الأحد 29 نوفمبر 2020 / 13:52

اغتيال زاده.. استعراض لقدرات استخباراتية هائلة

24 - بلال أبو كباش

شكل مقتل العالم النووي الإيراني يوم الجمعة الماضي ضربة قوية لطهران وعبئاً إضافياً على برنامجها النووي الذي تلقى ضربات عديدة أبرزها تفجير مفاعل نطنز.

بعد مقتل محسن خيري زاده تبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات، فوجه الرئيس الإيراني حسن روحاني أصابع الاتهام نحو إسرائيل متوعداً بالرد دون تقديم دلائل حية تثبت تورط الموساد في العملية، في حين رد الوزير الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس السبت، أنه "لا يوجد لديه دليل بشأن من الذي يقف وراء قتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في طهران"، واعتبر رد هنجبي شبه رسمي خاصة وأنه مقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

عودة بايدن للاتفاق
وتعارض إسرائيل بشدة الاتفاق النووي الإيراني، وترفض وصول إيران لقنبلة نووية معتبرة أن تلك الخطوة تهديد لأمنها، وفي ظل حديث الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن عن العودة للاتفاق النووي الذي كان مطلعاً عليه وأحد مهندسيه خلال توليه منصب نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يزداد الضغط الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية الجديدة للتفكير بتأن قبل العودة للاتفاق.

في صحيفة "هآرتس" يقول المحلل والكاتب الإسرائيلي زيفي برئيل، إن مقتل فخري زاده هو من حيث المبدأ استعراض لقدرات استخباراتية هائلة بهدف التوضيح لإيران أن حملة البحث الإسرائيلية عن الخبراء النوويين الإيرانيين مستمرة بلا هوادة. ويضيف برئيل، أن مقتل خيري زاده يؤثر بأشكال عدة على البرنامج النووي الإيراني لكنه أبعد ما يكون عن إنهائه أو تدميره بشكل كامل.

رسالة إسرائيلية
ويضيف برئيل، أن توقيت الاغتيال الذي وقع يوم الجمعة الماضي، يعكس رسالة واضحة للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، تهدف إلى إظهار رفض إسرائيل لنية بايدن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وقضايا أخرى، مثل تجميد إيران برنامج الصواريخ الباليستية مقابل التعاون الاقتصادي.

ويعد زاده واحداً من أكبر العلماء النويين في إيران، إن لم يكن أهمهم، وكشف الناطق باسم منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة علي رضا جعفر زاده أمام نادي واشنطن للصحافة، عن قائمة تضم 21 عالماً فيزيائياً مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني، وجاء اسم فخري زاده في المرتبة الثانية على القائمة. وتربع في المقام الأول فريدون عباسي، الذي أصيب في 2010 بجروح خطيرة في محاولة اغتيال نُسبت إلى إسرائيل.

وجرى في العقد الماضي، اغتيال العديد من العلماء النوويين في إيران، لكن واكبت إيران جهودها النووية وضمت المئات من الخبراء النوويين الآخرين، خاصة خريجي الجامعات والأساتذة والمهنيين، ما أضفى طابعاً مؤسسياً على البرنامج النووي الإيراني، وأصبح شبكة كبيرة تدار من خبراء عدة يعكفون على تطوير الخطط النووية الإيرانية بشتى الطرق. وتشير التقارير إلى أن إيران تستورد من كوريا الشمالية وباكستان ودول غربية عدداً كبيراً من المكونات النووية المهمة وإذا فشلت تلجأ إلى السرقة، وتدار العملية من قبل نظام متعدد الفروع يخضع لسيطرة الحرس الثوري الإرهابي، والذي يتمتع بتمويل حكومي غير محدود تقريباً.

ويقول زيفي برئيل، إذا كانت إسرائيل تقف وراء عملية اغتيال فخري زاده بشكل منفرد، فإن الخطوة حتماً تتعارض مع السياسة الإسرائيلية القائمة على التحشيد الدولي ضد إيران، باعتبارها تشكل تهديداً عالمياً. ويقول أيضاً إن الاغتيال السري الناجح لا يمكن أن يشعل حرباً كبيرة، على عكس شن هجوم جوي مباشر على إيران، والذي يمكن أن يدفع المنطقة إلى حرب دولية. ويشير زيفي، إلى أن سلسلة الاغتيالات والهجمات الإسرائيلية الدقيقة على أهداف إيرانية مقبولة الآن خاصة في الأيام الأخيرة لدونالد ترامب الذي يقترب من توديع البيت الأبيض.

ويزداد الضغط الإسرائيلي الامريكي على إيران في الآونة الأخيرة، استباقاً لأي قرار من إدارة بايدن يعارض المناورات الإسرائيلية، بحجة أنها ستعرقل جهود العودة إلى الاتفاق النووي، وفي سيناريو آخر، يمكن أن تربط إيران استعدادها للعودة إلى التفاوض حول الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة بوقف الهجمات الإسرائيلية، كما يمكن أن تتبنى إيران سيناريو آخر أكثر تطرفاً تجدد فيه هجماتها عبر وكلائها في العراق واليمن ولبنان وسوريا، ضد أهداف أمريكية لإثبات أن إسرائيل بهجماتها المتتالية تعرض السياسة الأمريكية وموقفها في المنطقة للخطر، ولتقويض الادعاء بأن إسرائيل تتصرف بشكل مستقل دون اتصال أو دعم من قبل الولايات المتحدة.

وبحسب برئيل، فإن إيران لديها خبرة كبيرة في شن هجمات ضد أهداف أمريكية في الخليج والعراق، وهي هجمات لطالما وضعت ترامب في مواقف محرجة، واضطر في كثير من الأحيان إلى تبني سياسة عدم الرد، ويضيف برئيل، أن الولايات المتحدة أدركت أن تكلفة الاغتيالات قد تكون أحياناً أعلى بكثير من الأرباح، فمثلاً أدى مقتل قاسم سليماني في يناير (كانون الثاني) إلى مطالبة مجلس النواب العراقي بانسحاب القوات الأمريكية، وهي خطوة تتعارض مع موقف كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين وحتى مع موقف بايدن.