الإثنين 2 نوفمبر 2020 / 16:53

يوم العلم .. يوم الولاء

ربما تكون دولة الإمارات العربية المتحدة هي الأكثر احتفاء بأيامها ومناسباتها الوطنية، والأكثر اهتماماً بحشد مظاهر التعبير عن الفرح فيها، وهو ما يعكس عمق الروح الوطنية المتأصلة في نفوس أبناء الإمارات جميعاً، وكذلك الالتحام الفريد من نوعه بين الشعب والقيادة.

و"يوم العلم" الذي يصادف يوم تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مقاليد الحكم، هو من المناسبات التي يتجسد فيها المعنى أوضح وأعمق ما يكون، حيث تنطلق احتفالية حب عارمة يحتل فيها علم الدولة موقع الصدارة، ويتنافس الجميع على تزيين كل ما يمكن تزيينه بعلم الوطن وألوانه التي تحيا في القلوب، بدءاً من الأعلام العملاقة التي تتشح بها منازل بأكملها، وانتهاء بالشارات الصغيرة التي تجدها على الصدور، تتسمع نبض القلوب المحبة لوطن منح أبناءه كل ما يطمح إليه إنسان من أشكال الكفاية المادية والمعنوية، ووفر لهم الرخاء والأمن والكرامة والحرية، وغرس في نفوسهم الثقة والتفاؤل واليقين بأن الغد أجمل، وأن المستقبل يحمل في طياته مزيداً من النجاحات والإنجازات.

تحتفي الدول بمناسباتها الوطنية، لكن ما يميز دولة الإمارات أن كل فرد من أبناء الوطن دون استثناء يحتفل بها، ولا أظن أن ذلك يحدث في أي مكان من العالم على النحو الذي نراه في دولة الإمارات، إذ يشارك في الاحتفالات الوطنية أطفال في عمر الزهور بالقدر نفسه وبالحماسة ذاتها التي يشارك بها كبار المواطنين، ممن صقلتهم التجارب وأمضوا أعماراً في خدمه بلدهم الحبيب. واللافت للنظر أيضاً حرص المقيمين على المشاركة في جميع المناسبات الوطنية الإماراتية تعبيراً عن وفائهم للبلد الذي ينعمون فيه بالحياة الكريمة منعمين بحقوقهم كافة. فالكل سواء في الفرح وفي التعبير عنه، رجالاً ونساء، وشباناً وشيباً، والكل مساهم في إكساب هذا اليوم معناه الحقيقي، وهو تأكيد صدق الولاء وعمق الانتماء إلى البلد الذي يستشعر أبناؤه فضله ويلهجون به ويتسابقون في حبه سباقاً يخرج منه الجميع فائزين.

"يوم العلم" له خصوصيته، فالاحتفال به يعود إلى فترة لا تزيد على سبع سنوات، حين طرح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هذه الفكرة عام 2013، لتحظى في لحظتها بتفاعل فاق كل ما يمكن تصوُّره، ويصبح الثالث من نوفمبر أحد الأيام التي ينتظرها أبناء الوطن المخلصون ليعبروا من خلال علم الدولة، عن مشاعر الفخر والعزة التي يمنحهم إياها الانتماء إلى وطن سطّر اسمه في كتاب المجد، وانتزع لنفسه موقعاً متقدماً على خريطة الفاعلية والتأثير، وأصبح رمزاً للتفوق والتميز والقدرة على تحقيق المستحيل، وارتبط اسمه بالعطاء والخير والتسامح والانفتاح والمحبة والسلام، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بمناسبة الاحتفال بيوم العلم العام الماضي: "في يوم العلم، نحتفي بعنوان وحدتنا ورمز هويتنا وعزنا، ونجدد عهد الولاء والانتماء للوطن وأن تبقى رايتنا كما تسلمناها من آبائنا وأجدادنا عالية خفاقة".

في "يوم العلم" يتجلى معنى "البيت المتوحد"، والكلمة الواحدة، والالتفاف حول راية الوطن صفّاً واحداً صلباً منيعاً يهابه الأعداء، ويجد فيه الأصدقاء العضيد والنصير. وفي يوم العلم تقترن صور الأعلام المرفرقة في الأعالي بصور قادة الدولة وشيوخها، الذين منحهم الله البصيرة والحكمة والهيبة والعزيمة الماضية، فحققوا خلال سنوات قليلة في عمر الدول والأمم معجزة تنموية جعلت بلدهم الآمن المزدهر محط الإعجاب والتقدير والاحترام من جانب العالم بأسره، ونموذجاً تسعى إلى أن تحذو حذوه الدول الساعية إلى النهوض والتقدم، والمكان الذي يعبر أغلب شباب العالم عن رغبتهم في العيش فيه، واستلهام روح الطموح والنجاح التي أصبحت دولة الإمارات عنواناً لها في العالم بأسره.

إن الاحتفال بيوم العلم هو تجديد لعهد الولاء لقادة الدولة الذين يصلون الليل بالنهار من أجل مزيد من الرفعة والازدهار والرخاء للشعب الذي يخلص في حبه لبلده وفي العمل من أجلها. وكل علم من عشرات الملايين من الأعلام التي ترتفع وتزهو وترفرف في "يوم العلم"، إنما يعكس عمق الانتماء إلى دولة الإمارات، والاعتزاز بما تمثله من قيم إنسانية نبيلة، والاستعداد التام للدفاع عنها، وبذل الروح من أجل أن تبقى هذه الأعلام خفاقة في عليائها.