رجل أمام جدارية تدعو الدول الأوروبية للوحدة في مواجهة كورونا (أرشيف)
رجل أمام جدارية تدعو الدول الأوروبية للوحدة في مواجهة كورونا (أرشيف)
الخميس 14 يناير 2021 / 13:21

اقتصاد أوروبا تحت رحمة فيروس أسرع وتعاف أبطأ

تهدد السلالة الجديدة سريعة الانتشار من فيروس كورونا المستجد التي ظهرت في بريطانيا وانتشرت في العديد من دول أوروبا، اقتصادات القارة بانكماش جديد بسبب الحاجة إلى تشديد الإجراءات والقيود للحد من انتشار الفيروس.

في الوقت نفسه فإن هذه الحقائق الجديدة تحتم ضرورة تطعيم أكبر عدد من سكان أوروبا باللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد لتجنب أكبر قدر ممكن من التداعيات الاقتصادية.

وحسب وكالة بلومبرغ للأنباء، فإن التقديرات المتشائمة بطول فترة الإغلاق، تشير إلى أن اقتصاد منطقة اليورو سينكمش بمعدل 4.1% من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الأول من العام الحالي، بعد انكماشه بنسبة 1.5% خلال الربع الأخير من العام الماضي.

وهذا يعني أن منطقة العملة الأوروبية الموحدة ستدخل فنياً في ثاني ركود نتيجة الجائحة وهو ما يشير إلى هشاشة التعافي الأخير للاقتصاد.

ومع تسارع وتيرة التطعيم ضد فيروس كورونا، يمكن تخفيف القيود وإجراءات الإغلاق بصورة بطيئة.

لكن من غير المحتمل توقع قفزة في الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو قبل مايو (أيار) المقبل. ومع سياسات نقدية ومالية داعمة، يمكن توقع التعافي بعد ذلك ليسجل الاقتصاد نمواً بمعدل 4.8% خلال الربع الثاني ثم بمعدل 3.1% خلال الربع الثالث من العام الحالي.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أنه في ضوء هذه التقديرات يتراجع معدل النمو المتوقع لمنطقة اليورو خلال العام الحالي إلى 2.9% من إجمالي الناتج المحلي بعد أن كانت التوقعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تشير إلى نمو بمعدل 4.8%.

وفي الوقت نفسه ومع تأخر وليس تلاشى التعافي يمكن القول إن اقتصاد منطقة اليورو سيسجل نمواً بمعدل 5.7% خلال العام المقبل وليس بمعدل 3.3% وفق التقديرات السابقة.

ومع تواتر الأنباء السيئة عن الفيروس وتحوراته، فإن التوقعات الاقتصادية تتجه نحو الانخفاض وليس الارتفاع. في الوقت نفسه فإن من الواضح أن تطعيم العدد الكافي لتقليل الضغط على خدمات القطاع الصحي سيحتاج إلى وقت أطول من التقديرات السابقة، ما يعني أن التعافي سيتراجع بصورة أكبر.

في المقابل فإن الإنذار المبكر والتحركات العاجلة، يعني السيطرة على السلالة الجديدة لفيروس كورونا المستجد في أوروبا بتكلفة أقل من تلك التي تكبدتها بريطانيا.

كما أن الحكومات الأوروبية قد تراهن على قدرة الاقتصاد على استئناف نشاطه دون تعريض القطاع الصحي لضغط هائل بسبب كثرة أعداد المصابين، وهو ما يسرع وتيرة التعافي الاقتصادي.

بي 117

وبحسب النتائج العلمية فإن السلالة الجديدة لفيروس كورونا المستجد والمعروفة باسم "بي 117" تستطيع الانتقال بسرعة تتراوح بين 50 و70% أكثر من السلالة الأصلية للفيروس.

وقد رصدت في العديد من الدول الأوروبية بعد ظهورها في بريطانيا، مثل فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا. وفي أيرلندا شكلت السلالة الجديدة حوالي ربع عدد الإصابات الجديدة، ومن المتوقع أن تسيطر على الإصابات الجديدة في الدنمارك.

ويعتبر الخطر الحقيقي الذي تمثله هذه السلالة في احتمال تزايد أعداد الإصابات الجديدة بما يتجاوز قدرة المستشفيات، قبل الانتهاء من تطعيم الأعداد الكافية من الفئات الأشد عرضة للإصابة.

ولذلك تحركت بعض الدول لمنع هذا السيناريو حيث تراجعت ألمانيا عن خططها لإعادة فتح المدارس ومتاجر السلع غير الحيوية قبل نهاية يناير (كانون الثاني) على الأقل.

ورغم أن كل الدول لم تتحرك بنفس سرعة تحرك ألمانيا، من المتوقع تشديد القيود والإجراءات الرامية إلى الحد من انتشار الفيروس في أغلب الدول الأوروبية خلال الربع الأول من العام الحالي.

ومن العوامل الرئيسية التي لم تحستب بعد في بعض البلدان، هو إغلاق المدارس. حيث يؤدي الإجراء إلى تعميق تأثير الإغلاق عن طريق تقليل المعروض من العمالة، بنسبة تصل إلى 6% في المتوسط في جميع أنحاء أوروبا.

ومع تقدم برامج التطعيم من المتوقع أن تبدأ الحكومات الأوروبية تخفيف إجراءات الإغلاق تدريجياً اعتباراً من مارس (آذار) المقبل.

في الوقت نفسه، تبدو دول الاتحاد الأوروبي متأخرة عن الاقتصادات الرئيسية الأخرى في العالم مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، في تنفيذ برامج التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد، بما يعكس بطء إجراءات اعتماد اللقاحات والتصريح باستخدامها في الاتحاد الأوروبي. كما أن الجرعات المطلوبة للتطعيم ليست متاحة على نطاق واسع.

فالاتحاد الأوروبي يتفاوض بشكل جماعي للحصول على اللقاحات المتاحة وهو ما يعني أنه سيتم طرح هذه اللقاحات بصورة متزامنة في مختلف دول الاتحاد وعددها 27 دولة.

وأخيرا، ورغم أن الأمر قد يبدو بعيداً، يمكن القول إن النصف الثاني من العام الحالي يبدو أفضل لاقتصاد أوروبا. ومع سياسات مالية داعمة للنشاط الاقتصادي، من المنتظر أن يكون التعافي في أواخر الربيع وأوائل الصيف المقبلين بنفس سرعة التعافي في التوقيت نفسه من العام الماضي.

وسيكون الفارق الرئيسي هذه المرة هو أن السقف المحدد للنشاط نتيجة إجراءات التباعد الاجتماعي سيكون أعلى من ذي قبل.