الإثنين 11 يناير 2021 / 12:39

لماذا فشل قآني في الخروج من ظل سليماني؟

بعد يومين من اغتيال واشنطن لقاسم سليماني، نشرت مواقع مقربة من الحرس الثوري ملصقاً بعنوان: "قآني مثل سليماني". وردد أئمة صلوات الجمعة في إيران شعار "قآني هو سليماني آخر". لكن بعد سنة، فشل قاآني، في ضمان مكانته، وهو ما كان متوقعاً وفقاً للكاتب السياسي في موقع "راديو فاردا" رضا حقيقت نجاد.

يُعرف قآني بأنه "رجل الظلال" ولم ينخرط كثيراً في التغطية الإعلامية التي تم تسليطها على الحرب العراقية-الإيرانية والنزاع الدموي في سوريا

أشار نجاد إلى أن هيمنة سليماني على قوة القدس والسياسات الإيرانية الإقليمية في العقد الماضي كانت كبيرة إلى درجة أن جميع قادة الحرس بمن فيهم قآني، فشلوا في إبراز أنفسهم.

ويُعرف قآني بـ "رجل الظلال" ولم ينخرط كثيراً في التغطية الإعلامية التي سلطت على الحرب العراقية الإيرانية والنزاع الدموي في سوريا، ولطالما كان زملاؤه في الحرس أكثر جاذبية منه مثل سليماني، وحسين همداني، ومحمد رضا فلاح زاده، الذي يشغل منصب نائب منسق قوات القدس. ولكن الغياب الإعلامي عن الحربين، لا يعني أنه لم يؤد دوراً فيهما.

وتظهر تقارير أن قاآني لعب دوراً محورياً في تأسيس لواء "فاطميون"، الميليشيا الشيعية الأفغانية في 2014 للدفاع عن الرئيس السوري بشار الأسد.

إن غياب قاآني عن بروباغندا الحرب داخل وخارج بلاده جعله قائداً أقل تأثيراً من رفاقه. وفي لبنان على سبيل المثال، صُور سليماني دوماً بنفس أهمية أمين عام حزب الله حسن نصرالله، في صناعة القرار والتخطيط.

ولم تعطِ الآلة الدعائية الإيرانية قاآني موقعاً مماثلاً على الإطلاق. أشاد نصرالله بخبرة قآني، لكنه شدد على أن الأخير "يحتاج إلى الوقت ولا يجب انتظار الكثير منه ليفعله".

ذهبت أدراج الرياح
ما مشكلة قاآني الثانية حسب نجاد فهي أنه لا يتمتع بطباع سليماني ليقدّم نفسه شخصية قيادية، وأنه لا يعرف كيف يتموضع لالتقاط الصور باعتباره شخصية جذابة. وعلاوة على ذلك، فإنه ليس خطيباً جيداً ويفتقر إلى الخلفية والسجل الملائمين للدعاية السياسية.

ولم يقدم شخصية "ثقيلة" في السياسة الإيرانية، وفي وقت سابق، عندما عين المرشد الأعلى علي خامنئي قاآني قائداً لقوة القدس، أمطره الإعلام الرسمي بالمدائح مثل "العقل المدبر لقوة القدس" و"ساردار شامي" أي أمير الحرب السوري، و"مهندس استخبارات قوة القدس" وغيرها. لكن هذه المدائح الكريمة ذهبت إلى الأفول، الواحدة تلو الأخرى، وعاد قاآني "رجلاً في الظلال".

ضربة قوية لقآني
لا تزال إيران في حاجة إلى حضور سليماني في آلتها الدعائية، لذلك تركز على ابنته زينب، وعلى السرديات الأسطورية للقائد الراحل، وعلى نشر عشرات الكتب، وإنتاج الأفلام، والوثائقيات التي تكرمه. وأبعد ذلك قاآني أكثر عن الأضواء.

أما مشكلته الرابعة فهي تعهد إيران المتكرر بالانتقام لمقتل سليماني. أصبح التعهد شعاراً أبدياً للسلطات الإيرانية، خاصةً لقادة الحرس الثوري، ومن بينهم قآني.

ولطالما احتاجت البروباغندا الإيرانية إلى تلك التعهدات الرمزية، حتى عندما كان سليماني على قيد الحياة. وفي خريف 2017، بعد شهرين من إطلاق سليماني وعده بالتخلص من داعش، أطلق الحرس الثوري حملة دعائية شاملة تحت شعار "الوعد الحقيقي" مشيراً إلى أن سليماني أوفى بوعده.

ولأنه كان على دراية بتفاصيل مثلِ هذه الدعايات، كتب سليماني رسالة إلى خامنئي في ديسمبر (كانون الأول) 2017، أعلن فيها "نهاية هيمنة داعش". ويبدو أن قآني لا يزال غير مدرك كثيراً لهذه البروباغندا والألعاب الإعلامية. ومن هذه الزاوية، فإن الإخفاق في تحقيق وعد "الانتقام القاسي" أثار أسئلة وغياباً للرضا بين داعمي النظام، ووجه ضربة قوية لقاآني وسمعته باعتباره قائد قوة القدس.

محاولات يائسة؟
حاول قآني تعزيز وتنظيم شبكته الخاصة عبر تغييرات محسوبة مثل تعيين محمد حجازي مساعداً له، واستبدال ممثل المرشد الأعلى لدى قوة القدس علي شيرازي. لكن جهود قاآني لتعزيز موقعه اصطدمت بصعوبات.

لا يزال العديد من القادة في قوة القدس قادرين على تحديه، من بينهم، محمد رضا فلاح زاده، وكبير مستشاري سليماني سابقاً إرج مسجدي الذي سيطر على السفارة الإيرانية في العراقمنذ سنوات.

ولهذا السبب، قد يحتاج قاآني إلى مزيد من التغييرات في فرقته لتعزيز موقعه.

ويرى نجاد أن هذه الصراعات والتحديات الداخلية، وكشف حاجة قآني إلى تأشيرة لدخول العراق، والخلافات بين الميليشيات العراقية، ونية رئيس الوزراء العراقي مواجهتها، والفراغ الذي خلفه مقتل أبي مهدي المهندس، عناصر ضربت موقع قاآني الإداري بقوة وأظهرت أنه أكثر اهتزازاً مما أشارت إليه التقديرات الأساسية.