منشأة أصفهان النووية (أرشيف)
منشأة أصفهان النووية (أرشيف)
الجمعة 15 يناير 2021 / 13:26

أي خيارات لبايدن أمام التصعيد النووي الإيراني؟

دعا الكاتب السياسي والباحث البارز المتميز في "معهد غيتستون" بيتر شوايزر الرئيس المنتخب جو بايدن إلى التمييز بين موقعه السابق مرشحاً يقود حملة انتخابية، وبين موقعه في المستقبل مسؤولاً عن الأمن الأمريكي.

مهما كان المسار الذي ستختاره إدارة بايدن لمحاربة تهديد إيران الإقليمي، فيجب أن يتميز بنفس المهارة والالتزام والتصميم العميقين اللذين ميزا حملة دامت تسعة أعوام لإيقاف الاتحاد السوفياتي عن تهديد سائر دول العالم

في الأشهر الماضية، خاض بايدن حملته على أساس إعادة إحياء الاتفاق النووي. ولكنه لن يتمكن من الاستمرار على قاعدة انتقاد سياسة ترامب مع إيران، وإنما سيبلي بلاءًحسناً لو أخذ في الاعتبار خيارات أخرى غير الرجوع إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.

لا أحداً يصدق الملالي

سرع ملالي إيران علناً تخصيبهم اليورانيوم زاعمين أنهم تحرروا من الاتفاق بعد انسحاب الإدارة الأمريكية منه في 2018، وتبجحوا أخيراً بأنهم حققوا تخصيب اليورانيوم إلى مستويات 20%، بعد أن قيدهم الاتفاق النووي بنسبة 3.67%، أقله على الورق.

واليوم، وسعت إيران مخزونها من الصواريخ البالستية. ويرى شوايزر أن أملاً كبيراً في العودة عن تخصيب اليورانيوم، مع أو دون اتفاق. لقد خرج الجني جزئياً من القمقم، وستبقى إيران عدواً لدوداً وتهديداً شرساً لجيرانها.

وحتى لو كان اتفاق 2015 يستحق الجهد المبذول، فإنه يستحيل تصور التزام الإيرانيين عن طيب خاطر بمستويات التخصيب السابقة التي تجاوزوها منذ فترة طويلة. ولا أحداً يصدّق ما يعلنونه من "استخدام سلمي" للطاقة النووية.

كومة الرماد نفسها
يعتقد شوايزر أن الأوروبيين يشجعون بالضبط هذا الوهم. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في الشهر الماضي، إن الاتفاق يبقى "الأداة الفضلى" لحل أي خلافات حول برنامج إيران النووي. وأعلن إلى جانب نظرائه في بريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، خطوة إيجابية بعيداً من سياسة العقوبات الأمريكية.

وفي كتاب "الانتصار"، ذكر شوايزر كيف أدى مزيج من الحشد العسكري الهائل والعقوبات الاقتصادية الحادة التي استخدمها الرئيس الأسبق رونالد ريغان وحلفاؤه، إلى مسح الاتحاد السوفياتي عن الخريطة.

ولا يزال الكاتب مقتنعاً بأن العقوبات أكثر طريقة فعالة لرسم عالم أكثر أماناً، وإلقاء النظام الإيراني في كومة الرماد نفسها التي ذهبت إليها إمبراطورية الشر.

على شفير الانهيار
الاقتصاد الإيراني في فوضى، وتظهر المؤشرات أن قبضة النظام على السلطة تضعف. التضخم أعلى من 40%، بينما أدى الانكماش الاقتصادي، ونسبة البطالة المرتفعة إلى تظاهرات ضد النظام الذي قابلها بالقمع القاسي على يد الحرس الثوري.

ويستمر النظام المصرفي والبنية التحتية في الانهيار فيما يصبح فساد النظام أكثر وضوحاً مع تفاقم محنة الإيرانيين العاديين.

ويوحي اغتيال كبير ممولي الإرهاب الجنرال قاسم سليماني إضافة إلى الرد الإيراني الضعيف على قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في العراق، بأن النظام الإيراني يخشى مما يعنيه التصعيد، لمصيره. قد يكون النظام الإيراني على شفير الانهيار أخيراً، وفقاً للكاتب.

ما أعلنه الطرفان
في مقابلة مع شبكة سي أن أن، قال مستشار الأمن القومي المقبل جايك سوليفان، إن العودة إلى الاتفاق النووي تبقى في نية الإدارة المقبلة، مشترطاً عودة إيران إلى حدود التخصيب التي نص عليها الاتفاق.

يريد كل طرف من الآخر أن يعود أولاً إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. لم يقل سوليفان شيئاً محدداً عما إذا كانت واشنطن ستلغي العقوبات لتحفيز إيران على العودة إلى ما اتفاق عليه منذ 6 أعوام.

ورفضت إيران العرض مصرة كما جرت العادة على أن الولايات المتحدة هي "نظام مارق".

وعود على الورق
يشدد شوايزر على أن هذه العقوبات هي النفوذ الوحيد الذي على واشنطن استعماله مع إيران بعد أن وصل الاقتصاد الإيراني الآن إلى نقطة يمكن أن تنجح فيها العقوبات، تماماً كما نجحت إدارة ريغان مع الاتحاد السوفياتي في الثمانينات.

وليس الوقت مناسباً حالياً لتقليصها أو إلغائها مقابل وعود على الورق من نظام تظهر تحركاته خشيته من أن أيامه باتت معدودة.

اعتراف الزعماء السوفيات

كانت أزمة الموارد متأصلة في الاتحاد السوفياتي خلال الثمانينات، لكن كانت لدى الولايات المتحدة خطة شاملة تجعل مرضه عضالاً، فعبر ديبلوماسية خفية وبناء عسكري مكثف وسلسلة من التحركات المصممة لعرقلة الاقتصاد السوفياتي، دمرت السياسة الأمريكية الاقتصاد السوفياتي.

واعترف زعماء الاتحاد السابقون، بمن فيهم ميخائيل غورباتشيف، بالأمر مبدين إشادة مترددة. كانت مؤسسة السياسة الخارجية الليبيرالية الوحيدة التي أخطأت زاعمة أن كل الأمر كان مجرد صدفة.

أسقط الأول وسيسقط الثاني

مهما كان المسار الذي ستختاره إدارة بايدن لمحاربة تهديد إيران الإقليمي، فيجب أن يتميز بنفس المهارة والالتزام والتصميم العميقين اللذين ميزا حملة دامت تسعة أعوام لإيقاف الاتحاد السوفياتي عن تهديد سائر دول العالم.

والملالي المسنون في إيران ليسوا أقل تصميماً على إثارة الإرهاب في الشرق الأوسط مما كان عليه السوفيات عندما هدفوا إلى زعزعة استقرار الديموقراطيات الغربية، والدول الناشئة في أفريقيا، والشرق الأوسط.

وختم شوايزر مؤكداً أن الالتزام نفسه الذي أسقط النظام الأول، بإمكانه أيضاً أن يُفكك الثاني.