الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الأربعاء 27 يناير 2021 / 22:35

أردوغان يُذكي ظاهرة "الإسلاموفوبيا" ويدعي محاربتها

24 - أحمد إسكندر

يرى خبراء في "الإسلام السياسي"، أنّ حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا ساهمت خلال السنوات الأخيرة عبر سياساتها التحريضية بتفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب.

تساهم مزاعم تركيا بمحاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا في زيادة التحريض عليها بطريقة غير مباشرة، أي تقوم بصناعتها في الوقت الذي تدّعي محاربتها

الوعي المجتمعي في أوروبا لا يعتبر الإسلام ديناً وإنما "إيديولوجية سياسية"

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال إن "الوقت قد حان لقول كفى للإسلاموفوبيا، ومعاداة الأجانب، المتصاعدة في السنوات الأخيرة بتأثير من المنصات الرقمية ووسائل الإعلام" لكن المتابع يرى غير ذلك.

مضمون كلمة أردوغان جاء في رسالة مصورة نشرها الأربعاء، عبر "موقع رئاسة الاتصال التركية"، بمناسبة اليوم العالمي لإحياء ذكرى "الهولوكوست" (جرائم النازية في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية). وتم نشر الرسالة عبر موقع "Weremember.gov.tr" الحكومي، الذي أطلقته الرئاسة بالتعاون مع وزارة الخارجية التركية، اليوم  الأربعاء،بالتزامن مع ذكرى الهولوكوست.

تأثير سلبي
وذكر خبراء في الإسلام السياسي لصحيفة "أحوال" التركية أنّ تنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في أوروبا خصوصاً، يعكس حجم التأثير السلبي للمنظمات الإسلامية ذات الطابع المُتشدد والفكر الإخواني، كالاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في ألمانيا وفرنسا، والذي تتهمه منظمات كنسية بأنّه يسعى لعزل المسلمين عن مجتمعاتهم.

وشدد أردوغان على أنه يجب على المجتمع الدولي التحرك من أجل عدم تكرار بعض المآسي مثل الهولوكوست، وتلك التي وقعت في البوسنة والهرسك، وكمبوديا، وتأتي هذه التصريحات في بابا المقارنة وكأنه يقول "إن عدتم عدنا" وهو شعار مقتبس من قبل أغلب التنظيمات التي تحمل الفكر المتشدد من القاعدة وداعش وحتى جماعة الإخوان المسلمين المتنائرة في أصقاع الأرض.

وأردف أن القرن الماضي أظهر حجم المآسي التي تسببت بها الأيديولوجيات العنصرية، مشيرا أن علامات المجازر مثل الهولوكوست، والبوسنة والهرسك، ورواندا، وكمبوديا، كانت واضحة قبيل ارتكابها، من خلال العنصرية والتهميش وخطابات الكراهية الممنهجة.

مصالح شخصية
وبحسب خبراء يستثمر أردوغان في "الإسلاموفوبيا"، ويوظّف الأمر لخدمته الشخصية، فهو من جهة يبدو الحالم بدور السلطان العثماني الذي كان خليفة للمسلمين، ومن جهة أخرى يظهر نفسه الرئيس العصري الذي يمثّل وجهاً معاصراً للإسلام، يسعى إلى تعميمه في المنطقة، ويحتكر القيادة الإسلامية في رؤاه وتوجّهاته التي تعكس ألاعيب تنظيم الإخوان المسلمين العالميّ الذي يصدّر تركيا كقائدة ومستخدمة له.

وذكر تلفزيون دويتشه فيله الألماني (في إطار الذكر على ماسبق) تعول تركيا على المساجد التابعة لها في أوروبا للتأثير على المسلمين وبثّ خطابها السياسي، وهو ما أكدته أجهزة الاستخبارات الألمانية، حيث يُعتبر "ديتيب" وسيلة أساسية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي للتجسّس على الأتراك في ألمانيا.

وتساهم مزاعم تركيا بمحاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا في زيادة التحريض عليها بطريقة غير مباشرة، أي تقوم بصناعتها في الوقت الذي تدّعي محاربتها، ما يدفع الجاليات المسلمة إلى التقوقع والانعزال على نفسها والابتعاد عن محيطها الأوروبيّ ويخلق حالة من الاغتراب بين أبنائها.

ازدواجية
وعبّر معارضون للرئيس التركي عن استهجانهم "للازدواجية" التي تتخلّل أقوال أردوغان وأفعاله، والتناقض السافر بينهما، ويقولون إن "من المثير للسخرية أن من ينشر الإرهاب والتطرّف ويدفع المجتمعات الغربية لمعاداة الإسلام هو من يدعو إلى مواجهة الإسلاموفوبيا، ويدّعي الدفاع عن المسلمين ضدّ العدوانية والعنصرية والكراهية".

ولعلّ هذا ما برز في يوليو(تموز) الماضي بشكل خاص، إذ ساهم قرار أردوغان بتحويل متحف آيا صوفيا الشهير في إسطنبول إلى مسجد، في إثارة مشاعر الاستياء في أوروبا والعالم ومنظمة اليونسكو، لما يمثله المتحف من رمز مسيحي وتراثي بعد أن كان في الماضي كنيسة، حتى أنّ البابا فرنسيس قال حينها: "أفكاري تتجه إلى إسطنبول، أفكّر بآيا صوفيا. إنني حزين جداً".

وأظهرت دراسات أنّ الوعي المجتمعي في أوروبا لا يعتبر الإسلام ديناً وإنما "إيديولوجية سياسية"، وتُحذّر من أن التصورات العقائدية والدينية الصارمة و"عدم التسامح مع الأديان الأخرى" يمكن أن تضر بالديمقراطية على المستوى البعيد.