الأربعاء 25 نوفمبر 2020 / 14:14

كيف نشر أردوغان الإحباط واليأس بين الأتراك؟

عرض الصحافي التركي والباحث في منتدى الشرق الأوسط بوراك بكديل عدداً من استطلاعات الرأي التي أثبتت أخيراً حجم اليأس الذي يعاني منه المواطنون الأتراك وخصوصاً الشباب في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان. وعدّد الكاتب أسباباً كثيرة تدفع هذا الشباب إلى عدم الشعور بالفخر بموقع دولتهم على مستوى الثروة والديموقراطية والحريات المدنية والعدالة.

الاستقطاب الاجتماعي العدواني لأردوغان بين المتدينين والعلمانيين خلال 18 سنة أدى إلى نهاية حزينة للمجتمع

وكتب بكديل في "مركز بيغن-سادات للدراسات الاستراتيجية" أن في تركيا 83 مليون شخص والدخل الفردي لسنة 2019 بالكاد بلغ 9 آلاف دولار. ووضعت منظمة فريدوم هاوس تركيا على لائحة الدول غير الحرة في تقييمها لسنة 2020، وهي مجموعة تضم أيضاً قطر وأفغانستان وأنغولا وبيلاروسيا وبروناي وتشاد وجيبوتي وإريتريا والغابون وإيران والعراق وليبيا وميانمار وكوريا الشمالية ونيكاراغوا ورواندا والصومال والسودان واليمن.
  
ووفقاً لمشروع العدالة العالمي، تحتل تركيا المرتبة 107 من أصل 128 في مسألة حكم القانون. أمّا بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، تحتل تركيا المرتبة 154 من أصل 180 على مستوى حرية الصحافة، مسجلة مرتبة أسوأ من تلك التي احتلتها باكستان والكونغو وبنغلادش.

"هذا ليس بلداً حلمت به"
هذه أرقام ووقائع قاتمة يجب أن تجعل كل مواطن تركي غير سعيد بدولته. لكن شعور المواطنين الأتراك بأنّهم لا ينتمون حتى إلى دولتهم هي رواية مختلفة. قابل بكديل مؤخراً طالباً تركياً يبلغ من العمر 19 عاماً فقال له: "هذا ليس بلداً حلمت به... لا أشعر بأنّني أنتمي إلى بلدي بعد اليوم. لا أرى أي مؤشر إلى حياة حرة. سأذهب إلى أوروبا من أجل دراسات إضافية وأزور تركيا على الأرجح من أجل قضاء أيام العطلة فقط".

حتى الموالون لأردوغان
وجد بحث جديد أنّ ملايين الأتراك يشعرون بهذه الطريقة. أظهرت شركة كوندا البارزة المتخصصة باستطلاعات الرأي أن 38% من الأتراك يشعرون بأنهم "غرباء في بلدهم الخاص". تتغير نسبة الأتراك الذين يتملكهم هذا الشعور بحسب تفضيلاتهم السياسية. 74% من الأتراك الأكراد الذين صوتوا لحزب كردي يشعرون بأنّهم لا ينتمون إلى تركيا. وبشكل مفاجئ، يشعر 33% من الأتراك المحافظين المتدينين بهذا الإحساس، حتى أن 24% من الأتراك الذين صوتوا للرئيس التركي وحزبه يتملكهم هذا الشعور.
  
تناسق مع استطلاعات أخرى
وجد بحث كوندا أيضاً أن غالبية الأتراك، باستثناء الموالين للحزب الحاكم، لا ترى مستقبلاً باهراً لأولادها. 74% من حزب العدالة والتنمية يرون مستقبلاً مشرقاً و44% لدى داعمي حليفه حزب الحركة القومية، وأقل من 20% لدى ناخبي الأحزاب الأخرى. وخلاصة كوندا متناسقة مع أبحاث أخرى حول سلوك الشباب التركي.

وجدت شركة سوديف لاستطلاعات الرأي أن 70.3% يعتقدون أن شاباً موهوباً لن يستطيع أبداً الترقي مهنياً في تركيا من دون محسوبيات. ويظن 30% منهم فقط بأنهم قادرون على التعبير برأيهم بحرية على وسائل التواصل الاجتماعي.

تابع بكديل أنه حين يشعر شاب بأنه مهمش في وطنه وخائب الأمل ويتوقع مستقبلاً أكثر قتامة، من المرجح أن يفكر بالهجرة إلى دولة أخرى. في 2019، هاجر 333289 شخصاً تركيا للعيش في الخارج. تظهر الأرقام الرسمية أن 40.8% من هؤلاء تراوحت أعمارهم بين 20 و 34 عاماً.

نهاية حزينة
وفقاً للمديرة التنفيذية لمعهد أبحاث السياسة في اسطنبول سيرين سلفين قرقماز، تخلق البطالة والنزعات التسلطية في تركيا "عنفاً من اللايقين" لدى الشبان الأتراك. ويرى مدير مركز كوندا بكير أغيدير أن الاستقطاب الاجتماعي العدواني لأردوغان بين المتدينين والعلمانيين خلال 18 سنة أدى إلى نهاية حزينة للمجتمع: "لا يمكننا عيش الحزن جماعياً، لا يمكننا عيش الفرح جماعياً". وذكر أغيدير أن الدراسات تظهر كيف أن حوالي 10% فقط من الأتراك يثقون بتركي لا يعرفونه. وهذه ثمرة سياسات حزب العدالة والتنمية: "تظن الدولة اليوم أن "المواطنين الصالحين" هم فقط المسلمون السنّة المتدينون".

أما الأتراك الذين تنظر إليهم الدولة كمواطنين "سيئين" فلا يشعرون بأنهم ينتمون إلى وطنهم. يؤكد بحث كوندا ما يعلمه الجميع على مستوى التجربة: تركيا هي أرض 31.5 مليون شخص يشعرون بأنهم غرباء في وطنهم.