الخميس 22 أكتوبر 2020 / 12:33

ما الدرس السوري الذي كان على بوتين تعلمه من أردوغان؟

رأى الأستاذ المشارك في معهد موسكو الرسمي للعلاقات الدولية مكسيم سوشكوف أن العنصر التركي في النزاع حول ناغورنو قره باخ، أضاف بعداً جديداً سيتوجب على روسيا التعامل معه، رغم أن موقفها لم يتغير منذ أوائل التسعينات. فبعد ثلاثين عاماً من التوتّر، أشعلت تركيا النيران بإقحام نفسها إلى جانب أذربيجان.

وبسبب تشجيع تركيا، لا يُرجح أن يتوقف الهجوم الأذري

وكتب في صحيفة "موسكو تايمز" أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصل بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في 14 أكتوبر(تشرين الأول) الجاري لمناقشة الأوضاع. وتحدث الرئيسان عن تعزيز المسار السياسي بالاستناد خاصةً إلى عمل مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وأعرب بيان الكرملين بشكل غامض إلى حد ما، عن أمل في مساهمة بناءة من تركيا في خفض التصعيد، بما أنها عضو في المنظمة.

غير سعيدة بالمرتزقة
قبل أيام من الاتصال الهاتفي، أعلن وزيرا الدفاع والخارجية الروسيان وجهاز الاستخبارات الخارجية أن موسكو لم تكن سعيدة بالمرتزقة الذين نقلوا من سوريا وليبيا إلى الخطوط الأمامية في ناغورنو قره باخ.

ووجها هذا الكلام إلى نظرائهم الأتراك. ولإظهار جدية مخاوف موسكو، شنت المقاتلات الروسية غارات على مجموعات موالية لتركيا في إدلب، كانت روسيا تعتقد أنها تلقت تدريبات للانتشار في الإقليم المتنازع عليه، وسبق هذا التطور بساعات فقط الاتصال الهاتفي.

توازن
في ذلك اليوم أيضاً، دمرت أذربيجان نظاماً تكتيكياً مزوداً بصواريخ بالستية على الحدود مع أرمينيا. وكان يُمكن لهذه الهجمات أن تطلق رد فعل من روسيا، لكن من الواضح أن الكرملين ينوي اتباع سياسة دقيقة متوازنة بين باكو ويريفان للحفاظ على وجوده الجيوسياسي في جنوب القوقاز وحماية دوره "وسيطاً عادلاً".

بعد ساعات من الغارات الأذرية، قال وزير الخارجية سيرغي لافروف لثلاث وسائل إعلامية روسية إنّ الرؤساء المشتركين لمجموعة مينسك، روسيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، يدرسون مقترحات لفك الاحتلال في المناطق حول ناغورنو قره باخ مع ضمانات أمنية والحفاظ على صلة وصل موثوقة بين أرمينيا والإقليم، في انتظار تحديد وضعه النهائي.

بين السيئ والأسوأ
يعتقد الكاتب أن خيارات روسيا تتراوح بين السيئ والأسوأ، وبسبب تشجيع تركيا، لا يُرجح أن يتوقف الهجوم الأذري حتى تحصل باكو على حل سياسي يمكن أن يحفز رئيسها إلهام علييف ليعود إلى الديبلوماسية، أو أن تتدخل موسكو عسكرياً إلى جانب أرمينيا لوقف الهجمات الأذرية. إذا توقفت روسيا عن التدخل واستطاعت أذربيجان استعادة الأراضي من أرمينيا بالقوة، ستكون باكو ممتنة لتركيا، لا لروسيا، وستتجرأ أكثر للسيطرة عسكرياً على الإقليم.

وإذا تدخلت روسيا في الصراع وساعدت أرمينيا في إيقاف الهجوم الأذري، فستخسر نفوذها في باكو على مدى العقود المقبلة. وسيزداد النفوذ التركي الإقليمي في هذه الحالة.

وتابع سوشكوف أنّه لو حاولت موسكو إجبار الطرفين على قبول اتفاق تراه النخب الأرمينية والأذرية غير مقبول، فهنالك خطر انتكاسة في الداخل، فتصبح النخب في البلدين أكثر تقرباً من الأتراك والغربيين، ما يضر كثيراً بمصلحة روسيا في القوقاز.

صيغة قازان
لهذا السبب، برزت حاجة روسيا لتتّبع سياسة ذات مستويين في المنطقة. ويكتب سوشكوف أن الدول الرئيسة في مجموعة مينسك لا تستطيع تجاهل هدف أذربيجان من استعادة الأراضي حول ناغورنو قره باخ.

وتعود فكرة الإعادة التدريجية للأراضي الخاضعة للسيطرة الأرمنية منذ التسعينات إلى ما يسمى بصيغة قازان. وتحت هذه الرؤية، ستحل مسائل خلافية أخرى ضمن التسوية السياسية لصالح إنهاء الصراع.

ومن جهة ثانية، تواجه روسيا خياراً لا يقل تعقيداً عندما تدرس طريقة إيقاف التقدم التركي دون الانزلاق إلى أعمال عدوانية مفتوحة.

أساليب رد موسكو

طيلة الأسابيع القليلة الماضية، درست موسكو الأساليب المختلفة للرد على الجرأة التركية. وفي ذلك الوقت، برزت صياغة جديدة في الإعلام الروسي، والنقاش السياسي، والبيانات الرسمية عن "التهديد الإرهابي على البوابة".

وانتشرت تقارير عن عمليات مكافحة الإرهاب في جنوب روسيا، تخللها حديث لزعيم الشيشان رمضان قاديروف عن قتل أربعة إرهابيين نقلوا من سوريا إلى الشيشان لشن عمليات إرهابية في شمال القوقاز. تُوجه روسيا رسائل بوضوح عن خطوطها الحمراء وعزمها على مواجهة التهديدات المتزايدة.

يضيف سوشكوف أنه إذا واصلت تركيا مسارها حول ما يمكن أن تراه روسيا تصعيداً للنزاع، فسيكون للأخيرة سند سياسي وعسكري وأخلاقي لنوع من التدخل للقضاء على مجموعات مدعومة من أنقرة، وتعتبرها موسكو إرهابية.

وبدوره، يستخدم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان ورقة الإرهاب لحض روسيا على قيادة تدخل عسكري.

عبرة الحملة في سوريا
لروسيا نظرتها الخاصة للنزاع وستواصل تنفيذها حتى إضفاء شرعية عليها ضمن مجموعة مينسك.

واستنتج سوشكوف أنه كان على الحملة السورية أن تُعلم صناع القرار الروس أن عقد اتفاق أمني مع تركيا يشبه الحصول على قرض عقاري، يحصل المرء بموجبه على منزل، لكن الدفعات الشهرية وأسعار الفائدة سترهقه لفترة طويلة.