الإثنين 23 نوفمبر 2020 / 13:06

رئيس أمريكي يرفض تسليم السلطة...لماذا لم ينتبه الآباء المؤسّسون بمخرج دستوري؟

24-زياد الأشقر

لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرفض الإقرار بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 نوفمبر(تشرين الثاني) ما تسبب في جدل دستوري وقانوني غير مسبوق في الولايات المتحدة.

الآباء المؤسّسون لم يفكروا بأمرين: أن شخصاً صار رئيساً يفتقر إلى الفضيلة التقليدية ويضع مصلحته فوق وحدة البلاد، والأمر الثاني، أنهم لم يستوعبوا فكرة أن رئيساً سيعرض وحدة البلاد للخطر

وعن هذا المأزق الذي تواجهه الولايات المتحدة، كتب جوليان بروكيل في صحيفة "واشنطن بوست" أن ترامب يواصل إنكار نتائج الانتخابات، ضاغطاً على المسؤولين في ولايتي ميشيغن، وجورجيا لتغيير إرادة الناخبين، ما يزيد المخاوف من رفضه يتنازل عن السلطة للرئيس المنتخب جو بايدن.

الدستور
وأشار الكاتب إلى أن الذين يتطلعون إلى مؤسسي الأمة، أو إلى الدستور الذي صاغوه، من أجل الحصول على حل لمثل هذه الأزمات، سيعودون خائبين. فلا شيء في الدستور عما يمكن فعله إذا رفض رئيس التنازل عن السلطة عندما تنتهي ولايته، وفق ما يقول ثلاثة مؤرخين، وأستاذ في القانون الدستوري.

ويقول المؤرخ في جامعة برنستون شين فيلنتز: "كلا، إن واضعي الدستور لم يتصوروا أن رئيساً سيرفض التنازل، أو ما يمكن فعله في هذه الحال...لا شيئاً في الدستور عن هذه المسألة".

حالة طارئة
ولاحظ المؤرخ جاك راكوف الأستاذ الفخري في جامعة ستانفورد، أن "هذه حالة طارئة لم يكن أحد يفكر فيها بجدية قبل هذا الخريف".

وقال المدير المؤسس لمركز التاريخ الرئاسي في جامعة ساثرن ماثوديست جيفري أ. أنجل: "نحن، المؤرخون، نفتخر بأنفسنا عندما نقول: لا تقلق حدث هذا من قبل، أو عليك أن تقلق، حدث هذا من قبل... في الوقت الحاضر، جميع المؤرخين يقولون: نحن في مياه مضطربة، ولا أعلم حتى كيف تنتهي هذه الجملة".

وأخيراً، طلب أنجل من زملاء أنهوا دراسة الدكتوراه ومن طلاب يتعاملون مع المركز، أن يتخلوا عن كل ما يفعلونه للبحث عن أي ألغاز تاريخية أو أحداث مشابهة. وأضاف "جميعهم قالوا إنهم لم يعثروا على شيء".

وينص الدستور على أن ولاية الرئيس تنتهي بعد أربعة أعوام. هذا كل شيء. وحدد الكونغرس الولاية الأولى لواشنطن رسمياً في 4 مارس (آذار) 1789. وأصبح 4 مارس (أذار) تاريخ الأمر الواقع لتسلم الرئاسة حتى التعديل الدستوري الثاني عشر، الذي جعله رسمياً في 1804.

وفي 1933، جعل التعديل الدستوري العشرين، تاريخ تسلم الرئاسة في 20 يناير(كانون الثاني) وذهب في الدقة أكثر فنصّ على أن ولاية الرئيس تنتهي في ظهر ذلك اليوم.

وقال الكاتب إن هذا الأمر اعتمد طوال التاريخ الأمريكي، في السراء أو في الضراء، وفق ما يقول أنجل.

وذكّر بواقعة في يوم تسلم الرئاسة في 1989، عندما انتهت الولاية الثانية لرونالد ريغان وكان نائب الرئيس جورج إتش. دبليو. بوش يستعد لتولي الرئاسة. إذ أنه بحلول اليوم الأخير الذي يتسلم فيه الإيجاز اليومي في الصباح، قال ريغان: "حسناً أعتقد أني أنجزت مهمتي"، وأخرج الشيفرة النووية من جيبه ليسلمها إلى كولن باول، الذي كان مستشاراً للأمن القومي.

ولكن باول قال: "سيدي الرئيس عليك أن تحتفظ بالشيفرة النووية، حتى لا تعود أنت الرئيس"، مشيراً إلى الظهيرة.

حجج أقوى من ترامب
ولفت أنجل إلى بعض المرشحين الرئاسيين الذين كانت لديهم حجج أقوى من ترامب ليسعوا إلى دعاوى قانونية، مثل أندرو جاكسون في 1824، وريتشارد نيكسون في 1960 وآل غور في 2000 "لكن أياً منهم لم يلمح إلى أنه لن يحترم السلطة الشرعية مهما انتهت إليه النتائج".

وذكر فيلنتز بأن حملة بايدن سبق أن قالت إنه إذا رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض في 20 يناير "فإن حكومة الولايات المتحدة قادرة تماماً على مواكبة مخالفي (القانون) إلى خارج البيت الأبيض".

ولكن ذلك ببساطة مجرد "منطق سليم"، وليس عملية موثقة في الدستور أو في أي قانون آخر.

ويتساءل الكاتب "لماذا لم يتحسب الآباء المؤسسون لمثل هذا السيناريو، أي أن يرفض رئيس ببساطة التسليم بأنه خسر الانتخابات؟".

ويجيب أنجل لأنهم لم يكونوا قادرين على استيعاب الفكرة. ويضيف "لم يستوعبوا أمرين، أن شخصاً أصبح رئيساً يفتقر إلى الفضيلة التقليدية، ويضع مصلحته فوق وحدة البلاد، والثاني، أنهم لم يستوعبوا فكرة أن رئيساً سيعرض وحدة البلاد للخطر، ويُسخر أو يقوّض شرعية الديموقراطية الأمريكية، ولم يعزل من المنصب".