مخيمات النازحين بالعراق (أرشيف)
مخيمات النازحين بالعراق (أرشيف)
السبت 5 ديسمبر 2020 / 00:23

شبح داعش يطارد عائلات مع إغلاق العراق للمخيمات

انتقلت العراقية تقى عبد الله وأفراد أسرتها من مخيم للنازحين إلى آخر خلال السنوات الثلاث الماضية، يحدوهم الأمل في أن يكون باستطاعتهم ذات يوم العودة إلى ديارهم.

وكانت تقى في سن الرابعة عشر لا أكثر عندما اصطحب والدها الأسرة إلى الموصل، وقت أن كانت المدينة معقلاً لتنظيم داعش الإرهابي، وورثت تقى إرثاً قد يحتاج محوه إلى أجيال، وفي نفس الوقت تنفد الاختيارات المتاحة أمامها.

وعندما سيطرت القوات العراقية على الموصل في الأيام الأخيرة للخلافة التي أعلنها تنظيم داعش والتي استمرت 3 سنوات قُتل والدها وأشقاؤها الأكبر، وأفراد الأسرة الباقون من بين آلاف كثيرة من أقارب المتهمين بالانتساب للتنظيم الذين انتقلوا بعد هزيمته إلى مخيمات مؤقتة.

وفي الشهر الماضي بدأ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إغلاق المخيمات الباقية قائلاً إن ديار الأسر أولى بها، لكن كثيراً من المقيمين في المخيمات ما زالت مجتمعاتهم المحلية تمنعهم من العودة قائلة إنهم كانوا ضمن التنظيم الذي فرض حكمه الوحشي على أجزاء كبيرة من شمال العراق.

وعندما تم إغلاق مخيم الجدعة 1 الذي كانت تقيم فيه تقى وأسرتها لم يعودوا إلى قريتهم بالقرب من بلدة القيارة في شمال العراق لكنهم ذهبوا خلافاً لذلك إلى مخيم الجدعة 5، وقالت تقى التي تقيم في خيمة مع والدتها وجدتها وأشقائها الأصغر "ليس لنا مكان نذهب إليه إذا أغلقوا هذا المخيم".

ليس أمامنا غير الانتحار
وتقول الحكومة في بغداد إن ثلاثة مخيمات فقط ما زالت مفتوحة من بين 47 مخيماً خارج إقليم كردستان، وإنها تأمل في إغلاق المخيمات الثلاثة بحلول أوائل العام المقبل وترفض قول منظمات إغاثة إنسانية إن عملية الإغلاق متعجلة للغاية، وليس من الواضح متى يتم إغلاق 26 مخيماً في إقليم كردستان شبه المستقل.

ولجأ أيضاً أحمد خليف وأسرته إلى مخيم الجدعة 5 خلال عمليات إغلاق المخيمات الأخيرة، رغم أن ديارهم لا تبعد عن المخيم سوى حوالي 15 كيلومتراً، وقال "إذا أغلقوا الجدعة لن يكون أمامنا مكان نذهب إليه، ليس أمامنا غير الانتحار".

وقال نجم الجبوري محافظ نينوى التي توجد فيها مخيمات الجدعة إن "بعض أفراد الأسر المتهمة بأنها كانت مع تنظيم داعش يمكنهم العودة إلى ديارهم لكن لم يتم بعد التوصل إلى حل وسط حول العودة مع بعض زعماء العشائر"، وأضاف "يبقى عدد يجوز أن يصل إلى ألف عائلة أو أكثر من الصعوبة أن يرجعوا إلى أماكنهم".

وبالقرب من بلدة القيارة حيث يوجد مخيم الجدعة كان عبد الكريم الوكاع زعيم عشيرة الجبوري من بين من قرروا مصير أقارب أعضاء التنظيم خلال اجتماع عقد عام 2016، ويقول الوكاع إن من بايعوا داعش أو تباهوا به أو استفادوا منه ممنوعون من العودة إلى ديارهم.

وواصل خليف عمله سائقاً لسيارة أجرة تحت حكم التنظيم مما جعله موضع شبهة استغلال الصلات الأسرية، وقال إن ثلاثة من أبنائه في السجن لصلاتهم بداعش

ويقول حسين علي، ابن مختار بلدة خليف والمسؤول عن ملفه، إنه يتمنى عودة جميع الأسر لكن السلطات المحلية لا يمكنها ضمان سلامة خليف، وحتى إن لم تكن موضع شبهة فإن الأسر المرتبطة بالتنظيم تحتاج غالباً إلى القيام بعملية أكثر بيروقراطية وتكلفة لتجديد بطاقات الهوية أو غيرها من الوثائق.

وقالت تقى إنها وأفراد أسرتها ظلوا خلال الشهور الماضية يبيعون حصص الطعام التي يحصلون عليها من المخيم يحدوهم الأمل في أن يكون لديهم من المال ما يكفي لتجديد وثائقها وأن تكون قادرة على العمل.

وقال الجبوري محافظ نينوى إنه قلق من أن الأسر عاشت معاً في عزلة قترة طويلة، مضيفاً أن الحكومة ما زالت تبحث عن مخرج آمن لإعادة دمجهم، وقال "عندنا الثأر موجود، ما تقدر كل العوائل (الأسر) أن ترجع إلى مناطقها، هذه معضلة حقيقية تواجهنا ونحاول نلاقي حلول لها".