الإثنين 23 نوفمبر 2020 / 12:37

لماذا بات إحياء الاتفاق النووي شبه مستحيل؟

رأى الأستاذ الفخري المتميز للعلاقات الدولية في جامعة ولاية ميشيغان محمد أيوب أن هنالك صعوبة بالغة في إحياء الاتفاق النووي، رغم تعهد الرئيس المنتخب جو بايدن، بالعودة إليه.

من المتوقع أن يطالب الإيرانيون بعد الانتخابات بصفقة أكثر تشدداً مع ترجيح كبير بتضمين الاتفاق بنداً واضحاً يمنع تكرار الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب

في مايو (أيار) 2018، انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات خاصةً على صادرات النفط الإيرانية، في إطار حملة الضغط الأقصى على طهران.

وكان الهدف حسب ما كتب أيوب في "المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية" إجبار إيران على القبول بالمطالب الأمريكية الإضافية التي تتخطى بكثير نطاق الاتفاق الأساسي.

الردود المتقابلة
قالت الإدارة الأمريكية إن حدوداً مدتها 15 عاماً على برنامج إيران النووي غير كافية، وأن على طهران الالتزام بوقف تخصيب اليورانيوم بشكل دائم.

وأرادت واشنطن أيضاً وقف البرنامج الصاروخي الإيراني، وسحب طهران دعمها لجميع القوى المناوئة لمصالح واشنطن في الشرق الأوسط.

وقررت إيران في مايو 2019 تخطي حدود نسبة التخصيب، وبدأت زيادة مخزوناتها من اليورانيوم المخصب التي حددها الاتفاق بـ 300 كيلوغرام. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أعلنت طهران أنها "لم تعد تواجه أي قيود تشغيلية، بما فيها إمكانات التخصيب، نسبة التخصيب، كمية المواد المخصبة، والأبحاث والتطوير".

ليس أمراً أكيداً
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه بحلول 2 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري، وصل مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى أكثر من 2442 كيلوغراماً، أي أعلى من الكمية المسموح بها بثمانية أضعاف.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه خلال اجتماع بعد يوم واحد من صدور تقرير الوكالة، فكر ترامب في شن غارات جوية ضد مفاعل نطنز النووي. لكن مستشاريه البارزين بمن فيهم وزير خارجيته مايك بومبيو، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، دعوه للتراجع عن الفكرة لأنها قد تؤدي إلى توسع الحرب في الشرق الأوسط.

غير أن أيوب يشدد على أنه لا يُمكن تأكيد أن ترامب لن يصدر أمراً مستقبلياً بشن الضربة بسبب شخصيته الانتقامية، ولمنع خلفه من تحسين العلاقات مع طهران.

الرأي السائد في واشنطن
حتى ولو لم يقصف ترامب إيران سيجد بايدن صعوبة كبيرة في إعادة إحياء الاتفاق النووي، لأن الآراء تصلبت واشنطن وطهران في السنتين الماضيتين. وأصبح الإجماع الأمريكي أبعد عن التسوية لأن إيران ترفض تغيير سلوكها في الشرق الأوسط، إذ دعم الحرس الثوري الميليشيات التي أدت دوراً كبيراً في في سوريا، وتواصل طهران دعم وتمويل وتسليح حزب الله والحوثيين في اليمن.

ولم يحارب الحوثيون السعودية، الحليف للأساسي للأمريكيين وحسب، بل هاجموا أيضاً منشآت نفطية بارزة فيها بطائرات دون طيار، وصواريخ أمنتها لهم إيران.

إيران والمتشددون

في الوقت نفسه، بات واضحاً أن طهران لن تقبل بربط إدارة بايدن العودة إلى الاتفاق النووي بسلوكها الإقليمي وبرنامجها الصاروخي البالستي، ذلك أن الموقف الإيراني هو أن العودة إلى المحادثات سترتبط بعودة واشنطن أولاً، إلى الاتفاق النووي، دون شروط مسبقة.

وتابع أيوب أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عزز موقع المتشددين، ونزع المصداقية عن الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف اللذين دفعا لتوقيع الاتفاق من أجل تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

وبعدما دعم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي التفاوض بتردد، غير رأيه عقب الانسحاب الأمريكي قائلاً إنه لا يمكن الثقة في أي إدارة أمريكية لأن كل ما تهتم به الولايات المتحدة، هو تغيير النظام.

علاوة على ذلك، أصبح روحاني بطة عرجاء خاصةً أنه لم يعد بإمكانه الترشح للرئاسة في يونيو (حزيران) 2021، لأنه خدم ولايتين متتاليتين في هذا المنصب، وبعد فوز المتشددين في الانتخابات التشريعية الماضية، ومن شبه المؤكد أن الرئيس المقبل لإيران سيكون من هذا الفصيل السياسي. وثمة توافق عام بين السياسيين الإيرانيين، بأن على الرئيس المقبل قيادة أي مفاوضات مع الأمريكيين.

شبه مستحيل
ومن المتوقع أن يطالب الإيرانيون بعد الانتخابات بصفقة أكثر تشدداً مع ترجيح كبير بتضمين الاتفاق بنداً واضحاً يمنع تكرار الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب.

إن الديناميات الداخلية في الولايات المتحدة وإيران تجعل من شبه المستحيل على بايدن إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، وفق أيوب الذي توقع أن يظل البلدان عالقان في مرحلة من العداء مستقبلاً مع ما يعنيه ذلك من غيابٍ للأمن، والاستقرار في الشرق الأوسط.