الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.(أرشيف)
الجمعة 22 يناير 2021 / 12:44

تقرير أوروبي: أردوغان العدو الذي يعيش بيننا

استباقاً للمحادثات حول التوترات في شرق البحر المتوسط المقرّر إجراؤها في 25 يناير (كانون الثاني) الجاري، رأت مديرة العلاقات الدولية في مركز الشؤون السياسية والخارجية كيلي الخولي أنه في الوقت الذي يمدّ فيه الاتحاد الأوروبي غصن زيتون آخر، يتطلّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحروبه المقبلة.

تردّد الاتحاد الأوروبي في فرض أدنى العقوبات على تركيا، دليل على انقسامه وضعفه، وهو أمر يُشجّع السلطان الجديد

وحذّرت الخولي، في مقال في موقع "مودرن ديبلوماسي"، من أن يتجاهل الاتحاد الأوروبي، خلال المحادثات المقبلة حول شرق المتوسط، مخاطر العدوان التركي الأحادي الجانب على جميع الجبهات. إذ لم يبذل أردوغان أي جهود حقيقية لتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، باستثناء الوعود غير المجدية بين الحين والآخر بفتح صفحة جديدة. ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حض العالم الإسلامي على مقاطعة المنتجات الفرنسية، واستمرّ بالتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، وتجاهل بشكل صارخ حظر الأسلحة في ليبيا، وساعد أذربيجان في ارتكاب جرائم حرب في ناغورنو قره باخ.

موقف عدائي مُتزايد
على الرغم من التحذيرات العديدة الصادرة عن الإتحاد الأوروبي، والمحاولات الديبلوماسية العديدة الفاشلة لحلّ الأزمة في شرق المتوسط، وعدت قمة الإتحاد الأوروبي الأخيرة بمعاقبة بعض المسؤولين الأتراك. هذا الوعد الرمزي البسيط لا يتعدّى كونه "صفعة" أثبتت أنها غير ناجحة في ردع الميول العدوانية لتركيا. فمواقفها العدائية المُتزايدة، واستخدامها أزمة اللاجئين، وانتهاكها الواضح للقانون الدولي في شرق البحر المتوسط وليبيا وسوريا وناغورنو قره باغ يُمثّل خطراً على القيم الأوروبية والهوية والأمن.

ديكتاتور في طور التكوين
يجد العالم نفسه أمام ديكتاتور في طور التكوين، يحلم بعودة الإمبراطورية العثمانية، ويسعى إلى تدمير الإرث الديموقراطي والعلماني لأتاتورك. وهو من أشدّ المؤيدين للإسلام السياسي- وخاصّة الإخوان المسلمين- ويتّهم الغرب بلا هوادة بأنه يريد "إعادة شنّ الحروب الصليبية" ضد الإسلام.

منذ عام 2014، عمل أردوغان وجهاز الاستخبارات التركية (MIT) باستمرار على تسهيل حركة العبور عبر الحدود إلى سوريا، وشحن أسلحة غير مشروعة إلى عدد من الجماعات الجهادية المتطرّفة. كما تستخدم الحكومة التركية جمعية "سادات" ( SADAT Defense) ، وهي جماعة إسلامية شبه عسكرية مُوالية لأردوغان، لمساعدة الجماعات التي يُمكن اعتبارها منظمات إرهابية مثل "فرقة السلطان مراد" و"أحرار الشام" في شمال سوريا، وتستخدم مُقاتليها لإرسالهم إلى ليبيا وناغورنوقره باغ، ومؤخراً كشمير من أجل تعزيز السياسة الخارجية لتركيا.

سياسات انقسامية
ويستخدم أردوغان مزيجاً من الإسلام والقومية لتوسيع نفوذ تركيا في جميع أنحاء العالم، وتوطيد سلطتها في الداخل. الفصيلان الأكثر نفوذاً في تركيا هما الإسلاميون المتطرّفون والقوميون الجدد العلمانيون، الذين يحتقرون بعضهم البعض لكنهم يشتركون في ازدراء عميق للغرب. بفضل القوميين الجدد والزعيم الإرهابي الماوي السابق دوغو بيرينجيك، تمتّعت تركيا بعلاقات أكثر دفئاً مع روسيا والصين على مدى السنوات الخمس الماضية. ونتيجة لهذه التحوّلات في التحالفات وتزايد المشاعر المعادية للغرب، تزايد خلاف تركيا مع الغرب.
علاوة على ذلك، يدفع الإستياء المتزايد في الداخل التركي اردوغان إلى تبنّي تكتيكات أكثر عدوانية، وسياسات انقسامية، ويعكس سلوكه توجّهات زعيم سلطوي مذعور. يبحث أردوغان بيأس عن صراع لصرف انتباه الشعب التركي عن تدهور الليرة، وسوء التعامل مع تفشّي جائحة كورونا، وتدهور الإقتصاد.

عمليات تطهير
من المُرجّح أن تُحدّد الإنتخابات االمقبلة، المُقرّر إجراؤها في غضون ثلاث سنوات، مستقبل تركيا. إذا فاز أردوغان في الانتخابات المقبلة، فسيؤدي ذلك إلى ترسيخ سلطته وتُقرّبه خطوة أخرى نحو تحويل تركيا إلى دولة ديكتاتورية. فخلال سنوات حكمه، أجرى اردوغان سلسلة من عمليات التطهير لإضعاف وإسكات المُعارضين.

ومع ذلك، فإن الخسارة التي مُني بها حزب اردوغان في الإنتخابات البلدية الأخيرة في اسطنبول وأنقرة في 2019، دليل على تراجع شعبية اردوغان، وتُقدّم بصيص أمل للمعارضة. وتُمثّل الشخصيات السياسية مثل رئيس بلدية اسطنبول الجديد أكرم إمام أوغلو، أو رئيس بلدية أنقرة الجديد منصور يافاش، مستقبلاً أكثر إشراقاً لتركيا.

فرصة نادرة
يجد أردوغان نفسه حالياً في موقف ضعف، وهو ما يُمثّل فرصة نادرة للإتحاد الأوروبي للتحرّك الفعلي ضدّه. لسوء الحظ، لا يزال الإتحاد الأوروبي منقسماً بشدة حول كيفية التعامل مع وضع يستمرّ في التدهور. يبدو أن بعض الدول الأعضاء، وخاصة ألمانيا، تتمسّك بالإعتقاد الساذج بأنه لا يزال من المُمكن تطويع أردوغان.

إن تردّد الاتحاد الأوروبي في فرض أدنى العقوبات على تركيا، دليل على انقسامه وضعفه، وهو أمر يُشجّع السلطان الجديد. ولعل الردّ القوي والمُوحّد من الإتحاد الأوروبي هو السبيل الوحيد لكبح أجندة أردوغان التوسّعية. يجب أن يشمل ذلك إعادة التفاوض بشأن اتفاقية المهاجرين، وفرض عقوبات على جمعية "سادات" وزعيمها عدنان تانريفيردي، وفرض حظر على الأسلحة، وتعليق الإتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وأخيراً تعليق عضوية تركيا في "الناتو".

وختمت الخولي قائلة إن "سياسة أردوغان الخارجية العدائية وخطابه القومي الإسلامي المثير للجدل، يجعلان من المستحيل علينا اعتبار تركيا-أردوغان حليفتنا. ففي الوقت الذي يمدّ فيه الإتحاد الأوروبي غصن زيتون آخر، يتطلّع أردوغان لحروبه المقبلة".