الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (أرشيف)
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (أرشيف)
الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 / 12:51

لماذا ستستمر معاناة الاقتصاد الإيراني في رئاسة بايدن؟

يعتقد الكثير من السياسيين والمراقبين أن الوضع الاقتصادي الإيراني سيتحسن في رئاسة جو بايدن، خاصةً إذا عاد إلى الاتفاق النووي.

غياب الاستقرار الاقتصادي غير المسبوق وعودة العقوبات ضد إيران، بالتوازي مع العزلة المالية بسبب رفض التعاون مع مجموعة العمل المالي، سيجلب صدمة جديدة إلى البلاد

ولكن المحلل السياسي مجيد رفيع زاده يدحض هذا المعتقد، ويقول إن الوضع في إيران أكثر تعقيداً، ولذلك، من غير المرجح أن يشهد الاقتصاد الإيراني قفزة شبيهة بتلك التي حققها عقب التوقيع على الاتفاق في 2015.

وقال رفيع زاده في صحيفة "ذي أراب نيوز" السعودية، إن إيران تمتعت برحلة مجانية في النظام المالي العالمي ليس بسبب الاتفاق النووي وحسب، بل لأنها أيضاً وعدت المؤسسات الدولية البارزة بتعزيز القواعد المالية لمكافحة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب.

مجرد كلمات

تعهدت إيران بتطبيق الإصلاحات العشرة التي طالبت بها مجموعة العمل المالي "فاتف" لتصبح قوانينها الداخلية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب مطابقة للمعايير العالمية. ونتيجة لهذا التعهد، أزيلت القيود المالية، وساعد الاتفاق النووي في تدفق العائدات الدولية الإضافية، وتحريك التجارة الخارجية، الانخراط في عالم الأعمال، وتدفق رؤس الأموال.

ولكن وعود القادة الإيرانيين لمجموعة العمل المالي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى كانت مجرد كلمات، فلم تنفّذ جميع الإصلاحات التي تعهدت بها طهران.

لا مفاجأة

تراقب مجموعة العمل، في باريس، تبييض الأموال حول العالم، وفي 2018، أعطت طهران مهلة نهائية لتطبيق إصلاحاتها. وحذر مساعد وزير الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب والذي كان يرأس المجموعة يومها مارشال بيلينغسلي طهران من اتخاذ إجراءات ضدها في فبراير (شباط) 2019 إذا لم تلتزم بوعودها.

وحض مدير الاتصال في صندوق النقد الدولي جيري رايس الإيرانيين على تعزيز قوانينهم لمكافحة تبييض الأموال بحلول فبراير(شباط) 2019 أيضاً. ويضيف رفيع زاده أن رفض طهران وقف هذه العمليات لم يكن مفاجئاً.

إيران تُستثنى حتى من الحلفاء
نفد صبر مجموعة العمل المالي في فبراير(شباط) 2020، فوضعت إيران على اللائحة السوداء للدول الممولة للإرهاب، ذاكرة فشلها في تطبيق اتفاقيتي باليرمو، ومكافحة تمويل الإرهاب، وفقاً لمعايير المجموعة.

وبالتالي، وحتى ولو أعادت إدارة بايدن الانضمام إلى الاتفاق النووي، ستتردد شركات ومؤسسات مالية عدة في التعامل مع إيران. ولهذا السبب، حين اتفقت 15 دولة ومن بينها الصين على توقيع واحدة من أكبر الاتفاقيات التجارية الحرة، استثنيت إيران منها.

الإعلام يعترف

اعترفت صحيفة عصر الاقتصاد الإيرانية الرسمية بأنّه "نظراً إلى أن إيران ليست عضواً في المنظمات القوية وذات السمعة الطيبة مثل منظمة شنغهاي للتعاون، فقد استفاد اقتصاد إيران بدرجة أقل من مكاسب العولمة والعلاقات الدولية. وهي القضية التي جعلت العديد من المستثمرين الأجانب يترددون في دخول السوق الإيرانية".

ولفت موقع أتاق-إيران النظر إلى أهمية مجموعة العمل في مارس (آذار) الماضي قائلاً إن "الإخفاق في التعاون مع فاتف سيُنتج عزلة الدولة المعنية. في قضية إيران، ستكون التداعيات مزدوجة. فالاقتصاد الإيراني ليس في وضع طبيعي. إن غياب الاستقرار الاقتصادي غير المسبوق وعودة العقوبات ضد إيران، بالتوازي مع العزلة المالية بسبب رفض التعاون مع مجموعة العمل المالي، سيجلب صدمة جديدة إلى البلاد لن تتحملها القوة الاقتصادية" للبلاد.

العملة المحلية
يستعرض رفيع زاده سبباً ثانياً سيحرم الاقتصاد الإيراني من الاستفادة من عودة بايدن المحتملة إلى الاتفاق النووي، فمن غير الواقعي التفكير في عودة الريال الإيراني إلى القيمة التي كان عليها في 2015، أي أن يرتفع من 250 ألفاً مقابل للدولار إلى 25 ألفاً.

وتاريخياً، لا تستطيع العملات اكتساب قيمة مضاعفة عشر مرات في بضع سنوات فقط. وبشكل أكثر جوهرية، لا ترتبط الأزمة المالية الحالية في إيران بشكل وثيق بالاتفاق النووي، فالريال يتراجع منذ وصول النظام إلى الحكم في 1979، وواصله انهياره حتى في زمن الاتفاق النووي.

تدهور مطرد بسبب الإرهاب

في 1979، كان الدولار الأمريكي يساوي 70 ريالاً. وبعد حوالي عقد من الزمن أصبح الدولار يساوي 800 ريال، وحوالي 7000 ريال في 2000، و20 ألفاً في 2010، ويحوم اليوم فوق 250 ألفاً.

تظهر هذه الأرقام أن قيمة العملة الإيرانية تراجعت 10 مرات تقريباً كل عقد، بصرف النظر عن الذي يشغل البيت الأبيض. وتعود أسباب هذا التراجع المطرد إلى سوء الإدارة المنهجية للاقتصاد، والفساد المالي للمسؤولين والمقربين منهم، وإلى تبديد ثروة البلاد على دعم المجموعات والوكلاء الإرهابيين في المنطقة، عوض إنفاقها على الاقتصاد وخلق الوظائف.

وهذا يُظهر مجدداً حسب رفيع زاده سبب استمرار معاناة الاقتصاد الإيراني المنتظرة، حتى لو انضم بايدن إلى الاتفاق النووي من جديد.