الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (أرشيف)
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن (أرشيف)
السبت 5 ديسمبر 2020 / 10:44

الخارجية الأمريكية.. تغيير كبير

دانيال دريزنر - الاتحاد


أحد النقاشات المحتدمة التي تدور في مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية في عام 2020، هي ما إذا كان من الممكن، في عالم ما بعد (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب، العودة إلى الوضع الراهن قبل ترامب. بالنسبة للكثيرين، فإن الرغبة في العودة إلى الوضع الطبيعي قوية. بالنسبة لبعض النقاد، لم يكن النظام الدولي الليبرالي قبل عام 2016 عظيماً أبداً، ويتطلب إصلاحات أكثر بكثير من استعادته. وبالنسبة إلى النقاد الآخرين، فإن مجرد وجود ترامب يعني أن التيار الدولي الليبرالي السائد، ربما لا يكون مستداماً.

هذه مناقشات تستحق الخوض فيها. إن توقع احتمال قيام إدارة جو بايدن بتنفيذ سياسة خارجية ناجحة هو مسألة مهمة. ومع ذلك، لا زلنا في ديسمبر (كانون الأول) 2020، وبايدن لن يكون الرئيس لمدة ثمانية أسابيع أخرى. ولكن قد يكون من الجيد منح الفريق الجديد شهراً أو شهرين قبل كتابة تقارير حول الأداء.

هذا لا يعني أننا لا نستطيع عمل أي تنبؤات. نعلم أن بايدن سيكون الرئيس وأن كمالا هاريس ستكون نائبة الرئيس. إن بايدن تقليدي بما فيه الكفاية، بحيث لا يحتاج علماء السياسة إلى وضع تفسيرات على المستوى الفردي لسلوكهما.

نعرف أيضاً أعضاء فريق بايدن-هاريس الانتقالي الذي سيشغل المناصب الرئيسية في فريق السياسة الخارجية: "أنتوني بلينكين" وزيراً للخارجية، و"جيك سوليفان" مستشاراً للأمن القومي، و"أفريل هينز" مديراً للاستخبارات الوطنية، و"ليندا توماس جرينفيلد" سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، و"جون كيري" مبعوثاً رئاسياً لقضية تغير المناخ.

إذن، بناء على أدبيات العلوم السياسية، ما الذي يمكن أن نتوقعه من إدارة بايدن المقبلة؟ فيما يلي ثلاثة تنبؤات:

أولاً: الحد الأدنى من العمل المستقل. إن بايدن هو الشخص الأكثر خبرة الذي تم انتخابه رئيساً منذ جورج بوش الأب. هذا صحيح بشكل خاص في السياسة الخارجية. فقد شغل بايدن منصب نائب الرئيس لمدة ثماني سنوات ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لفترة أطول. وهو مهتم حقاً بالسياسة الخارجية وعلى دراية بها.

كما أشارت زميلتي إليزابيث سوندرز في بحثها المتميز عن المنظمة الدولية لعام 2017، من المرجح أن يعمل المرؤوسون المتمرسون بشكل مستقل عندما يكون الرئيس عديم الخبرة، لأنهم يعرفون أنهم أكثر عرضة للإفلات من العقاب. وهذا هو السبب في أنه كان يُنظر إلى نفس الأشخاص على أنهم يتصرفون بكفاءة تحت قيادة بوش الأب وأقل من ذلك في عهد بوش الابن. وهذا هو السبب أيضاً في اصطدام العديد من مرؤوسي ترامب مع بعضهم البعض ومع الرئيس، بشأن مسائل السياسة الخارجية.

يشير نموذج سوندرز إلى أن تجربة بايدن تعني أن العمل المستقل سيكون في الحد الأدنى مع الإدارة القادمة. لذا، توقع القليل من الحديث من المبعوثين عن تعمد خداع الرئيس.

ثانياً: ستعمل آلة السياسة الخارجية بشكل أفضل. وصل ترامب إلى الرئاسة وهو على قناعة بأنه يستطيع الخداع في ما يتعلق بالشؤون الخارجية. وتبين أن هذا غير صحيح، مما أدى إلى بعض الإخفاقات. وكانت هناك مشكلة ذات صلة وهي أن مرؤوسي ترامب أصبحوا يُنظر إليهم على أنهم لا يمثلون الرئيس. عاش الجميع في خوف من تغريدة رئاسية، من شأنها أن تعطل أي تفاهمات تم التوصل إليها من قبل. ومع مرور الوقت، كان هذا يعني أن المحاورين الأجانب كانوا يتجاهلون كلام الدبلوماسيين الأمريكيين ومسؤولي الأمن القومي.

إذا لم يكن هناك شيء آخر، فمن غير المرجح أن يقوم بايدن بإبطال أي شيء يقوله بلينكن بتغريدة. وجميع اختيارات السياسة الخارجية لبايدن تتم بالتشاور مع فريقه. علاوة على ذلك، معظم أعضاء فريقه شغلوا مناصب سياسية خارج المكان الذي هم على وشك التعيين فيه، كان سوليفان مديراً لتخطيط السياسات في وزارة الخارجية، وأمضى بلينكين وقتاً طويلاً في مجلس الأمن القومي، قبل أن يصبح نائب وزير الخارجية.

بالنسبة للمحاورين الأجانب، فإن الرسالة بسيطة. سيُنظر إلى مرؤوسي ووكلاء بايدن على أنهم امتداد للرئيس وليس كشخص قد يُطرد خلال الـ 24 ساعة القادمة.

ثالثاً: سيجعل بايدن السياسة الخارجية نمطية مرة أخرى. كما يشير "غرايم وود" في صحيفة "ذي أتلانتيك"، فإن خيارات بايدن حتى الآن هم موظفون حكوميون مفرطون في الكفاءة، ويميلون إلى عدم ارتكاب أخطاء مضحكة وعفوية.

ويشير "وود" أيضاً إلى أن فريق بايدن يبدو مثل تلك الموسيقى الهادئة التي تنبعث في المنتجعات الصحية اليومية.