لبناني يرفع علم بلاده أمام شرطة مكافحة الشغب (أرشيف)
لبناني يرفع علم بلاده أمام شرطة مكافحة الشغب (أرشيف)
الخميس 22 أكتوبر 2020 / 13:33

سلاح وفساد ولا مساءلة...لبنان إلى المجهول!

24-زياد الأشقر

كتب الصحافي إريك بوردينكيرتشر في موقع "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكي، أن الانفجار في مرفأ بيروت في أغسطس (آب) الذي ترافق مع انهيار اقتصادي، جدد الأسئلة حول مصير لبنان.

لا شيئاً مهماً سيحدث في لبنان في المستقبل المنظور. فدينامياته الطائفية وتركيبته وثقافته السياسية منذ 30 عاماً ستسود، ولن تُمسّ

هل شارفت ساعة النظام الطائفي على النهاية؟ وهل سيكون ذلك بداية لنظام سياسي جديد أو إصلاح شامل؟ أم سينحدر لبنان إلى حربٍ أهلية أخرى؟

ولاحظ الكاتب، أنه بعد أكثر من شهرين من الانفجار وعام من أزمة اقتصادية مدمرة، كأن شيئاً لم يكن. فالمأزق في لبنان على حاله، بل يزيد سوءاً.

وأضاف، أن لبنان يتخبط في تظاهرات وعنف متفرق، ولا شيئاً يتحرك نحو المساءلة أو تحقيق العدالة بعد انفجار المرفأ، وتشكيل حكومة جديدة وانتخابات مبكرة، علماً أنها أمور لن تنتج إلا تعديلات طفيفة ومؤقتة، وأو تغييراً سطحياً.

المبادرة الفرنسية
ولفت الكاتب إلى إن المبادرة الفرنسية من أجل حملة إنقاذ دولية مقابل إصلاحات سياسية، تترنح بدورها.

وأخفق الزعماء السياسيون اللبنانيون في الالتزام بمهلة وعدوا بها، لتشكيل حكومة جديدة  لمحاربة الفساد. وعقب انتهاء المهلة، اعتذر رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب في 26 سبتمبر(أيلول). وبعدها أرجأت فرنسا مؤتمراً للمساعدات.

ورأى الكاتب أن لا شيئاً مهماً سيحدث في لبنان في المستقبل المنظور. فدينامياته الطائفية وتركيبته وثقافته السياسية منذ 30 عاماً ستسود، ولن تُمسّ. ومع ذلك، وعلى عكس دول عربية أخرى، لن يؤدي العنف والتظاهرات والغياب النسبي لحكومة إلى حرب أهلية لبنانية أخرى.

وتكمن العقبة التي تمنع تغييراً جوهرياً للأمر الواقع في لبنان، حسب الكاتب في طبيعته التقسيمية. إنها لعنة على لبنان عند هذا المنعطف لكنها أيضاً بمعنى من المعاني نعمة لأنها تمنع البلاد من الانزلاق نحو حربٍ أهلية أخرى.

تقاسم السلطة
وذكّر الكاتب بأن صيغة تقاسم السلطة في لبنان تمكن طوائفه المتعددة من التمثيل في البرلمان والحكومة.

ومن الناحية النظرية، فإن على النواب والوزراء اتخذاذ قرارات متبادلة لمصلحة طوائفهم ومصلحة لبنان. لكن في الواقع، يعاني النظام، من غياب المساءلة، وفقدان التوافق والفساد، ومن تزايد الانقسامات، إذ تقدم الطوائف والنخب مصالحها على مصالح الدولة، ما ينتج ويعزز وجود بلدٍ متصدع.

التشرذم

ولفت الكاتب إلى أن اللبنانيين ميالون خاصةً إلى التشرذم لأنهم يعانون من ضعف في مفهوم الهوية الوطنية.

وتتحدى طوائف مختلفة وهويات أثنية وانتماءات أخرى الهوية اللبنانية. ويفاقم ضعف مفهوم الهوية الوطنية، غياب الثقة ويعزز الخلافات بين اللبنانيين. وفي أفظع صوره، يؤدي الانقسام، إلى مكونات لبنانية تسعى إلى طلب مساعدة من الخارج في مواجهة لبنانيين آخرين.

سلاح "حزب الله"
ولفت الكاتب إلى أن الانقسام يؤدي إلى استمرار المشاكل العالقة في لبنان. والدولة غير قادرة على بسط سيادتها على أراضيها. وفي احتفاظ "حزب الله" بسلاحه، مثال صارخ على ذلك.

وتكرر الحكومات ارتكاب الأخطاء المالية. إذ بلغت نسبة الدين في لبنان مقارنةً مع إجمالي الناتج المحلي 152% في 2019، وهي أعلى نسبة في العالم.

ولا تزال الدولة مقصرة في توفير الخدمات الأساسية. فانقطاع الكهرباء وفقدان المياه، وتراكم النفايات، قاعدة لا استثناءً في لبنان.

الانقسام يشلّ لبنان

وأضاف الكاتب، أن المشاكل تفاقمت في خريف 2019، إذ تسبب الانخفاض المستمر في قيمة الليرة في رفع أسعار المواد الغذائية، وزيادة البطالة، وندرة العملة الصعبة. وأتى فيروس كورونا المستجد ليزيد مشاكل لبنان الاقتصادية والمالية.

وبعد عشرة أشهر من هذه الأزمات، لايزال الحل بعيداً. وعلقت المفاوضات مع صندوق النقد. واقترح البعض أن يتجه لبنان شرقاً، نحو الصين على سبيل المثال، للحصول على مساعدة.

وخلص الكاتب إلى أن الانقسام يشل لبنان ويمنعه من تغيير الواقع. وفي انتظار التغلب على الطبيعة المنقسمة، فإن لبنان يظل متجهاً إلى المجهول، في المدى المنظور.