لبنانيان يلتقطان صوراً لسيدتين مع تمثال قاسم سليماني في بيروت (أرشيف)
لبنانيان يلتقطان صوراً لسيدتين مع تمثال قاسم سليماني في بيروت (أرشيف)
الجمعة 15 يناير 2021 / 13:14

سليماني يُغضب لبنانيين في معقل "حزب الله" أيضاَ

تعليقاً على نصب تمثال قائد فيلق القدس الايراني الراحل قاسم سليماني في أحد شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، أبرزت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ردود الفعل الغاضبة حتى في معقل "حزب الله" نفسه، رفضاً لقوة احتلال أجنبية جديدة.

حزب الله يستميت لتحويل قاسم سليماني إلى بطل محلي، لكنه يعلم أنه عند معظم اللبنانيين، هو مجرد قوة احتلال أجنبية جديدة

وكتبت الصحافية سونيفا روز، في تقريرها الميداني من بيروت "في الضاحية الجنوبية لبيروت، كان الجنرال الإيراني قاسم سليماني الشخصية الثانية، بعد عبدالكريم خليل، اللبناني الذي شنقه العثمانيون في 1915، التي حظيت بشرف مزدوج تمثّل في شارع يحمل اسمه، و تمثال يُخلّد ذكراه"، وهو تمثال نصفي برونزي اللون وزنه 150 كيلوغراماً، في منتصف دوار وسط الغبيري. والتمثال ثمار ثلاثة أشهر من العمل، تبرع به الفنان الإيراني علي رضا حقاني لبلدية الغبيري.

ملامح قاسم سليماني تنضح بالهدوء، وعيناه مرفوعتان قليلاً إلى السماء، مع كوفية فلسطينية حول رقبته، ويُعطي انطباعاً من الصفاء يتناقض مع ردود الفعل المتناقضة التي خلفها التمثال منذ تدشينه.

احتلال إيراني
بالنسبة لبلدية الغبيري، التي يُسيطر عليها "حزب الله"، فإن الأمر يتعلّق بتكريم سليماني بعد مرور عام على مقتله. وبالنسبة إلى الحزب نفسه فهو "شهيد" وحليف وثيق، دعم لبنان في مواجهة "العدو الإسرائيلي".

يتفقد المهندس المعماري محمد مهدي قاعدة التمثال التي صممها بنفسه، قائلاً: "أُريد توسيع المفاصل لإبراز الطول، وإظهار أن لهذا الشخص مكانة عالية". على هاتفه المحمول يستعرض بعض المقاطع، ويضحك لفترة وجيزة، عندما يُصادف تغريدة بالعربية من أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ينتقد فيها التمثال، قائلاً للبنانيين: "هل نُهنئكم على هذا الاحتلال الإيراني؟".

لماذا يُزعجوننا؟

"صُدم الكثير من اللبنانيين بمثل هذا التدشين لتمثال رجل الحرب الأجنبي، فمنتقدو قاسم سليماني يلومونه على دوره في تكوين شبكة من الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، حيث سمحت إيران للرئيس السوري بشار الأسد، بالبقاء في السلطة رغم القمع الدموي"، تقول روز.

وقال أبو مهدي نزيه: "لا يُقارن التمثال كثيراً بما فعله سليماني من أجل لبنان"، بينما تبتسم سلام حجاز، وهي من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، قائلة: "إنه لشرف لنا".

لكن القصة مختلفة تماماً في مناطق بيروت التي لا تخضع لسيطرة "حزب الله".

"لماذا يُزعجوننا بهذا الجنرال الإيراني؟ أليس لدينا ما يكفي من المشاكل؟"، تساؤلات طرحها مُوظّف في منظمة غير حكومية دولية بانزعاج، مشيراً إلى الأسعار التي تتصاعد بوتيرة غير مسبوقة، وإلى معدل الفقر القياسي، وإلى غياب الحكومة منذ التفجير القاتل في أغسطس (آب) الماضي في ميناء بيروت.

بالنسبة إلى رئيس بلدية الغبيري معن خليل، فإن البلدية "تعكس فقط قناعات السكان المحليين". يُدافع عن نفسه بالقول: "نحن ديمقراطيون، لكل فرد الحق في إبداء رأيه، علاوة على ذلك، هناك العديد من الشوارع في بيروت التي سُميت بأسماء الجنرالات الفرنسيين من أيام الانتداب، مثل هنري غورو، وماكسيم ويغان، وفرديناند فوش".

في الغبيري، يجد المرء أيضاً شارعاً باسم حافظ الأسد، وشارعاً باسم الخميني.

أصوات غاضبة

وتُضيف روز "لكن حتى في معقل حزب الله هذا، تُسمع أصوات غاضبة مما يحصل". وقال لقمان سليم، أحد منتقدي "حزب الله": "نصب التمثال هنا يُعتبر طريقة لاحتلال الفضاء العام"، مُضيفاً أن "اللافتات وملصقات السيارات التي تحمل صورة الجنرال الإيراني الراحل، التي وُزعت على كل زاوية من الشوارع في اليوم السابق لإزاحة الستار عن التمثال، طريقة أخرى للسيطرة على الفضاء العام".

وشرح لقمان "في أيامه الأولى، في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان حزب الله مجرد ميليشيا، فجر تماثيل في بعلبك، كبرى المدن الشيعية في شرق لبنان للرئيس المصري جمال عبدالناصر، والشاعر اللبناني خليل مطران، لقد غيروا أسلوبهم، إنهم في حاجة إلى تغيير صورتهم وإثبات وجودهم في المشهد".

وغرد المُحلّل السياسي اللبناني نزار حسن على تويتر، قائلاً: "حزب الله يستميت لتحويل قاسم سليماني إلى بطل محلي، لكنه يعلم أنه عند معظم اللبنانيين، هو مجرد قوة احتلال أجنبية جديدة".