الأحد 25 أكتوبر 2020 / 12:59

الرئيس الأكثر إثارة للجدل...كيف سيتذكّر العالم دونالد ترامب؟

بصرف النظر عما إذا كانت الانتخابات الرئاسية المقبلة ستُكسب ترامب ولاية ثانية أو ستدفعه إلى مغادرة البيت الأبيض، يعتقد محرر الشؤون الدفاعية والخارجية في صحيفة "ذا دايلي تلغراف" البريطانية كون كوغلين أن الرئيس الأمريكي كان ثورياً في السياسة الخارجية.

كان أفضل إنجاز متناسق مع شعار "أمريكا أولاً" التخفيض الدرامي لتورط واشنطن في النزاعات البعيدة

لم تخفِ ذلك إثارته للجدل الداخلي خلال السنوات الماضية. فمن مواجهة التهديد الناشئ عن حكام الصين الشيوعيين إلى وضع أسس جديدة للتعاون بين إسرائيل والعرب، نجح ترامب في تحويل المشهد الدولي بشكل جذري.

نحو الأفضل
يرى كوغلين أن ترامب لم ينجح في جميع مبادراته الدولية بشكل كامل، ومن بينها تودده الكبير إلى الزعيم الكوري الشمالي، حتى لو أنتجت مبادرته المتجرئة تقارباً غير مسبوق بين المعسكرات المتخاصمة فوق شبه الجزيرة الكورية. وتبقى الأسئلة حاضرة حول موقف ترامب المتناقض إزاء روسيا، الأمر الذي شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاعتقاد بأنه قادر على توسيع النفوذ الروسي من دون مواجهة مقاومة من واشنطن. لكن مقاربة ترامب غير التقليدية أثمرت تعديلاً جذرياً في تعامل أمريكا مع سائر دول العالم، وفي حالات عدة، نحو الأفضل.

أفضل إنجاز
كان أفضل إنجاز متناسق مع شعار "أمريكا أولاً" التخفيض الدرامي لتورط واشنطن في النزاعات البعيدة. قبل انتصار 2016 الانتخابي، كان هنالك توافق عام بين الجمهوريين والديموقراطيين على المصلحة الأمريكية في الإبقاء على دور واشنطن كشرطي للعالم حتى لو عنى ذلك توريط نفسها في حملات عسكرية مكلفة وغير شعبية. قلب ترامب هذا الموقف رأساً على عقب، فأشرف على تقليص بارز لانتشار واشنطن العسكري في العالم، لكنه فرض في الوقت نفسه ضغطاً على الحلفاء في أوروبا لتحمل المزيد من المسؤولية من أجل حماية مصالحهم ودفع متوجباتهم.

التراجع ليس تقويضاً
إن حلف شمال الأطلسي (ناتو) هو مثل جيد عن نجاح هذه المقاربة غير التقليدية. خلال الجزء الأكبر من العقدين الماضيين، انتقدت الإدارات الجمهورية والديموقراطية المتعاقبة أوروبا لعدم دفع ما يتوجب عليها مالياً لصالح الحلف، لكنها لم تفعل شيئاً حيال ذلك. أطلق ترامب سلسلة خلافات علنية مع سياسيين مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مما أخجل الأوروبيين ودفعهم إلى زيادة مساهماتهم في حلف الناتو.

بالمقابل، تابع كوغلين، لم يقوض ترامب جاهزية الجيش الأمريكي عبر تخفيض الحضور الدولي للولايات المتحدة. على العكس من ذلك، شهدت رئاسته زيادة ملحوظة في الإنفاق الدفاعي الأمريكي، منها ما طال تحديث الترسانة النووية للبلاد وتشكيل قوة فضائية جديدة، وهي واحدة من أبرز الإنجازات التي يفتخر بها ترامب.

تغيير النظرة الأمريكية

ثمة عنصر آخر في طريقة تفكير ترامب وهي اتخاذ إجراءات أكثر تركزاً ضد الأعداء المحتملين. تم تدمير داعش عبر توجيه الهجمات الصاروخية إلى أهداف أساسية عوضاً عن شن عمليات برية واسعة النطاق. وسيكون الحفاظ على المهارة العسكرية الأمريكية عاملاً مهماً في مواجهة واشنطن المتعمقة مع الصين، وهي منطقة أخرى أدى تدخل ترامب فيها إلى إعادة تقييم أولويات واشنطن تجاهها.

في السابق، اعتقد جميع صناع القرار ومن كل الاتجاهات السياسية أن تعامل الولايات المتحدة عن كثب مع حكام الصين الشيوعيين سيشجع على الإصلاح. لكن موقف ترامب الأكثر تشدداً، والذي يعزى إلى رفض بيجينغ التجارة مع واشنطن على قدم المساواة، غيّر نظرة الأمريكيين إلى الصين بشكل عميق، وقد تترسخ هذه النظرة لفترة طويلة حتى بعد مغادرته منصبه.

إيران وتركيا وقطر أكثر عزلة

الشرق الأوسط هو منطقة أخرى بدأت تحصد منافع أسلوب ترامب الفريد من نوعه. على الرغم من الانتقاد الواسع الذي واجهه الرئيس الأمريكي بسبب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، قيّد نظام العقوبات التأديبية الذي فرضه على طهران النفوذ الإقليميّ الخبيث لآيات الله. بينما أدى اغتيال القائد السابق لقوة القدس قاسم سليماني إلى عرقلة شبكة إيران الإرهابية.
  
في هذه الأثناء، ترفع اتفاقات السلام بين الإمارات والبحرين وإسرائيل آفاق نهاية عقود من المرارة، مع زيادة عزلة دول مثل تركيا وقطر التي ترفض هذه الاتفاقات. ووضعت الأخيرة أنقرة والدوحة في الجانب الخاطئ من التاريخ. بفضل ترامب، بات الزخم صلباً جداً لتحسين العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب.

قد يُذكر ترامب مستقبلاً على أنه واحد من أكثر رؤساء أمريكا إثارة للجدل على الإطلاق. لكن كقائد للعالم، يمكن أيضاً أن يتم تذكره على أنه من بين أبرز الثوريين في هذا المجال.