إيرانيتان في أحد شوارع طهران (أرشيف)
إيرانيتان في أحد شوارع طهران (أرشيف)
الأربعاء 2 ديسمبر 2020 / 14:06

كيف حول النظام الإيراني حياة شعبه إلى لعبة؟

مع الزيادة الكبيرة في الإصابات بفيروس كورونا بين الإيرانيين، يتكشف كيف حول النظام الإيراني الوباء إلى لعبة سياسية وأمنية من أجل مصالح فئوية، وهو ما أكدته استقالتان لمسؤولَين حكوميّين أخيراً.

انتهز فصيل روحاني الفرصة، وحاول لوم المسؤولين المستقيلين على ما واجهته إيران في الأشهر التسعة الماضية

ووصف الكاتب السياسي في موقع "إيران فوكس" هوشانغ أميري جميع القضايا العامة في إيران، السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، بالفوضى المثيرة للالتباس.

فبسبب مقاربات الحكومة، يتم التعامل مع جميع هذه القضايا من منظور أمني بالتوازي مع غياب الخبرة الرسمية، ما يؤدي ذلك إلى اندلاع خلافات سياسة أمنية داخل القيادة الإيرانية. ويعد تفشي فيروس كورونا أحد أهم هذه القضايا.

مِن نقل فيروس كورونا عبر خطوط ماهان الجوية التابعة للحرس الثوري مروراً بالصمت الرسمي المقصود على بداية التفشي في مدينة قم، وصولاً إلى استقالة مسؤولَين في وزارة الصحة في الأسابيع الأخيرة، ترتبط الأمور بالطبيعتين السياسية والأمنية في البلاد.

وأدى هذا الأسلوب في التعامل مع الجائحة إلى وفاة أكثر من 170 ألف شخص في إيران. في حين تكشف استقالة المسؤولين بعض الحقائق عما يجري خلف ستار انتشار الوباء.

دجل وخداع روحاني
في الأشهر الماضية، تبجح الرئيس الإيراني حسن روحاني كثيراً بتقدم بلاده في مكافحة كورونا، قائلاً إنها تتفوق على دول مثل ألمانيا، والولايات المتحدة.

ويرى أميري أنه بسبب صفتيه الأساسيتين، الدجل والخداع، لم يؤمن روحاني قط دليلاً علمياً على كلامه. واليوم، وبعد استقالة المسؤولين، أصبح هو وحكومته دون حيلة.

بعد تسعة أشهر من اللعب السياسي، كشف وزير الصحة الإيراني سعيد ناماكي أن جميع تحاليل قسم الأبحاث في وزارته كانت خاطئة. وقال: "98% من أبحاثهم غير فاعلة".

ورداً على تعليقات ناماكي، استقال نائب وزير الصحة لشؤون الأبحاث والتكنولوجيا رضا مالك زاده وكشف بعض تفاصيل الأكاذيب والاحتيالات، في الكواليس.

تهرّب وتبجّح

انتقد مالك زاده وزير الصحة قائلاً: "هربتَ من تحمل المسؤولية كلما ارتفعت نسبة التفشي والوفاة. وكلما انخفضت الإحصاءات قليلاً، تزعم أنك تعلم العالم كيفية إدارة أزمة كورونا، وتحدثتَ أخيراً عن إطلاق حملة لإنتاج لقاح في إيران".

يُظهر جانب آخر من هذه الاستقالات مدى تسييس فيروس كورونا في إيران والتعامل معه من منطلق المصالح الفئوية، وتعامل الأمنيين مع الاستقالتين وفقاً للطريقة الدعائية المعتادة للنظام.

منظمة الصحة... "صهيونية"

في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طالبت شبكة على تطبيق تيليغرام تابعة للحرس الثوري باعتقال المسؤولين المستقيلين. ووصفت الشبكة رضا مالك زاده بالمرتبط بـ "منظمة الصحة العالمية الصهيونية". وقالت إنه "حول الإيرانيين إلى مختبر فئران لأدوية المنظمة".

على الضفة الأخرى، انتهز فصيل روحاني الفرصة، وحاول لوم المسؤولين المستقيلين على ما واجهته إيران في الأشهر التسعة الماضية.

وعبر حسابه على تويتر، عمل عضو مكتب الرئيس الإيراني على التضحية برضا مالك زاده بالنيابة عن أخطاء الحكومة، قائلاً: "كانت تصريحات روحاني مبنية على تقديرات نائب وزير الصحة".

أرواح الإيرانيين... لعبة
يشير أميري إلى حجم الادعاءات التي أطلقها وزير الصحة والرئيس عن السيطرة على كورونا، لكن عندما فشل تسييس الوباء في خدمة مصالح النظام، ضحيا فوراً بالمسؤولين الوالين لهما.

وفي وقت توفي أكثر من 170 ألف إيراني، تُبرز هذه الألعاب بداية تنافس سياسي داخل الحكومة من أجل الاستعداد لاستعراض انتخابات 2021 الرئاسية.

وفي هذا الاستعراض، أضحى فيروس كورونا تسوية بين مصالح الفصائل، وبين كيف أنه، ومنذ البداية لم يكن هنالك قرار أو إرادة لدى المرشد علي خامنئي لمواجهة الوباء. وأن كل ما حصل حسب أميري كان لعبة سياسية وأمنية بحياة الشعب الإيراني.