مقاتلات تركية.(أرشيف)
مقاتلات تركية.(أرشيف)
الجمعة 22 يناير 2021 / 11:49

كيف يدفع أردوغان قواته الجوية نحو الهاوية؟

تمتعت تركيا بقوة جوية رادعة خلال وبعد الحرب الباردة. لكن يبدو أن هذه القوة متوجهة إلى الهاوية بسبب تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفقاً لما كتبه الصحافي بوراك بكديل في مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية.

أن تصبح تركيا أول دولة أطلسية تملك مقاتلات روسية ليس أمراً معقداً سياسياً وحسب بل لوجستياً أيضاً

وذكر أن اللحظة الأكثر درامية في تاريخ القوات الجوية كانت في 15 يوليو (تموز) 2016، حين قصفت المقاتلات التركية أهدافاً في أنقرة من بينها البرلمان التركي خلال عملية انقلاب فاشلة ضد أردوغان.

استعانت بباكستان!
أدت محاولة الانقلاب إلى تطهير عشرات آلاف الموظفين الأتراك من مناصب حكومية بمن فيهم ضباط في الجيش. انخفض عدد الجنرالات في القوات الجوية من 72 إلى 44 بعد المحاولة، وعدد الطيارين من 1350 إلى 680. وأعقب عدد من الاستقالات والتقاعدات عملية التطهير فانخفض الرقم إلى 400. أدى ذلك إلى إضعاف الإمكانات العملية والقيادية للقوة، لدرجة اضطرارها إلى تجنيد طيارين باكستانيين لقيادة مهمات بطائرات أف-16.

ازدهار ثم انهيار
أضاف بكديل أنه بعد سنتين على محاولة الانقلاب، شفيت غالبية الجروح وتطلع القطاع الجوي إلى إعادة تعزيز قوته النارية مع حيازة أكثر المقاتلات تطوراً: أف-35 لايتنينغ 2. بين هيكلية قيادة جديدة وأصول جديدة مرتقبة، بدا المستقبل وردياً. في ذلك الوقت، كانت تركيا لا تزال عضواً في كونسورتيوم دولي متعدد الأطراف مهمته تصنيع هذه المقاتلات.

عبر الشراكة في أكبر برنامج عالمي لتصنيع المقاتلات، ومع توكيل البرنامج أنقرة تأمين تصنيع حوالي ألف قطعة، كانت الصناعة الجوية الداخلية تزدهر في تركيا. التزمت أنقرة بشراء ما لا يقل عن مئة مقاتلة أف-35 بكلفة 16 مليار دولار. وفي 2014، طلبت تركيا رسمياً شراء مقاتلتين من هذا الطراز، غير عالِمة أنها لن تحصل عليهما.

مقامرة مكلفة مالياً وتشغيلياً

بعدها، كتب بكديل، مضى أردوغان قدماً في مقامرته الروسية المتهورة عبر شراء منظومة أس-400، فعرّض تركيا إلى احتمال إصابة قواتها الجوية بالضعف. سيكلّف طرد تركيا من مشروع أف-35 عشرة مليارات دولار في العقد المقبل. كذلك، سينتج عن هذا القرار أكلاف تشغيلية. تشغّل القوات الجوية التركية أسراباً من الجيل الرابع من أف-16 فالكون، وأسراباً أقدم من مقاتلات أف-4 فانتوم-2، في عملياتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد كما في شمال العراق وسوريا.

بدأت تركيا تحصل على مقاتلات أف-16 من الولايات المتحدة في أواخر الثمانينات وحصلت على رخصة تصنيع المقاتلة محلياً إلى جانب أربع دول أخرى فقط. اليوم، لدى القوات الجوية التركية ما مجموعه 270 طائرة من طراز أف-16 سي/دي. هذا ليس جيداً بما يكفي. سيتعيّن على تركيا التخلص تدريجياً منها خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة المقبلة وفقاً لتحديثاتها. يلوح الموعد النهائي في الأفق وقد دخل عنصر جديد على المعادلة.

كاتسا

في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2020، فرضت واشنطن عقوبات على تركيا وفقاً لقانون كاتسا بسبب شرائها منظومة الصواريخ الروسية. وقال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو إن الولايات المتحدة ستفرض حظراً على جميع تراخيص وتصاريح التصدير لوكالة المشتريات الدفاعية التركية كما فرضت قيوداً على رئيس الوكالة اسماعيل دمير ومسؤولين آخرين في الصناعة الدفاعية التركية. وهذا يعني أن أمريكا لن تقدّم يد العون لتركيا في مسألة تحديث وصيانة أسطول أف-16.

حل غير مستدام

لا يشكل هذا الأمر تهديداً تشغيلياً فورياً بحسب بكديل. بإمكان الصناعات التركية الداخلية تأمين إصلاحات وصيانة للمحرّكات والإلكترونيّات العسكريّة كما إلكترونيّات الطيران. وعند الحاجة قد تؤمّن باكستان قطع أف-16 سراً إلى حليفتها تركيا. غير أن هذه الحلول ليست مستدامة. برنامج تركيا الخاص لتصميم وتطوير وإنتاج أو المقاتلة المحلية الصنع تي أف-أكس لا يمضي قدماً.

ما زال عالقاً في مرحلة التصميم الأولي مع غياب لمحرك موثوق به من أجل تشغيل المقاتلة. يبدو هذا البرنامج في طريق مسدود. يرى بكديل أنه حتى ولو لم يصل الأمر إلى حائط مسدود، يمكن أن يستغرق الأمر عقوداً لتتمكن الهندسة التركية من جعل المقاتلة قادرة على الطيران. والحلول ليس متوفرة.

ماذا عن الصين؟
لم يعد الحل السويدي محتملاً ولا الحل الصيني. لا تزال بيجينغ مترددة في مساعدة أنقرة بعد قرار الأخيرة إلغاء عقد مع شركة صينية بقيمة 3.4 مليارات دولار لشراء منظومة صاروخية دفاعية صينيّة مستعيضة عنها بشراء المنظومة الروسية. يترك هذا الأمر روسيا كمورّد وحيد محتمل للأسطول التركي. في 2019، قال مسؤول عسكري بارز لبكديل إن تركيا لا تتحمل عدم توفر بديل عن مقاتلات أف-35. وقال مسؤول آخر في قطاع توفير المشتريات الدفاعية إن تكنولوجيا المقاتلات الروسية قد تكون الخيار الأفضل إذا شككت واشنطن بعضوية تركيا في برنامج تصنيع أف-35. وأدلى المسؤول بتعليقه قبل قرار طرد تركيا من البرنامج.

ليست نهاية سعيدة
وفقاً للمسار الحالي، قد تشتري تركيا إما الجيل 4.5 من مقاتلات سو-35 أو الجيل الخامس من سو-57. لن تكون هذه نهاية سعيدة للقوات الجوية التركية. أن تصبح تركيا أول دولة أطلسية تملك مقاتلات روسية ليس أمراً معقداً سياسياً وحسب بل لوجستياً أيضاً. يقول ضباط بارزون في القوات الجوية التركية إن تشغيل المقاتلات الروسية بعد تأمين التدريب والصيانة وقطع الغيار وتأسيس المواءمة مع الرادارات سيستغرق عقداً من الزمن على الأقل. بالنسبة إلى بكديل، "هنالك أوقات عصيبة أمام القوات الجوية التركية".