الأربعاء 25 نوفمبر 2020 / 11:15

واقع إيراني لا يستطيع بلينكن التنكر له

خيرالله خيرالله - العرب اللندنية

الولايات المتحدة دخلت في عهد جو بايدن مرحلة جديدة مختلفة كلّيا عن مرحلة عهد دونالد ترامب. من خلال جو بايدن ووزير الخارجية المعيّن، ستكون هناك إدارة أكثر إنسانية.

بدأت ملامح إدارة جو بايدن تتشكّل وذلك قبل شهرين من دخوله البيت الأبيض. لا يمكن اعتبار تعيين أنطوني بلينكن وزيراً للخارجية حدثاً عابراً. وقع اختيار بايدن على شخص عمل معه طويلاً يمتلك خبرة في كل ما له علاقة من قريب أو بعيد بالسياسة الخارجية وتفاصيلها الدقيقة. اكتسب هذه الخبرة من خلال العمل كمستشار للأمن القومي لبايدن نفسه عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما بين 2008 و2016 أو كنائب لوزير الخارجية جون كيري لاحقاً، وقبل ذلك كالرجل الثاني في مجلس الأمن القومي.

من خلال المواقع التي شغلها، بما في ذلك وجوده إلى جانب جو بايدن في الحملة الرئاسية، يستطيع بلينكن أن يكون على اتصال مباشر بالرئيس الأمريكي الجديد. هذه صفة لم يتمتع بها معظم وزراء الخارجية الأمريكيين الذين شغلوا هذا الموقع.

من هذا المنطلق، سيكون وزير الخارجية الأمريكي الجديد قادراً على إعادة الاعتبار لعدد كبير من موظفي الخارجية، من الدبلوماسيين المحترفين الذين شعروا بالتهميش في عهد دونالد ترامب.

سيعيد تركيب وزارة الخارجية على أسس مختلفة. سيعيد قبل كلّ شيء الاعتبار إلى الدبلوماسيين المحترفين الذين يؤمن بهم بايدن. أكثر من ذلك، عندما سيفاوض بلينكن في مجال العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، فهو يفعل ذلك من زاوية من يعرف كيف التعاطي مع إيران من جهة وأهمّية الشراكة الأوروبية في الحدّ من قدرة إيران على التوسّع من جهة أخرى.

ينتمي بلينكن إلى مدرسة مختلفة عن تلك التي ينتمي إليها دونالد ترامب والفريق الذي دفعه إلى تمزيق الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني في العام 2018. كان هذا الفريق يعرف تماماً ما على المحكّ مع إيران.

جاء تمزيق الاتفاق تتويجاً لغياب أي ثقة أمريكية بإيران وذلك منذ قيام “الجمهورية الإسلامية” في العام 1979 واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين في طهران 444 يوماً. هل يعي بلينكن أنّ طريقة تعاطي ترامب مع إيران كانت ناجعة خلافاً لكل الطرق الأخرى التي لجأ إليها الرؤساء الأمريكيون السابقون، من جيمي كارتر.. إلى باراك أوباما؟ ثمّة حاجة إلى تبريرات قويّة لتفادي الاعتراف بهذا الواقع. لجأ وزير الخارجية الأمريكي المعيّن إلى هذه التبريرات التي قد تثبت الأحداث أنّها غير صحيحة ولا أساس لها.

لدى بلينكن وجهة نظر مختلفة في شأن الملفّ النووي الإيراني. تقوم هذه النظرة، كما عبّر عنها أخيراً في مقابلة مع الصحافية المشهورة مارغريت برينان، على أن مقاربة إدارة ترامب للملف الإيراني لم تؤد إلى النتائج المرجوة. يركّز في هذا المجال على ضرورة التوصل إلى صفقة مع إيران بمشاركة الحلفاء (الأوروبيين والدوليين) تؤدي إلى الحد من التصرفات الإيرانية المشكو منها.

هناك وعي لدى بلينكن لأهمّية وجود تحالف واسع في مواجهة إيران. مثله مثل جو بايدن، يتحدث عن ضرورة وجود مثل هذا التحالف في أي مواجهة مع الصين. مثل هذا الرأي وجيه إلى حد كبير. لكن السؤال الذي سيطرح نفسه عاجلاً أم آجلاً ما العمل، أمريكيا، بعد توقيع إيران في حزيران - يونيو الماضي "اتفاقاً استراتيجياً شاملاً" مع الصين لمدّة 25 عاما. في الواقع، إنّ مثل هذا الاتفاق لا أفق له. يعود ذلك إلى أن إيران لا تريد أن تعرف تماماً ما هي الصين على الرغم من العلاقات القديمة بين طهران وبكين.

لا تريد "الجمهورية الإسلامية" الاعتراف بأنّ مثل هذا الاتفاق يضعها تحت نوع من الوصاية. ولكن ما العمل في عالم يعتبر فيه الإيرانيون أن في استطاعتهم التذاكي على أي كان في العالم، بما في ذلك الصين.