الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مع خلفية للعلمين الأمريكي والإيراني.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مع خلفية للعلمين الأمريكي والإيراني.(أرشيف)
الخميس 26 نوفمبر 2020 / 14:47

لماذا على بايدن عدم استعجال التفاوض مع إيران؟

أشار الباحث في معهد المشروع الأمريكي وانغ شيو إلى أن الإدارات الجديدة في واشنطن تميل إلى إلقاء اللوم في إخفاقات السياسة الخارجية على الإدارات السابقة، عوضاً عن لوم أعداء أمريكا.

راهنت القيادة الإيرانية على فوز بايدن وتفادت حواراً جدياً مع إدارة ترامب أو تقديم تنازلات حول بنود الغروب المثيرة للجدل ضمن الاتفاق النووي

وكان هذا واضحاً في انتقاد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن المتكرر لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وتعهده بالعودة إليه في حال التزمت به إيران بشكل صارم. وقبل الانتخابات بأسابيع، كتب بايدن أن حملة الضغط الأقصى كان "نعمة" على النظام الإيراني و"إفلاساً" لمصالح أمريكا.

لكن شيو، وهو سجين سابق في إيران بين أغسطس(آب) 2016 وديسمبر(كانون الأول) 2019، رد على بايدن في موقع "ريل كلير وورلد" موصياً إياه بضرورة إدراك أن الوقت لا يقف إلى جانب إيران. فالنظام غير مستقر والعملة الوطنية تنخفض بشكل حاد. بينما تقف غالبية دول المنطقة متحدة ضد آيات الله. بإمكان الولايات المتحدة تحمّل الانتظار كما بإمكانها استخدام أسلوب المقايضة الإيراني لتعزيز مصالحها عبر دفع القادة الإيرانيين كي يقوموا بالخطوة الأولى.

بايدن مخطئ
يرى شيو أنه من المفيد مناقشة فائدة سياسة الضغط الأقصى مع عقوباتها وقيودها على كل جانب من جوانب النظام الإيراني. لكن بايدن مخطئ في اقتراح أن تلك السياسة كانت نعمة على إيران. خلال أسابيع على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، خسر الريال الإيراني نصف قيمته وتدهور الاقتصاد.

صحيح أن زعماء إيران نجوا في المدى القصير مستخدمين كل إجراء متاح أمامهم. فهم يحكمون دولة كبيرة ذات اقتصاد متنوع نسبياً وقد مكنت السوق المحلية الحيوية النظام الإسلامي من تفادي تداعيات هذه الجولة من الضغط العقابي. لكن المشهد على المدى البعيد مختلف جداً.

شراء الوقت... لا أكثر
يفرض الانكماش الطويل المزيد من الاستياء والاضطرابات الداخلية على النظام. قبل تفشي فيروس كورونا الذي حصد أكثر من 40 ألف وفاة وعلى الأرجح أكثر من ذلك بكثير في إيران، كانت التظاهرات في البلاد تندد بالفساد ولاشرعية النظام. هنالك حدود لقدرة الأخير على إدارة غياب الاستقرار عبر الإكراه والقمع بالنظر إلى الكلفة البشرية والمالية لهذه السياسة.

قد تشتري هذه الطريقة بعض الوقت، لكنها ليست كافية لإنقاذ حياة مريض. وبينما أبطأوا النزيف مؤقتاً، يراهن القادة الإيرانيون على أن بايدن يناسبهم أكثر وسيعكس العقوبات ويسمح لهم بتفادي الخيار بين تغيير السياسة أو انهيار البلاد.

ليست بالبساطة التي يتخيلها

في إشارة إلى أن الأمور قد لا تبدو بالبساطة التي يأملها بايدن، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن على الإدارة الجديدة "التعويض عن الأخطاء الماضية" التي ارتكبتها إدارة ترامب. وأسقطت وزارة الخارجية الإيرانية فكرة إدخال أي تغييرات في الاتفاق النووي.

منذ عهد أوباما، كان منطق الانفتاح الأمريكي على طهران مستنداً إلى الاعتقاد بأن التعامل معها وتأمين تخفيف العقوبات سيساعد الإصلاحيين في صراعهم ضد المتشددين. قد يعمد فريق بايدن أيضاً إلى تبرير الانفتاح المتجدد بالاعتقاد بإمكانيته تعزيز الإصلاحيين قبل ذهاب الإيرانيين إلى الانتخابات في مايو (أيار) 2021.

أين الخطأ؟
يسيء هذا الاعتقاد فهم واقع أساسي في إيران: السياسيون الإيرانيون تابعون لشخصيات دينية وأمنية غير منتخبة داخل النظام. إن رئيساً إصلاحياً قد يفاوض أو حتى يوقع على اتفاق، لكن ليس من صلاحياته أو صلاحيات وزير خارجيته تحديد سلوك الحرس الثوري أو المرشد الأعلى. إن الفصيل الوحيد ذات السلطة لتطبيق الاتفاق هو الفصيل المتشدد الذي لطالما حاول الديبلوماسيون الأمريكيون تجاهله.

الصمت والحفاظ على المسافات
راهنت القيادة الإيرانية على فوز بايدن وتفادت حواراً جدياً مع إدارة ترامب أو تقديم تنازلات حول بنود الغروب المثيرة للجدل ضمن الاتفاق النووي. إنها تؤمن أن بايدن سيوفر نجاة نظامهم من دون طلب تسويات أساسية. ذكر شيو أن ديبلوماسية استراتيجية حقيقية تتطلب الصمت والحفاظ على المسافات في بعض الأوقات.

إذا قرر بايدن أنه يريد ببساطة الانتظار حتى يقدِم الإيرانيون على الخطوة الأولى، فقد يجد أن قدرة النظام على تحمل الضغط الأقصى ضئيلة للغاية. وبعدها، ستنفتح أمامه خيارات ديبلوماسية أوسع بكثير مما يتخيله هو أو مساعدوه.