الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان
الأحد 25 أكتوبر 2020 / 13:50

هل تتسامح موسكو مع سياسة تركيا في جنوب القوقاز؟

أكد الكاتب الروسي إيغور سوبوتين أن موسكو مُستعدّة للحوار مع أنقرة حول سوريا وليبيا، ولكنّها غير مستعدة للتسامح معها في قضية ناغورنو قره باخ.

إذا سمح الكرملين لأنقرة بالمُشاركة في مفاوضات ووساطة حقيقية في حلّ نزاع قره باخ، فهذا يعني أن موسكو موافقة على الدور الذي تُلعبه أنقرة في المنطقة التي تقع ضمن مسؤوليتها

وقال سوبوتين، في مقال في صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، إنه عشية زيارة نائب وزير الخارجية التركي سيدات أونال إلى موسكو في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، أدلى نائب الرئيس التركي فؤاد أكتاي بتصريحات قاسية عزّزت الإنطباع حول عمق التناقضات بين موسكو وأنقرة.

وشرح أكتاي أن بلاده "لن تتردّد في إرسال قوات نظامية إلى منطقة الصراع إذا لزم الأمر". لكن رحلة أونال إلى العاصمة الروسية تمحورت بشكل أساسي حول القضيتين السورية والليبية، ولذلك سارع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، قبل بدء المفاوضات مع أونال، للتأكيد أن الطرفين "لا يخططّان لمناقشة الوضع في قره باخ"، موضحاً أن القضية "منفصلة عن الملفين الليبي والسوري، وأن الأولوية فيها هي لتنفيذ ما اتُّفق عليه سابقاً حول وقف إطلاق النار".

شريك إشكالي
وتُمثّل الأزمة السورية المُشكلة الأخطر في العلاقات التركية-الروسية، حيث تستعدّ القيادة التركية لصدّ العملية الهجومية المُقبلة التي سيُنفّذها الجيش السوري في المناطق الواقعة تحت مسؤوليتها.

وقال المُحلّل السياسي التركي كريم هاس للصحيفة إن "التوتر في العلاقات الثنائية يُظهر عمق عدم الثقة الذي رافق ما يسمى بالتعاون التركي-الروسي"، مضيفاً أن أنقرة "تحوّلت إلى شريك إشكالي لموسكو، وغدا التفاعل معها أكثر صعوبة. لا شك في أن التناقضات تتراكم، حيث امتدّ التوتّر على جميع الجبهات، ووصل إلى جنوب القوقاز، إلى حدود المنطقة الواقعة تحت مسؤولية روسيا".

غضب الكرملين
وأضاف هاس: "بعبارات مُلطّفة، يبدو أن هذا الوضع يُشكّل مصدر قلق كبير لموسكو. فتركيز النخبة التركية على الحلّ العسكري للصراع في ناغورنو قره باخ لا يُمكن إلا أن يُثير غضب الكرملين".

وقال هاس: "ناغورنو قره باخ ليست سوريا وليبيا، حيث تُواجه موسكو صعوبة في العلاقات مع تركيا، لكنّها تتسامح مع السياسة التي تنتهجها أنقرة". وانطلاقاً من هذه الخلفية، يُرسل الجانب الروسي إشارات إيجابية إلى الدول التي تربطها علاقات متأزّمة مع تركيا. فموسكو أعربت عن دعمها لأثينا في نزاعها مع أنقرة في شرق البحر المتوسط، كما وافقت على إجراء مُناورات مُشتركة في البحر الأسود، هي الأولى من نوعها مع مصر.

اجتماع قريب بين الرئيسين

و"إذا أضفنا التوتّر في قره باخ، سيُصبح من الصعب إدارة هذه المشاكل مُجتمعة، لذلك قد يُعلن عن اجتماع قريب بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان"، يقول هاس.
ويؤكد المُحلّل أنه "على خلفية الصراع في ناغورنو قره باخ ، تلاشى الإهتمام بقضيتي سوريا وليبيا"، مُشيراً إلى عدد من الأحداث المُهمّة التي تجري في هذين البلدين والتي ستُؤدي نتائجها إلى فهم مستقبل العلاقات التركية-الروسية.

عدم إستقرار
أنقرة تُغلق تدريجياً مراكز المُراقبة التابعة لها في محافظة إدلب السورية، التي تُحاصرها القوات السورية منذ أكثر من عام. وقال هاس: "قد يُكثّف الجيش السوري قريباً تحرّكاته على الجانب الجنوبي من الطريق السريع إم 4، بدعم من روسيا"، مضيفاً أن "أردوغان يتحوّل إلى مصدر أساسي لعدم الاستقرار، لهذا السبب، يُصبح من المستحيل على الكرملين التعامل معه في حلّ أي نزاع".

ويعتقد الخبير أن رغبة أنقرة في التوسّط في تسوية أزمة قره باخ تبدو أيضاً "غريبة، ولا يُمكن لتركيا أن تتظاهر بأنها موضوعية، خصوصاً وأنها وصفت أرمينيا بالعدو".

وقال: "العلاقات الوثيقة بين النخب السياسية في تركيا والجهاديين، قد تدفع موسكو، لدى توفّر الظروف المناسبة، إلى ضمّ تركيا لقائمة البلدان التي تسعى إلى عدم الاستقرار في الدول المجاورة".

وختم سوبوتين قائلاً "إذا سمح الكرملين لأنقرة بالمُشاركة في مفاوضات ووساطة حقيقية في حلّ نزاع قره باخ، فهذا يعني أن موسكو موافقة على الدور الذي تُلعبه أنقرة في المنطقة التي تقع ضمن مسؤوليتها".