الثلاثاء 19 يناير 2021 / 12:45

فايننشال تايمز: الطموحات الجيوسياسية لأردوغان...أثيوبيا بوابة أفريقيا

في حانة فندق في أديس أبابا، يتصارع زوجان أثيوبيان مع جهاز التحكم عن بعد، ويتنقلان بين نتائج الانتخابات الأمريكية على شبكة سي إن إن، وتقارير الحرب في نشرة أخبار محلية، ومسلسل تلفزيوني تركي، قبل أن يرسيا على دراما تركية، مدبلجة بالأمهرية.

سياسة تركيا تجاه إفريقيا تتمحور حول فكرة أن القارة "لم تحظ بالاهتمام الكافي، وأن هناك إمكانات هائلة هنا للجهود الإنسانية والإنمائية، أولاً وقبل كل شيء، ثم أيضاً للعلاقات الاقتصادية بالطبع

قال الزوجان معاً: "في الحقيقة، نحن نحب هذا العرض".

في الجزء الأخير من سلسلة مقالات عن الطموحات الجيوسياسية لأنقرة، كتبت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقتحم أفريقيا بالمساعدات، والتجارة، والمسلسلات.

ويعد نجاح البرامج التلفزيونية التركية في إثيوبيا، مركز القوة في القرن الأفريقي، علامة صغيرة ولكنها معبرة، عن نفوذ أنقرة المتزايد في منطقة أصبحت نقطة جذب للعواصم الأجنبية.

بالنسبة إلى أنقرة، كانت التجارة والمساعدات الإنمائية وحتى المسلسلات التلفزيونية مفيدة في ترسيخ النفوذ التركي في القارة.

وقال مايكل تانشوم، الخبير في السياسة الخارجية التركية في جامعة نافارا الإسبانية: "تتمتع تركيا بمزايا القوة الناعمة التي يمكنها استغلالها".

التحول نحو أفريقيا

في العقود التي أعقبت انهيار الإمبراطورية العثمانية، تجاهلت تركيا إلى حد كبير أفريقيا، واختار حكامها التركيز على أوروبا. ومع ذلك، سعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مدى الأعوا الخمسة عشرة الماضية، إلى إحياء العلاقات مع القارة.

 ومنذ 2009، زادت تركيا عدد السفارات في أفريقيا من 12 إلى 42، وحل أردوغان مراراً زائراً على أكثر من 20 عاصمة.

وقال أردوغان في أكتوبر (تشرين الأول) إن الأتراك والأفارقة "مُقدر لهم أن يكونوا شركاء".

التجارة
يسعى أردوغان لمضاعفة حجم تجارة تركيا مع إفريقيا إلى 50 مليار دولار في السنوات القادمة، أي ما يقارب ثلث تجارتها الحالية مع الاتحاد الأوروبي.

وتدل صفقات، وعقود البنية التحتية الحكومية الكبيرة في جميع أنحاء أفريقيا، من تجمع أولمبي في السنغال، إلى أكبر منشأة عسكرية خارجية في الصومال، ومسجد كبير في جيبوتي، على الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية التي توليها أنقرة للقارة.

وفي شمال أفريقيا، شاركت تركيا عسكرياً، وقدمت الدعم للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في ليبيا. وقبل عام، زار أردوغان السنغال ما أثار استياء فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

وتبحث البلدان الأفريقية المستعمرات الفرنسية السابقة عن بدائل لفرنسا، فبعدما كانت مستعمرة فرنسية لا تريد أن تصبح مستعمرة صينية جديدة. وقال تانتشوم: "تركيا تقدم طريقا ثالثاً".

وقال الخبير في شؤون القرن الأفريقي عبد الله حلاخي: "يرى أردوغان أن الوقت حان لتركيا لتبسط نفوذها خارج حدودها، فما الأفضل من القرن الأفريقي".

إثيوبيا
وقال السفير التركي في أثيوبيا يابراك ألب، إن سياسة تركيا تجاه إفريقيا تتمحور حول فكرة أن القارة "لم تحظ بالاهتمام الكافي، وأن هناك إمكانات هائلة هنا للجهود الإنسانية والإنمائية، أولاً وقبل كل شيء، ثم أيضاً للعلاقات الاقتصادية بالطبع".

وإثيوبيا، ثاني أكثر دول أفريقيا سكاناً، والجائزة الكبرى للقوى المتصارعة في القرن الأفريقي، هي المنطقة التي أرسل إليها العثمانيون مهمات بحرية منتظمة في القرن السادس عشر.وقال ألب إنها "باب القارة".

وعلى مدى العقدين الماضيين، كانت تركيا شريكاً مهماً لإثيوبيا، وثالث أكبر مستثمر لرأس المال التشغيلي في الدولة الأفريقية بعد الصين والسعودية، وفقًا لهيئة الاستثمار الإثيوبية.

وتهافت المستثمرون الأتراك الذين هربوا من المشاكل الاقتصادية في الداخل، على الازدهار الاقتصادي في إثيوبيا، حيث بلغ معدل النمو 10% منذ 2005، حتى الانتكاسات الاقتصادية والسياسية الأخيرة.

ومنذ وصوله إلى السلطة في 2018، سعى رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد، إلى دفع إصلاحات اقتصادية ليبرالية، بما في ذلك الخصخصة.

قال مسؤولون أتراك إن 2.5 مليار دولار من إجمالي 6 مليارات دولار استثمرتها بالفعل الشركات التركية في إفريقيا جنوب الصحراء، ذهبت إلى إثيوبيا.

وفي مقابل ثلاث شركات تركية فقط في 2005 توجد اليوم هناك 200 شركة، تعمل في قطاعات تشمل الأسلاك والمنسوجات والمشروبات وغيرها. وحتى اندلاع الصراع في منطقة تيغراي لم يردع المستثمرين الأتراك.

الصومال
وتحافظ تركيا على وجودها في الصومال حيث بنت الطرق وأنشأت معسكر تدريب كبير.

وفي العام الماضي، وقعت شركة تركية عقداً مدته 14 عاماً لتجديد وتشغيل ميناء في مقديشو.

وكانت أنقرة مصدراً رئيسياً للمساعدات للبلاد، فضخت أكثر من مليار دولار منذ 2011، وفي أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، سددت 2.4 مليون دولار من الديون المستحقة على الصومال لصندوق النقد الدولي. وبنت أنقرة مستشفيات ومدارس وقدمت منحا دراسية.