الإثنين 25 يناير 2021 / 12:51

عاصفة أمريكية تهب على تركيا قريباً... في انتظار حصر الأضرار

كتب وزير الخارجية التركي الأسبق يشار ياكيش أن تركيا تخشى الأسوأ مع تسلم الرئيس الديموقراطي جو بايدن الرئاسة.

أياً كان الموقف السلبي الذي اتخذه المعينون ضد تركيا، في الماضي، فإن إحدى المزايا هي أن معظمهم يعرفون أنقرة جيداً، وسيحاولون على الأرجح إبقاءها تحت السيطرة دون المخاطرة بفقدانها كحليف

ولفت في مقال في صحيفة "آراب نيوز" إلى أن أول مؤشرات الصورة القاتمة بين تركيا والولايات المتحدة ظهرت من شخص رئيسي في الإدارة الجديدة الأسبوع الماضي، عندما قال المرشح لمنصب وزير الخارجية أنتوني بلينكين يوم الثلاثاء، إن "الفكرة القائلة إن شريكا استراتيجياً ما، يُسمى بشريكنا الاستراتيجي سيكون في الواقع منسجماً مع أحد أكبر منافسينا الاستراتيجيين في روسيا، غير مقبول".

مزيد من العقوبات

ولم يتوقف بلينكن عند هذا الحد. ففي جلسة التثبيت التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال إنه بعد تقييم تأثير العقوبات الحالية على تركيا، على واشنطن تحديد إذا كانت هناك حاجة لمزيد من الضغط.

ويُعرف بلينكن بانتقاداته لتركيا، لكن إشارته إلى حليف في الناتو بـ "شريك استراتيجي مزعوم" حتى قبل أن يتولى منصبه، مؤشر على أن أنقرة ستواجه مهمة شاقة مع هذه الإدارة.  

لويد أوستن

وأشار ياكيش إلى شخصية رئيسية أخرى في فريق بايدن، هو الجنرال المتقاعد لويد أوستن الذي يشغل الآن منصب وزير الدفاع.

ففي 2013، عُين قائداً للقيادة المركزية الأمريكية التي كانت مسؤولة عن الدفاع عن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وجنوب آسيا. وتعاون مع تركيا في إطار برنامج التدريب والتجهيز الأمريكي، في جزء من القتال ضد داعش في سوريا، لكن هذا البرنامج تحول لاحقاً إلى فشل.

فبعد تدريب مقاتلي المعارضة السورية المسلحة في تركيا، أرسلوا إلى سوريا في 12 آلية مزودة بمدافع رشاشة، ولكن فور عبورهم الحدود، سلم عدد منهم شاحناتهم وأسلحتهم وذخائرهم إلى "جبهة النصرة".

بعد تلك الانتكاسة، لجأ أوستن إلى المقاتلين الأكراد لأن الولايات المتحدة اعتبرتهم، رغم معارضة تركيا القوية، أموثوقين وأفضل مقاتلين. كان أوستن أول مسؤول عسكري أمريكي يعترف، في جلسة استماع لمجلس الشيوخ في سبتمبر(أيلول) 2015، بأن الولايات المتحدة كانت منخرطة مع المقاتلين الأكراد في وحدات حماية الشعب، وأنها كانت تقدم خدمات استشارية ومساعدة للأكراد.

وتقاعد أوستن في 2016، لكنه لعب دوراً حاسماً في تسليح المقاتلين الأكراد أثناء قيادته للقيادة المركزية الأمريكية.

وبعدما أصبح الآن مسؤولاً عن تنفيذ الخطط العسكرية الأمريكية ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن في جميع أنحاء العالم، فإن لتركيا، سبب يدعو للقلق.

بريت ماكغورك
والمسؤول الثالث الذي لم يؤد تعيينه إلى بهجة في تركيا هو بريت ماكغورك، الممثل الخاص للبيت الأبيض في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي يعتبر مهندس السياسة الأمريكية تجاه الأكراد السوريين. ووجهت إليه وسائل الإعلام التركية انتقادات بسبب علاقاته مع أكراد سوريا.

جايك سوليفان
وتناول يشار أيضاً مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، معتبراً أنه اسم آخر كانت لتركيا بعض الشكوك حوله في الماضي.

وفي مقال كتبه في 2017، شبه الرجل اعتقال تركيا لبعض موظفي السفارة الأمريكية في تركيا بـ "أخذ الرهائن" وانتقد بشدة عمليات أنقرة العسكرية ضد الأكراد في العراق. كما انتقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لأنه لم يكن صارماً بما يكفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

واقترح فرض عقوبات على المسؤولين الأتراك المتورطين في الفساد وعلى مسؤولين في قطاع الدفاع.

جو بايدن
وأخيراً وليس آخراً، ذكر يشار أن الرئيس جو بايدن نفسه، انتقد تركيا في مناسبات عديدة. وبصفته عضواً في مجلس الشيوخ، فإنه إما رعى أو دعم العديد من القرارات ضد مصالح تركيا.

إلى ذلك، لفت يشار إلى أن تفاصيل سياسة بايدن تجاه إيران ستكون عاملاً مهماً في مستقبل العلاقات التركية الأمريكية.

فقد لا تحب أنقرة استخدامها بيدقاً في سياسة واشنطن تجاه إيران، لكنها قد لا تعارض التعاون الثلاثي مع الولايات المتحدة، والعراق. وتركيا في حاجة إلى تعاون العراق لمواصلة الضغط على "حزب العمال الكردستاني"، المصنف منظمةً إرهابيةً في الولايات المتحدة.

لذلك قد تتعاون واشنطن مع تركيا في العراق للمزيد من الضغط على إيران. ولكن مثل هذا التعاون لا يعني أن الولايات المتحدة ستتخلى عن تعاونها مع الأكراد السوريين.

علاوة على ذلك، وبسبب خبرته الطويلة في الشأن العام، يدرك بايدن أهمية تركيا للمجتمع الأوروبي الأطلسي. لذلك، سيكون قادراً على تقييم إيجابيات وسلبيات أي خطوة قد تثير عداء تركيا.

هناك أسماء أخرى أيضاً، ولكن من المتوقع أن تتخذ الأسماء المذكورة أعلاه قرارات تنفيذية من شأنها أن تؤثر على تركيا بشكل أو بآخر.

عاصفة
وأكد ياكيش أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني)  الماضي خضعت لمراقبة عن كثب في تركيا، ولا بد أن البيروقراطية التركية أعدت سيناريوات عدة للمفاوضات في المستقبل. وأياً كان الموقف السلبي الذي اتخذه المعينون ضد تركيا، في الماضي، فإن إحدى المزايا هي أن معظمهم يعرفون أنقرة جيداً، وسيحاولون على الأرجح إبقاءها تحت السيطرة دون المخاطرة بفقدانها كحليف.

وخلص الوزير الأسبق إلى القول: "ربما ثمة عاصفة آتية، لكن لا يزال من الصعب التنبؤ بالضرر الذي ستسببه".