الجمعة 27 نوفمبر 2020 / 10:33

صحف عربية: ضمير عون "مرتاح" وحزب الله يستثمر بـ "المقاومة"

تتواصل الأزمة العميقة في لبنان مع إبراز وسائل الإعلام لـ "الرسالة التذكيرية" من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لنظيره اللبناني ميشال عون لتؤكد أن لم ترفع بعد "الراية البيضاء" في ما خص مبادرتها الرامية إلى تشكيل حكومة اختصاصيين.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الجمعة، فإن لبنان يرسم مثالاً واضحاً لمدى الاستئثار التي سمح لميليشيا حزب الله بالسيطرة على البلاد بشكل كامل، حيث يعمد إلى التوفيق بين تحالفاته خدمة لأهدافه ومصالحه للحصول دوماً على تبرير وغطاء لسلاحه وتحقيق مصالحه السياسية سلطوياً.

المقاومة .. فعل استثماري لقتل الشعوب
رأى فاروق يوسف في صحيفة العرب اللندنية أن "الثقل الأكبر للمقاومة وقع على المجتمعات العربية التي قُدّر لها أن تكون حاضنتها رغماً عنها، أما الأعداء الذين هم هدف تلك المقاومة، فهم لا يشعرون إلا بشيء من الانزعاج بين حين وآخر بسبب تلك المقاومة".

وأضاف "إن الثمن الذي دفعه لبنان بسبب وجود حزب الله لا يمكن مقارنته بالإزعاجات التي سببها ذلك الحزب لإسرائيل عبر الثلاثين سنة الماضية. كذلك الأمر بالنسبة إلى حركة حماس التي استباحت القضية الفلسطينية وخطفت قطاع غزة وأذلّت أهله واستعبدتهم وجعلت التوافق الوطني الفلسطيني أمراً مستحيلاً وهي في الوقت نفسه ترفع شعار الحرب على إسرائيل التي لم تصل إليها تلك الحرب إلا بما يشبه الطنين في الأذن".

وقال "لقد تحولت المقاومة على أيدي تجارها من فعل حياة إلى عمل استثماري. فحين تهيمن الحركات المقاومة على دول وتتحكم بمصائر شعوبها تكفّ عن أن تكون مقاومة".


اشمئزازٌ دولي من سلوك قادة لبنان
ورأت صحيفة الراي الكويتية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون توّج، أمس، "التقريع" الخارجي المتدحرج الذي تتعرّض له الطبقة السياسية اللبنانية في العلن والسرّ، معاوداً باسم المجتمع الدولي تكريسَ "خريطة الطريق" التي ارتكزت عليها مبادرته كباب وحيد لتعبئة أصدقاء "بلاد الأرز" الضرورية من "أجل تفادي انهيار البلد ومساعدته على اعتماد الإصلاحات التي لا مفرّ منها لنهوضه من جديد".

ولم يتوان ماكرون في رسالة مطوّلة للرئيس ميشال عون (الحليف الأبرز لحزب الله)، لتهنئته بعيد الاستقلال، عن مخاطبة نظيره اللبناني بلغة غير مألوفة ذكّره فيها بـ"واجباته" و"مسؤولياته" في ملف تشكيل حكومة على عجل، بحسب الصحيفة.

وفي رأي أوساط سياسية أن "الرسالة التذكيرية" الفرنسية تحمل بعدين متوازيين: الأوّل أن باريس لم ترفع بعد "الراية البيضاء" في ما خص مبادرتها الرامية إلى تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين ولا ولاءات سياسية لهم تنفّذ الأجندة الإصلاحية التي يراها المجتمع الدولي - في جانب منها - مدخلاً لإنهاء تطويع "النظام التشغيلي" للحكم في البلاد لخدمة حزب الله ومشروعه الإقليمي، والثاني أن مواقف الرئيس الفرنسي تلاقي الوقائع التي تتقاطع عند تأكيد حراجة المرحلة التي يمّر بها لبنان، فيما تزداد المؤشراتُ الخارجية إلى أن ما تشهده المنطقة، حرباً أو سلماً، يشي بأن يضع البلاد إما في فوهة المدفع أو على قارعة التحوّلات الإستراتيجية معزولةً وغارقةً في أزماتها.


بعيداً عن مصلحة لبنان
أما شارل جبور في صحيفة "الجمهورية" اللبناني، فأشار إلى أن هناك من يعتبر أنّه في اللحظة التي يتفق فيها "حزب الله" مع تيار "المستقبل"، أي عندما يعقد تفاهماً شيعياً - سنّياً، يتخلّى عن تحالفه مع "التيار الوطني الحر"، أي يبدّي التحالف مع السنّة على المسيحيين.

إلا أن الحزب لا يجد نفسه مضطراً إلى تبدية خيار على آخر، بل يحاول التوفيق بين تحالفاته خدمة لأهدافه ومصالحه. تشكّل العلاقة بين الحزب والتيار الوطني الحر أفضل تجسيد للمقايضة بين الطرفين، بين من يبرر دور سلاح الحزب ويغطيه، وبين من يستخدم الفيتو الشيعي تحقيقاً لمصالح شريكه المسيحي سلطوياً، فهناك مصلحة متبادلة بين الطرفين.

لقاح ضد عوارض المسؤولية
أما صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية فرأت أن العبارة التي توجه بها رئيس الجمهورية ميشال عون أمس إلى زواره "ضميري مرتاح وبالي مشغول"، بدا كمن يواسي نفسه بنفسه ويربّت بيده على كتفه، مجنباً عهده أي "وخزة ضمير" عمّا حمله من ويلات ومصائب على البلد وأبنائه. هي جرعة "عونية" جديدة من لقاح "ما خلونا - لم يدَعونا نعمل" ضد التحسّس بعوارض المسؤولية عن الانهيار الذي سحق الدولة ومحَق اللبنانيين، وقد بيّنت التجارب المريرة مع حالة نكران الواقع الرسمية أنّ نسبة فعالية هذا اللقاح تجاوزت حتى نسبة الـ95% التي حققتها نتائج اختبارات لقاحات "كورونا"!

وأضافت "هنيئاً لكم الضمير المرتاح، وحبذا لو تتركوا البال المشغول لعموم اللبنانيين البائسين الذين باتت مأساتهم تلوكها الألسن من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، حتى أضحوا كالنازحين في وطنهم تُنظم لهم مؤتمرات مساعدة وإغاثة وإعاشة لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة. ومن باب العطف والشفقة عليهم، يأتي تنظيم باريس بالشراكة مع الأمم المتحدة مؤتمراً دولياً مخصصاً لتقديم المساعدات الإنسانية للبنان في الثاني من الشهر المقبل، مع كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعون القاسي ولكن بأسلوب ديبلوماسي".