الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (أرشيف)
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (أرشيف)
الإثنين 9 نوفمبر 2020 / 16:52

محلل أمريكي: بايدن يحتاج إلى عقلية مبتكرة لإنقاذ الاقتصاد

بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، أصبح على جوزيف بايدن أن يمتلك رؤية مبتكرة لمواجهة التحديات الخطيرة التي تنتظر رئاسته.

فعندما يتولى الرئيس المنتخب منصبه في يناير(كانون الثاني) المقبل، سيواجه أكبر تحديين هما جائحة فيروس كورونا المستجد المستمرة، والخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الجائحة، ولكن سيخوض معركة لوضع أجندة سياسات جريئة، يأملها الكثيرون من أنصاره.

وباستثناء مفاجأة انتخابات الكونغرس في ولاية جورجيا، فإن الحزب الجمهوري سيحتفظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ وهو ما يعني أن بايدن لن يتمكن من الانفراد بتشكيل الحكومة كما كان الحال مع سلفه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، إذ أن من أهم وظائف مجلس الشيوخ التصديق على تعيينات الرئيس في الكثير من المناصب الحكومية الرئيسية.

ويرى المحلل الأمريكي نوح سيمث في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، أن بايدن قد يتمكن من تمرير سياسات اقتصادية موجهة تستهدف قطاعات محددة بشكل مباشر، إذا لم يتمكن من تمرير حزم التحفيز والإنقاذ الاقتصادي التقليدية الكبيرة.

ورغم التحسن السريع الذي يسجله الاقتصاد الأمريكي منذ أبريل(نيسان) الماضي، فإنه  لايزال جزئياً، فالتوظيف عاد بالكاد إلى نصف مستواه قبل الجائحة، والعمال ذوو الأجر المنخفض الذين يعمل أغلبهم في شركات الخدمات المحلية الصغيرة وهم الأشد تضرراً من الجائحة، يعانون.

وحسب نوح سميث يعاني الاقتصاد الأمريكي من مرضين متزامنين، الأول هو الخوف المستمر من الفيروس، فهذا الخوف أدى بشكل أكبر من إجراءات الإغلاق إلى منع الكثيرين من الأمريكيين من الخروج من منازلهم للتسوق أو لتناول الطعام، وهو ما أدى إلى العلة الثانية التي يعاني منها الاقتصاد وهي تراجع الطلب الاستهلاكي المحلي، والذي تفشى في كل قطاعات الاقتصاد.

ورغم أن الخوف من فيروس كورونا المستجد سيتراجع خلال الفترة المقبلة مع ظهور اللقاحات المضادة والمنتظر طرحها في أوائل العام المقبل، فإن احتمالات استمرار تراجع أداء الاقتصاد تظل قوية.

ومن غير المحتمل أن يمرر بايدن حزم تحفيز اقتصادية كبيرة مثل ترامب والتي ساهمت في تخفيف المعاناة الاقتصادية في بدايات الجائحة، بسبب سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ واعتزامهم تبني إجراءات تقشفية.

الأمر نفسه قد تصطدم به محاولة بايدن تحفيز الاقتصاد اعتماداً على زيادة الإنفاق العام على البنية التحتية، في ظل هذه الافتراضات يمكن لبايدن تبني إجراءات موجهة تساعد القطاعات الأشد تضرراً من جائحة فيروس كورونا وهي قطاعات الخدمات المحلية.

فالمعروف أن المطاعم والمتاجر وغيرها من المؤسسات التي تقدم الخدمات المباشرة للعملاء تعرضت للإفلاس بأعداد ضخمة، وبعد انتهاء خطر الفيروس قد تحاول الحكومة الأمريكية إنعاش الاقتصادات المحلية، بدعم المتاجر الجديدة لإعادة ملء واجهاتها الفارغة والتي تنتشر على امتداد القطاع الحضري في الولايات المتحدة.

وتشغل بعض هذه المتاجر من قبل نفس أصحابها الذين أفلسوا خلال الجائحة، في حين قد يتولى مستثمرون جدد إدارة البعض الآخر منها، لكن كل هذه المتاجر ستوفر وظائف جديدة للأعداد الكبيرة من العاطلين الحاليين، والذين سيعود أغلبهم إلى نفس الوظائف التي كانوا يمارسونها في 2019.

ويرى المحلل نوح سميث أن دعم المشاريع المحلية الجديدة سيحقق عدة أهداف في وقت واحد، فهذا الدعم سيعيد العاطلين إلى وظائفهم التي يعرفونها وسيبدأون ضخ الطلب في أوصال الاقتصادات المحلية، وسيؤدي ذلك إلى تقليل أعداد العاطلين في قطاع تجارة التجزئة الأمريكي، وسيساعد ذلك في المحافظ على فئة الشركات الصغيرة.

وهذا العنصر الأخير يمكن أن يجعل حزمة الدعم الجديدة للشركات الصغيرة جذابة للجمهوريين في مجلس الشيوخ لآن أصحاب الشركات الصغيرة يعتبرون تقليدياً قاعدة انتخابية للجمهوريين.

ويرى نوح سميث أن هذه البرامج للدعم ستكون موجهة بدرجة عالية، وتنتهي بمجرد استعادة كل الوظائف التي سبق شطبها في القطاع التجاري، ويحد من كلفة برنامج الدعم وتجنب الظهور بمظهر إنفاق أموال دافعي الضرائب بشكل عشوائي.

وفي المقابل قد يشعر المتطرفون في دعم قواعد السوق الحرة بالقلق من أن يؤدي ذلك إلى تأخير التحول المطلوب للمزيج الصناعي للولايات المتحدة والمتمثل في التحول نحو التجارة الإلكترونية، فقد أدت الجائحة إلى زيادة الاعتماد على خدمات التجارة الإلكترونية بديلاً للمتاجر المحلية التقليدية.

وأصبح الناس يشاهدون الأفلام عبر نتفليكس بدلاً من الذهاب إلى دور السنيما، ويشترون احتياجاتهم من موقع أمازون بدل المتاجر، وهنا يثور السؤال هل هذا التحول يجب أن يكون أولوية اقتصادية في المرحلة الحالية.

وبحسب نوح سميث فإن فوائد الإنعاش السريع والمنخفض التكلفة للاقتصادات المحلية الأمريكية تفوق بشدة الخسائر الناجمة عن تأخير التحول الرقمي.