مسلحون من ميليشيات أمهرا.(أرشيف)
مسلحون من ميليشيات أمهرا.(أرشيف)
الأحد 15 نوفمبر 2020 / 11:34

السودان يقرر نتيجة الحرب الإثيوبية في تيغراي

24-زياد الأشقر

ذهب رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد إلى الحرب ضد حليفته السابقة، "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، لكن احتمال تحوّل هذا النزاع إلى حرب إقليمية يتوقف على الخطوات التي سيتخذها السودان المجاور.

لجنة نوبل النرويجية لم تكن تدري أنها بينما تقدم الجائزة بسبب انهاء حربٍ، فإنها كانت تهيئ الأرضية لشن حربٍ أخرى

هذا الموضوع تناوله الصحافيان نزار مانيك ومحمد خير عمر في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قائلين إنه بينما كانت أنظار العالم تتجه إلى الانتخابات الأمريكية أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، شن أبيي أحمد الحرب على إقليم تيغراي، الذي يعتبر موطناً لـ"لجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، وهي الجبهة التي سيطرت على الحياة السياسية الإثيوبية لعقود ومن ثم تعرضت للتهميش منذ قرر أبيي تعزيز سلطاته وإبرام اتفاق سلام مع اريتريا، التي تعتبر العدو اللدود للجبهة.

إعلان الحرب
وأضاف الكاتبان أن "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" لم تكن في هذا الوقت تلتزم الهدوء، إذ إنه في سبتمبر (أيلول)، نظمت حكومة الإقليم انتخابات محلية، سرعان ما رفضت الحكومة الفيديرالية الاعتراف بها. في 3 نوفمبر، وعقب استفزازات من أبيي، عمدت الجبهة إلى مصادرة العتاد العسكري والتجهيزات التابعة للقيادة الشمالية في الجيش، مما دفع بأديس أبابا إلى إعلان الحرب على منطقة هي مقر لجزء كبير من ترسانة الجيش الإثيوبي الفيديرالي وعديده، نظراً لوقوعها على طول الحدود المتنازع عليها والتي لا تزال بلا ترسيم مع إريتريا.

وأشار الكاتبان إلى أن أبيي اتهم دائماً "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" بالسعي إلى تخريب حكومته وعرقلة الإصلاحات التي يعتزم تنفيذها. لكن الآن، ومع مواجهة حربٍ مع خصم شرس، فإن نتيجتها ستعتمد على جارتي إثيوبيا-السودان وإريتريا.

قوات تيغراي

وأوضحا أنه على رغم أن تيغراي منطقة صغيرة الحجم، فإنها جيدة التسليح، وقواتها متمرّسة بالمعارك. والقوات الخاصة الإقليمية لتيغراي تقدر بنحو 20 ألف جندي- يقودها ضباط تيغريون أرغمهم أبيي على التقاعد، فضلاً عن قوات احتياط من الوحدات الخاصة المؤلفة من ميليشيات مدرّبة ومزارعين مسلحين- وهؤلاء جميعاً يشكلون قوة من 250 ألف مقاتل. لكنه حتى وقت قريب، كانت القوات التيغرانية تفتقد إلى العتاد الثقيل المطلوب لمواجهة فرقة مكتملة التجهيز.

ومنذ الأسبوع الماضي، سيطرت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، على نصف الجنود التابعين لخمس فرق من قوات الدفاع الوطني الإثيوبية التابعة للقيادة الشمالية، التي بقيت في تيغراي-مما يعني أنها كسبت 15 ألف جندي إلى جانبها. لكن مصادرة العتاد العسكري للجيش الإثيوبي قد أبرزت أهمية الإمدادات اللوجستية للجبهة، التي ستعتمد لا محالة على السودان.

السودان
وبحسب الكاتبين، فإن السودان لديه العديد من الأسباب الاستراتيجية لدعم-أو على الأقل الظهور بمظهر الداعم- للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في الحرب الأهلية ضد الحكومة الإثيوبية. وبينما أقفل السودان رسمياً حدود ولايتيه، كسلا والقضارف- اللتين تشكلان المعبرين اللوجستيين الوحيدين لإقليم تيغراي مع العالم الخارجي للحصول على الذخيرة والغذاء-فإن في امكان الخرطوم استخدام التهديد بدعم "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" للحصول على تنازلات من أديس أبابا في ما يتعلق بمثلث الفشقة المتنازع عليه.

الفشفة
وتبلغ مساحة المثلث نحو مئة ميل مربع من الأراضي الزراعية المهمة تمتد على حدود إقليم أمهرا الإثيوبي، والتي يطالب بها السودان بموجب اتفاق موقع عام 1901 بين المملكة المتحدة وامبراطور إثيوبيا عامذاك مينيليك الثاني. والنزاع على الفشقة يشكل مصدر استياء لمزارعي أمهرا على الحدود، ويعتبر عقبة أمام المفاوضات حول سد النهضة. ولكن إذا قرر السودان دعم تيغراي، التي تجاور إريتريا أيضاً، فإن الحرب الدائرة هناك حالياً ستتحول إلى نزاع طويل، كما ان العلاقات بين أديس أبابا والخرطوم ستكون معرضة بدورها لأخطار عالية. وفي الواقع، فإن المنطقة يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه من حرب بالوكالة قبل صعود أبيي وانهيار نظام الرئيس السوداني عمر البشير-أو تتوسع نحو حربٍ إقليمية.

نوبل السلام
وعلى الجانب الآخر، فإن أبيي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي-وكلاهما خاضا حرباً ضد قادة "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" قبل عقدين من الزمن، مما أدى إلى حرب إثيوبية-إريترية دامية استمرت بين مد وجزر لمدة 20 عاماً، يبدوان متحمسين للقضاء على الجبهة. والواضح أن الكره للنظام الإثيوبي القديم هو الذي يجمع بين أبيي أحمد وأوفورقي، أكثر من أية مودة، وهذا كان الدافع الرئيسي وراء إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين قبل سنتين، والتي كوفئ عليها أبيي بجائزة نوبل للسلام العام الماضي. لكن لجنة نوبل النرويجية لم تكن تدري أنها بينما تقدم الجائزة بسبب انهاء حربٍ، فإنها كانت تهيئ الأرضية لشن حربٍ أخرى.