الخميس 14 يناير 2021 / 12:49

"جيش الجياع" في إيران مستعدّ للثورة في أي لحظة

رأى الكاتب الإيراني حميد عنايت أن "جيش الجياع" في إيران بات مستعداً للثورة في أي لحظة، خاصةً أن أولويات النظام باتت تتمحور حول محاربة الشعب المقهور.

سيُحدّد الوقت ما إذا كان مسار السياسة الإيرانية سيشهد تحولاً جذرياً على شكل انهيار نهائي للنظام

وقال عنايت، في مقال في موقع "مودرن ديبلوماسي"، إن الشك بين الشعب والسلطة الإيرانية يتزايد باستمرار. وتشمل العوامل المُساهمة في هذه الفجوة الآخذة في الاتساع، اختلاس الأموال، والرشوة، والبطالة، والتضخم، واستعراض حياة النخب المُترفة، والأهم من ذلك، تفكك الطبقة الوسطى، إلى جانب الفقر المتزايد باستمرار. ولذلك، فإن "جيش الجياع" مُستعد للثورة في أي لحظة.

تُشير آخر الإحصاءات الرسمية إلى أن 7 من كل 10 إيرانيين يعيشون تحت خط الفقر. ودفع العوز الناس إلى أشياء لا يمكن تصورها، مثل بيع آباء أطفالهم الرضع مقابل المال.

ومن الواضح أن ظاهرة بيع الأعضاء البشرية، مثل الكلى، قد ارتفعت بشكل كبير إلى درجة أن هناك عيادات مُخصّصة للكلى في طهران والمدن الكبرى الأخرى. وأفاد السكان بأن في ساحة فاناك الشهيرة بطهران، تُعرض إعلانات لبيع الكلى.

تآكل الطبقة الوسطى
ووفق ستيف هانك، أستاذ الإقتصاد التطبيقي بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، يبلغ معدل التضخّم السنوي في إيران حوالي 99%. كما أشارت الهيئة التشريعية للنظام إلى أن حوالي 60 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر.

كل هذه العوامل، إلى جانب الانخفاض السريع في القوة الشرائية للإيرانيين، ساهمت في تآكل الطبقة الوسطى.

كان هذا واضحاً خلال الاحتجاجات في البلاد التي هزّت إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. ولأول مرة، انضمت المناطق الحضرية الكبرى إلى مئات المدن الأصغر للمُطالبة بالعدالة الاقتصادية والتحول الديموقراطي.

ويُضاف إلى سوء إدارة الدولة المستمر، تعرض الاقتصاد للدمار بسبب جائحة كورونا العالمية. وفي يوليو (تموز) 2020، أعلن وزير الصحة الإيراني رفع القيود لأن الاقتصاد الإيراني "ليس له القوة" للتعامل مع الإغلاقات، ناهيك عن أن "الخزانة فارغة". ثم وجّه تحذيراً شديد اللهجة للرئيس حسن روحاني وقوات الأمن قائلاً: "فكروا في معيشة الشعب وكيفية منع انتفاضة".

الأسباب الرئيسية للفقر
يُسيطر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي على إمبراطورية مالية ضخمة جاء تمويلها الأولي من مصادرة الممتلكات.

ووفق تقديرات وكالة "رويترز" في 2013، يتحكم خامنئي بحصص الشركات والأصول الأخرى التي  تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار.

هذه الثروة الخيالية المُعفاة من الضرائب لم تمر مرور الكرام حتى في دوائر النظام نفسه. وكتبت وسائل الإعلام مثل صحيفة "جمهوري إسلامي" في أبريل (نيسان) الماضي، أن الثروة التي تُسيطر عليها مؤسسة خامنئي "ستاد" يُمكن أن تدفع تكاليف علاج جميع الإيرانيين المُصابين بفيروس كورونا "في أقصر وقت ممكن".

فساد الدولة
في الواقع، فإن المشاكل الاقتصادية التي يُواجهها الإيرانيون العاديون لا علاقة لها بالعقوبات الدولية. إنها نتائج ثانوية تدريجية وناتجة عن فساد الدولة.

وقال عضو في البرلمان الإيراني إن ما قيمته أكثر من 380 مليون دولار من الذرة، خُلصت من الجمارك وبيعت في السوق دون تصريح من وزارة الزراعة. وتساءل الكاتب "مَن له الجرأة على ذلك؟".

ويخضع مصير العملات الأجنبية من خلال الصادرات للسريّة. على سبيل المثال، في يوليو (تموز) من العام الماضي، تقدّم البنك المركزي الإيراني رسمياً بدعوى قضائية تتمحور حول تهريب مُرتبطين بالدولة إلى الخارج ما لا يقل عن 27 مليار دولار من العملات الأجنبية التي اكتسبوها خلال عام من الصادرات.

مُكافحة كورونا أم المُعارضة؟

ولأن الثروة الهائلة للمسؤولين الحكوميين الفاسدين تأخذ أبعاداً جديدة على حساب ملايين الإيرانيين الفقراء، يشعر المسؤولون بالقلق من زيادة عنف الانتفاضات في المُستقبل، وبالتالي سيكون قمعها أكثر صعوبة.

ولدرء هذا التهديد، أطلقت طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) مُبادرة "خطة سليماني"، وروجت لها باعتبارها خطّة لمُكافحة انتشار كورونا. ولكنها في الواقع، تمنح قوات الباسيج، التي تُشارك عادةً في القمع الوحشي للإحتجاجات، حرية السيطرة على السكان المُضطربين، وتفتيش المنازل تحت شعار مُحاربة كورونا. ومُهمتها، العثور على أسلحة إضافة إلى اعتقال الذين سيقودون الاحتجاجات المُحتملة.

والنتائج جديرة بالمُلاحظة، على سبيل المثال، قالت وزارة الإستخبارات في مقاطعة أذربيجان الغربية إنها حددت مخزونات كبيرة من الأسلحة والذخيرة على طول المنطقة الحدودية.

وأعلن قائد "الحرس الثوري" في لورستان، وفرع الباسيج فيه، "اكتشاف" 106 قطع من السلاح في المُحافظة خلال 48 ساعة فقط.

وسأل عنايت: "إذاً أين أولويات النظام؟ مُحاربة كورونا أم الشعب المقهور؟".

وحدات المقاومة
في الأشهر الأخيرة، استهدف المئات من المراكز التي يُسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني أو الباسيج أو وكالة الإستخبارات من الشباب الذين يسعون لتغيير الوضع.

وفي الوقت نفسه، فإن إحراق مُلصقات ولافتات قادة النظام مثل خامنئي يُعتبر إشارة رمزية قوية على توق السكان للتغيير.

وغالباً ما يُلقي النظام باللوم على "وحدات المُقاومة" في الأعمال وغيرها مثل الغرافيتي المُناهضة للنظام أو وضع لافتات لقادة المُعارضة على الجدران، وهي فرق منظّمة من الشباب تدعو إلى الإطاحة بالحكم الديني.

وقبل أشهر قليلة من انتفاضات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في إيران، زعم وزير الإستخبارات محمود علوي، التعامل مع 116 فرداً من هذه الفرق، التي أكد أنها تنتمي إلى "مُجاهدي خلق" المعارضة.

وختم عنايت قائلاً: "سيُحدّد الوقت إذا كان مسار السياسة الإيرانية سيشهد تحولاً جذرياً على شكل انهيار نهائي للنظام"، مُضيفاً "تدل جميع المؤشرات على أن وتيرة وعمق المُعارضة يتزايدان، ولذلك، قد لا يكون المسؤولون في طهران متفائلين مثلنا بما ينتظرنا في 2021".