الصادق المهدي (أرشيف)
الصادق المهدي (أرشيف)
الخميس 26 نوفمبر 2020 / 10:21

الصادق المهدي .. السياسي المُخضرم يغادر "مُطمئناً"

على مدى عقود طويلة ظل يمثل حالة جدلية داخل السودان وخارجه، لكنه استطاع رغم ذلك أن يلتزم نهجاً تصالحياً حتى مع أكثر المتشددين في انتقاده مما جعله رمزاً سياسياً يشهد له الجميع باحترام النفس والآخرين، وظل الزعيم السوداني "الصادق المهدي" حتى رحيله عن عمر يناهز 85 عاماً نموذجاً للفكر السياسي المعتدل الذي توافق عليه الكثير من القادة والساسة في العالم أجمع.

"هناك من دخلوا السياسة وهم فقراء وخرجوا منها أغنياء وأثرياء، وأنا دخلت السياسة ثرياً وفقدت الكثير من ثروتي ولذلك سوف أتفرغ للأعمال الاستثمارية"، كانت هذه نقطة التحول في الأيام الأخيرة لرئيس وزراء السودان الأسبق الصادق المهدي.

وبعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي، ابتعد المهدي عن السياسة نظراً لظروفه الصحية، وكأنه شعر أنه اطمأن على ما وصلت إليه الأوضاع السياسية في الخرطوم، وفارق الحياة بعد أن اطمأن على مسارها بلاده الجديد.

وشغل المهدي رئاسة الحكومة السودانية مرتين، الأولى لمدة عام واحد ما بين عام 1966 وحتى عام 1967 بعد توليه رئاسة حزب الأمة السوداني في عام 1964، وقاد إجراءات فاعلة في محاصرة الفساد وتحقيق العديد من الإنجازات، ولكن تكون ضده ائتلاف ثلاثي من الجناح المنشق من حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي فأسقط حكومته في مايو 1967، والفترة الثانية كانت ما بين عام 1986 وانتهت عام 1989 بانقلاب عسكري، قاده الرئيس المخلوع عمر البشير في عام 1989، ما جعل المراقبين يتهمونه بإجهاض الديمقراطية.

وعرف الصادق المهدي بشخصيته الملتزمة جداً بالنهج الديمقراطي وكان طوال فترتي حكمه بعيداً عن أي شبهات تمكين أو فساد مما أكسبه مزيداً من الاحترام على الرغم من اختلاف وجهات النظر بشأن آرائه وأفكاره.

وقاد الصادق المهدي معارضة النظام من الداخل بعد نفيه عدة مرات إلى الخارج، كما تناغم مع الغضبة الشعبية التي أثمرت ثورة إبريل (نيسان) 1985.

وحصل حزب الأمة في أول انتخابات عقب ثورة رجب على الأغلبية، وانتخب الصادق رئيساً للوزراء، وكان من أهم ما قام به في تلك الفترة السعي للتجميع الوطني لحل القضايا الأساسية قومياً، والسعي للتأصيل الإسلامي والإجماع الشعبي بالوسائل الدستورية، حتى جاء انقلاب 30 يونيو 1989.

وعقب الانقلاب الذي قاده الرئيس السابق عمر البشير، قاد نظامه حملة ضد الصادق المهدي وأمر بنفيه خارج البلاد، حتى بدأت حملة دبلوماسية وسياسية واسعة لمساندته، حتى عاد إلى السودان بصفقة في 23 نوفمبر(تشرين الثاني) عام 2000 في عملية أطلق عليها اسم "تفلحون"، وذلك للقيام بالتعبئة الشعبية والتنظيم الحزبي والتفاوض مع النظام والاستمرار في الاتصالات الدبلوماسية.

وفي عام 2014 وجه انتقادات للسلطات السودانية وتعرض للاعتقال وكان قد سجن عدة مرات سابقاً في الأعوام 1969 و1973 و1983 و1989.

وولد المهدي في ديسمبر (كانون أول) عام 1935 في أم درمان، وحصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد عام 1957، وبعد وفاة والده الصديق المهدي عام 1961 تولى إمامة الأنصار وقيادة الجبهة القومية المتحدة.

ورأس المهدي منذ مارس (آذار) الماضي "قوى نداء السودان" وهو تحالف للمعارضة يضم أحزاباً مدنية، وحركات مُسلحة، ومنظمات مجتمع مدني.