لاجئات من عفرين يتظاهرن ضد انتهاكات الفصائل المدعومة من تركيا (أرشيف / أ ف ب)
لاجئات من عفرين يتظاهرن ضد انتهاكات الفصائل المدعومة من تركيا (أرشيف / أ ف ب)
السبت 28 نوفمبر 2020 / 11:48

تطهير عرقي للأكراد في سوريا.. برعاية تركية

قد يكون الخطأ الأكبر في إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القرار الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 عندما طالب القوات الأمريكية بالجلوس جانباً، ما أعطى الضوء الأخضر للغزو التركي لشمال سوريا الذي أدى إلى قتل واغتصاب وطرد السكان الأكراد.

وبرأي باتريك كوكبرن في تقرير له بصحيفة "ذي إندبندنت" أنه قبل 18 شهراً، لم يفعل ترامب شيئاً وسط احتلال الجيش التركي مقاطعة عفرين الكردية واستبدال السكان هناك بمقاتلي التنظيمات الإرهابية.

ويعتبر الكاتب أنّ ذلك الانسحاب كان بمثابة خيانة لحليف قاد مقاتلوه بدعم أمريكي المعارك ضد تنظيم داعش الإهابي.

ويذهب الكاتب إلى أن عدم إثارة الجدل حول قرار ترامب آنذاك قد يكون العامل الأساسي الذي سمح تركيا بارتكاب عمليات القتل والخطف والإخفاء وطرد مئات الآلاف من منازلهم.

تحت السيطرة التركية، بات من المستحيل على المراسلين المستقلين زيارة عفرين أو المنطقة التي تحتلها تركيا حول بلدتي تل أبيض ورأس العين.

ولكن بحسب بعض شهود العيان، تستمر عملية التطهير العرقي في المنطقة.



روهيلات هوار، امرأة كردية (34 عاماً) ولديها ثلاثة أطفال، كانت تعمل مدرسة للرياضيات في مدرسة في مدينة عفرين قبل الهجوم التركي. حاولت الفرار في فبراير (شباط ) 2018 "بسبب ضربات جوية تركية يومياً"، لكنها مُنعت من الدخول إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية والتي كان عليها المرور عبرها للوصول إلى منطقة الحكم الذاتي التي يسيطر عليها الأكراد.

عادت إلى مدينة عفرين حيث تعرض منزلها للنهب. وهي محاصرة الآن. وتقول إن الميليشيات المدعومة من تركيا تطلق النار على أي شخص يحاول المغادرة: "قُتلت صديقة لي مع طفلها البالغ من العمر 10 سنوات العام الماضي أثناء محاولتها الفرار".

باعتبارها واحدة من الأكراد القلائل الذين بقوا في حيها القديم حيث استولت عناصر التنظيمات الإرهابية الناطقة باللغة العربية وعوائلهم على البيوت، فهي باتت اليوم لا تجرؤ على التحدث باللغة الكردية في الشارع. الجيش التركي يعتبر كل الأكراد "إرهابيين"، الخطورة الأكبر أتت من عناصر تلك التنظيمات الإرهابية الذين يعتبرون الأكراد "وثنيين وكفاراً يجب قتلهم بأمر من الله".

الأكراد الباقون على قيد الحياة في عفرين لا حول لهم ولا قوة، ويتم استغلالهم من قبل عناصر الميليشيات المتجولين. عند ذهابها إلى السوق في وقت سابق من الأسبوع، رأت روهيلات فتاتين كرديتين تسيران في نفس الاتجاه. كان اثنان من الميليشيات يحملان مسدسات على دراجة نارية يمران بجانبهما ببطء. تقول روهيلات: "فجأة اقتربت الدراجة النارية من الفتاتين وأمسك رجال الميليشيا الجالسون خلف الدراجة بثدي إحداهن". بدأت الفتاتان في البكاء. نزل رجال الميليشيا من دراجتهم النارية وبدأوا في تقبيلهن ومداعبة صدورهن، ولم ينصرفا إلا عندما احتشد الناس واصطحبت روهيلات الفتاتين إلى منزلها.

وفي مناسبة أخرى، عندما كانت تشتري الخبز من السوق، رأت مسلحاً من التنظيمات المتطرفة يطلب من عامل كردي أن يغادر المدينة. وعندما احتج قائلاً إنه ليس لديه مكان آخر ليذهب إليه، صفعه المسلح وجهه وقال: "أنتم الأكراد وثنيون وكفار بالله (رغم أن الأكراد جميعهم من المسلمين السنة تقريباً)".



في المنطقتين الكرديتين سابقاً في سوريا، كان أحدث نوع للاحتلال التركي هو سيطرة عناصر الميليشيات العربية ومعظمهم من الإرهابيين الآتين من أماكن مختلفة من سوريا. كان الأكراد في عفرين إلى حد كبير من المزارعين، ويزرعون الفاكهة والخضروات، وقبل كل شيء الزيتون. لكن روهيلات تقول إن المستوطنين الجدد هم من سكان المدن "يقطعون أشجار الزيتون ويبيعونها حطباً". نتيجة لذلك، بات يجب استيراد المواد الغذائية وبيعها بسعر أعلى.

من خلال ترك المناطق المأهولة من السكان الأكراد إلى مسلحين إسلاميين مناهضين للأكراد، تضمن الحكومة التركية التطهير العرقي، ولكن من دون أن تظهر بأنها المسؤولة بشكل مباشر. حتى وقت قريب، كان عناصر الميليشيات يتقاضون 100 دولار شهرياً من تركيا، لكن لم يمنعهم أحد من استكمال النهب ومصادرة الممتلكات الكردية بينما يغض الجيش التركي النظر.

لكن منذ أغسطس (آب)، تم تخفيض رواتب العناصر المسلحة، وبدأت دوريات الجيش التركي تضيق الخناق على عمليات النهب. والهدف من ذلك هو إقناع المسلحين بالتطوع للقتال كوكلاء لتركيا في ليبيا وضد الأرمن في ناغورنو قرة باغ. لقد قُتل الكثير منهم. وشهدت روهيلات العديد من خيام الحداد التقليدية للرجال الذين لقوا حتفهم في القتال في الخارج، على الرغم من غياب الجثث التي يجدر دفنها.



على الرغم من أن الحياة بالنسبة لروهيلات قاتمة، فهي واحدة من الناجين بينما الأكراد الآخرون هربوا ويعيشون اليوم في معسكرات غير صحية، أو ربما قتلوا أو احتجزوا من أجل فدية أو بكل بساطة اختفوا. كما أن الحملة التركية ضد 3 ملايين كردي سوري من غير المرجح أن تهدأ. على العكس، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن غزو آخر من شأنه أن ينهي عملياً مهمة تطهير السكان الأكراد.