءً متزايداً لأمريكا، من أجل تحقيق مكاسب أمنية واقتصادية.

الصورة الإيجابية
ولا تشهد إيران سياسة خارجية موحدة أكثر فحسب، وإنما يرى قادتها أن مصداقية وأفضلية الولايات المتحدة الدولة المنافسة والليبرالية والديموقراطية، تراجعت في عيون الإيرانيين.

وتبدو طهران واثقة من أن واشنطن بانتهاكها الاتفاق النووي، وإساءة معاملة الأقليات والمهاجرين وحاملي الجنسية الإيرانية، وإخفاقها في وقف انتشار كورونا، قوضت الصورة الإيجابية التي تمتعت بها الولايات المتحدة طيلة عقود.